المشاهد نت

رغم الحظر، صيد مستمر يهدد بانقراض السلاحف في اليمن

صورة مولدة بالذكاء الاصطظناعي عن تهديد الصيد غير القانوني بانقراض السلاحف في اليمن

عدن- محمد الحسني 

 خمسة أنواع من السلاحف تعيش في البيئة البحرية اليمنية هي: السلحفاة الخضراء، السلحفاة صقرية المنقار، السلحفاة كبيرة الرأس، السلحفاة الزيتونية، والسلحفاة الجلدية، وجميع هذه الأنواع مصنفة “أحياء مهددة بالانقراض لدى الاتحاد العالمي لصون الطبيعة، حسب الهيئة العامة لحماية البيئة في عدن.

تقول الهيئة أن جميع هذه الأنواع  مصنفة أنها مهددة بالانقراض لدى الاتحاد العالمي لصون الطبيعة لما تشهده من تناقص حاد في أعدادها على مستوى العالم.

في اليمن يزيد الصيد الجائر وغير المرخص للسلاحف من خطورة انقراض هذه الكائنات البحرية التي يهدد اختفائها الاخلال بالتوازن البيئي في البيئة البحرية اليمنية.

 يقول سالم خميسان، أحد أبناء محافظة سقطرى، والذي يعمل في الصيد منذ 12 عامًا، انه ومجموعة كبيرة من الصيادين في المحافظة قاموا باستهداف و صيد السلاحف البحرية بسبب حجم الإقبال وزيادة الطلب على لحوم السلاحف البحرية مقارنة بندرتها.

وقال الكثير من الصيادين هنا ” يفرحون إذا حصلوا على سلحفاة بحرية” وأضاف يتم استخدام السلاحف كوجبات مباشرة وبحسب طالبيها فأنها مفيدة لزيادة القدرة الجنسية وهو ما يزيد من الطلب عليها.

تم رصد أكثر من 143 حالة صيد لسلاحف بحرية، البعض منها نادرة، ورصد معد التقرير استخدامات السلاحف بعد القيام بصيدها والتي تنوعت بين الاستخدام لغرض الأكل واستخدامتها لأغراض طبية مرتبطة بتصور قدرتها على زيادة القدرة الجنسية

 وبحسب إحصائية تقديرية فأن سالم قام بصيد أكثر من عشرين سلحفاة بحرية خلال العام 2023، والأمر مشابه مع الآخرين. 

معد التقرير رصد حالات الصيد الجائر في ست محافظات (شبوة، سقطرى، عدن، الحديدة، حضرموت والمهرة) خلال الفترة ( مايو – ديسمبر) من العام الفائت.

 حيث تم رصد أكثر من 143 حالة صيد لسلاحف بحرية، البعض منها نادرة، ورصد معد التقرير استخدامات السلاحف بعد القيام بصيدها والتي تنوعت بين الاستخدام لغرض الأكل واستخدامتها لأغراض طبية مرتبطة بتصور قدرتها على زيادة القدرة الجنسية، بالاضافة إلى استخدامات اخرى مرتبطة بصناعة بعض المواد، للتجارة و الزينة و هواة جمع الحيوانات النادرة.

ورصد  معد التقرير أيضا استهداف الكثير من الصيادين أعشاش السلاحف لغرض الحصول على البيض والمتاجرة بها. 

احتلت محافظة عدن النسبة الأكبر في عدد حالات الصيد الغير مرخصة للسلاحف البحرية بواقع  72 حالة صيد من إجمالي 143 حالة ، تلتها محافظة سقطرى بواقع 31 حالة، والأخرى تم رصدها في المحافظات الأخرى التي شملت شبوة، حضرموت، والمهرة. 

تم رصد الحالات من خلال تواصل معد التقرير مع الصيادين والمهتمين بالسلاحف في المناطق التي شملها الرصد، إلى جانب بيانات من شركة أولتارا والهيئة العامة لحماية البيئة. وقال تقرير أولتار إن “الشواطئ اليمنية على خليج عدن تعد واحدة من أهم المناطق العالمية لتعشيش السلاحف البحرية، وهي اليوم بأمس الحاجة للحماية سواء في البحر أو في مواقع التعشيش.” 

تنص المادة ( 52) الفقرة ج من القانون رقم (2) لسنة 2006م بشأن تنظيم واستغلال الأحياء المائية وحمايتها ” يحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري صيد الحيتان والثديات البحرية وصيد السلاحف المهددة بالانقراض أو أو استعمال بيضها عدا المخصص للأبحاث العلمية بترخيص من الوزارة.

 ياتي ذلك إلى جانب حالات النفوق التي تم رصدها وبلغت العشرات في محافظتي شبوة وعدن، ويرتبط نفوق السلاحف البحرية بالتلوث البيئي و النفطي و مخلفات الصيد.

نفوق السلاحف 

نفوق السلاحف في محميات التعشيش والسواحل اليمنية- تصوير شركة اولتار اليمن الاستشارية

يعد الصيد الغير المرخص المهدد الأول للسلاحف البحرية في اليمن. ويعتبر التلوث البحري عاملًا آخر يساهم في نفوق السلاحف البحرية وتدهور بيئتها المحيطة، وذلك نتيجة تسرب النفط والمواد الكيميائية والنفايات الصلبة والسائلة إلى البحر من المنشآت والسفن الصناعية، بحسب تقرير الدكتور عبدالمنعم بن حبتور رئيس فرع الهيئة العامة للمساحات الجيولوجية والثروات المعدنية بمحافظة شبوة. 

