تعز-هائل الفقيه
العمليات الجراحية المعقدة، والأمراض المزمنة، تجبر المرضى في اليمن على السفر إلى الخارج للحصول على الرعاية الطبية والأدوية في المراكز الصحية المتقدمة. قد يستطيع بعض المرضى توفير المبالغ المالية التي يتطلبها السفر، لكن الكثير منهم يجدون ذلك مستحيلا بسبب ظروفهم المادية، والوضع الاقتصادي الذي تشهده البلاد.
تعد العمليات الجراحية الخاصة بالقلب من أكثر العمليات تعقيدا، وليس للمرضى الفقراء سواء اقتراض الأموال أو بيع الممتلكات من أجل السفر لتلقي العلاج خارج اليمن، أو البقاء في ألم ومعاناة حتى الوفاة.
على الرغم من تدهور القطاع الصحي في اليمن منذ اندلاع الحرب عام 2015، إلا أن بعض المراكز الطبية استطاعت أن تحدث فرقا في حياة العديد من المرضى، وأجرت عمليات جراحية معقدة، وقدمت رعاية طبية متميزة لإنقاذ العديد من المرضى.
منذ افتتاحه عام 2021، أجريت العديد من عمليات القلب المفتوح والمعقدة في مركز القلب والأوعية والدموية في مديرية التعزية بمحافظة تعز، وتمكَن المركز من التخفيف من معاناة العديد من مرضى القلب، في ظل ظروف الحرب والحصار وصعوبة السفر إلى الخارج.
محمد عبدالقوي، 65 عاماً، يقول ل “المشاهد”: “كنت أعاني من صعوبة في التنفس، وعدم القدرة على العمل، ولم أستطع المشي لبضع دقائق بسبب الشعور بالإرهاق. أخبرني الأطباء أنني بحاجة لعملية قلب مفتوح خارج اليمن، لكن ظروفي المادية لا تسمح. الحمدلله، تمكن فريق مركز القلب بتعز من إجراء العملية ومساعدتي كثيراً في دفع تكاليفها. وحالتي اليوم أفضل بكثير”.
علي عياش، طفل في الخامسة من عمره من محافظة الحديدة، يعاني من ثقب في القلب منذُ الولادة. ذهب والد الطفل إلى بعض المراكز الطبية بصنعاء والحديدة في السنة الأولى من عمر الطفل. قرر الأطباء إجراء عملية جراحية، لكن عياش لم يستطع توفير المبلغ بسبب ظروفه المادية.
في حديثه ل “المشاهد”، يقول عياش: “أخبرني أحد الاصدقاء بأن مركز القلب في تعز قد يساعدني في إجراء العملية لطفلي، فسافرت من صنعاء إلى تعز، وتوجهت إلى مركز القلب، وعرضت عليهم حالة ولدي، والحمدلله تم إجراء العملية لولدي، وساعدني المركز في التكاليف المادية”.
الطبيب الجراح أحمد عبدالعزيز، قائد الفريق الطبي الذي أجرى عملية الطفل علي عياش، يقول ل “المشاهد”: “حالة الطفل نوع من العيوب الخلقية، والكثير من الأطفال لايجدون فرصة لإجراء العملية بشكل سلس وميسر. ففي مثل حالة هذا الطفل، يفضل أن تجرى العملية في السنة الأولى”.
يضيف: “حالة الطفل تتمثل بوجود فتحة بين البطينين، ومشكلة هذه الفتحة أنها تؤثر على الضغط الرئوي، فتعمل على رفعه، وقد يصل الطفل إلى مرحلة تكون فيها العملية غير متاحة طبياً بسبب حالة المريض”.
يشير عبد العزيز إلى أن العملية استمرت خمس ساعات، وتكللت بالنجاح، وتم إغلاق الثقب، ولم ينجم عن ذلك مضاعفات على صحة الطفل.
يقول الطبيب الجراح أبو ذر الجندي، رئيس مركز القلب والأوعية الدموية بتعز إن عددا من الجهات الحكومية والخاصة أسهمت في إنجاح المركز، مشيرا إلى أن الجمعية الخيرية لمجموعة هائل سعيد كانت كانت الداعم الأول للمركز. يتطلع الجندي إلى حصول المركز على دعم أعلى من خلال الشراكة مع الجهات المانحة، لكي تكون العمليات الجراحية للمرضى مجانا بشكل كامل.
وبحسب إحصائية لمركز القلب والأوعية الدموية بتعز، استفاد 44 ألف مريض من الخدمات الطبية المتنوعة التي قدمها المركز منذ افتتاحه في أغسطس 2021 حتى نهاية 2023.
توضح الإحصائية أن المركز أجرى 650 عملية قلب مفتوح بنجاح،و 36 عملية زراعة كلى، و1391 عملية للأوعية الدموية بجهود فريق من الأطباء والممرضين اليمنيين.