إن الصراع القائم في اليمن منذ تسعة أعوام، وغياب تطبيق القانون، ساهم في تعرض البيئة إلى كوارث متعددة، واضاف ان السلاحف البحرية التي تعد جزء هام من النظام البيئي تعرضت إلى الصيد الجائر والنفوق لأسباب عدة مرتبطة بالتلوث البيئي

وحسب التقرير تم رصد نفوق عدد كبير من السلاحف البحرية في شواطئ المحافظة، ويرجع بن حبتور السبب إلى وجود منشآت تصدير النفط والغاز في موانئ بالقرب من مناطق عيش و تعشيش السلاحف البحرية. يأتي ذلك إلى جانب حوادث التسربات النفطية في سواحل محافظتي شبوة وعدن. 

إقرأ أيضاً  محافظ البنك المركزي يدعو للشراكة لتحقيق الشمول المالي

التغيرات المناخية هي الاخرى ساهمت في التأثير السلبي على وجود السلاحف البحرية، و أدت عوامل مثل ارتفاع درجة حرارة الماء والهواء والرمال و تغيرات مستوى سطح البحر وتزايد حدة الأمطار والعواصف، إلى التأثير على مواقع التعشيش والتغذية والهجرة للسلاحف البحرية. 

هذا وتتأثر بيوض السلاحف بدرجة الحرارة، والاخيرة تحدد جنس هذه البيوض، إذ إن الذكور تتكون في مناخ أبرد من ذلك الذي تحتاجه الإناث للتكوين، وبحسب دراسات محلية أجريت في بعض المناطق الساحلية فإن المناخ وتغير درجة الحرارة زادت من نسبة الإناث مقارنة بالذكور إلى أكثر من 90% وأن هذه الزيادة تهدد بإنقراض السلاحف خلال الأعوام المقبلة. 

انقراض السلاحف البحرية قد يهدد بشكل مباشر البيئة البحرية والبيئة المحيطة، حيث تحافظ السلاحف البحرية على العشب البحري وتساعد في تنقية المياه وتثبيت الرمال وتخزين الكربون والاكسجين، وتعمل السلاحف البحرية على تقليم العشب البحري وإزالة الاجزاء القديمة والمريضة، إضافة إلى حفاظها على توازن الغذاء في البحر.

وبحسب تقرير شركة اولتارا اليمن الاستشارية الذي تم في مايو 2022، فإن الشواطئ اليمنية تعد واحدة من أهم المناطق العالمية لتعشيش السلاحف البحرية، وتتمتع اليمن بانتشار واسع لمناطق تعشيش السلاحف البحرية في السواحل الجنوبية والشرقية، منها محميات «شرمة وجثمون وجزيرة ميون وخور عدن ورأس عمران وعرقة والنشيمة وبئر علي  وسيحوت وخلفوت وجزر أرخبيل سقطرى».

غياب الجهود الرسمية 

يتم تجاهل القانون في ظل الحرب القائمة والنزاعات السياسية. نتج عن هذا عدم اتخاذ الجهات التنفيذية أي إجراءات من شأنها الحفاظ على البيئة والسلاحف البحرية. حيث تم رصد إرساليات من الادارة المحلية بمحافظة الحديدة ومحافظة عدن توضح وتطالب  بضرورة منع الاصطياد الجائر والحفاظ على السلاحف البحرية، ولكن دون أي تنفيذ من هذه الجهات على أرض الواقع.

يقول مكتب النائب العام في عدن في تقرير دوري نشر على موقع مكتب النائب العام في 2021 أن النائب العام وجه جميع أعضاء النيابة بالتحقيق والتصرف في كافة القضايا الخاصة بجرائم البيئة وفقا لمتضمنات قوانين حماية البئية ،بما في ذلك جرائم الاتجار بالحياة البرية كل حسب الاختصاص المكاني.

السلاحف لإنقاذ حياة الانسان 

سلحفاة بحرية في أحد محميات التعشيش – مصدر الصورة شركة اولتار اليمن الاستشارية

يقول الدكتور عبدالغني جغمان استشاري تنمية الموارد الطبيعية لشركة اولتارا اليمن  الاستشارية ، إن الصراع القائم في اليمن منذ تسعة أعوام، وغياب تطبيق القانون، ساهم في تعرض البيئة إلى كوارث متعددة، واضاف ان السلاحف البحرية التي تعد جزء هام من النظام البيئي تعرضت إلى الصيد الجائر والنفوق لأسباب عدة مرتبطة بالتلوث البيئي والتلوث النفطي الذي شهدته بعض الموانئ اليمنية.

وذكر جغمان أهمية الحفاظ على السلاحف البحرية في كونها تحد من تكاثر قناديل البحر وتحافظ على صحة الشعب المرجانية والسلالات الغذائية في البحر.

 وتحدث جغمان أن للسلاحف دور كبير في تعزيز وتفعيل السياحة وجودة التربة الشاطئية والدور الحيوي في سلامة البيئة البحرية، وقال إن العالم الذي لا تستطيع السلاحف البحرية أن تعيش فيه لا يستطيع الإنسان أن يحيا فيه ايضًا إلا بصراع مستمر، وأضاف ” علينا ان نتعلم من أخطاءنا والبدء في تغيير سلوكنا، وانه لايزال هناك وقت لإنقاذ السلاحف البحرية من الانقراض، فحماية أكثر الكائنات غموضًا واعرقها على وجه الأرض قد يكون ملاذًا لإنقاذ حياة الانسان” 

مقالات مشابهة