المشاهد نت

في تعز الطفل غازي يصارع الموت جوعاً

تعز – أحلام محمد :

يدفع الطفل غازي (10 أعوام) وغيره من الأطفال، ثمن الحرب التي اندلعت في سبتمبر 2014، في اليمن، بعد صراعه المرير مع الجوع.
بجسم ذابل تملؤه التجاعيد، وجسد ممدد تظهر فيه العظام بشكل واضح، وصل غازي إلى أحد مستشفيات مدينة تعز (جنوب عربي اليمن)، وهو في حالة صعبة، لا يقوى على الوقوف، أو الحديث، بسبب الجوع الذي أنهكه، بعد إصابته بسوء التغذية الحاد، مع وصول وزنه إلى 8 كيلوجرامات.
غازي الذي ينتمي لمديرية جبل حبشي (جنوب غرب مدينة تعز)، واحد من ملايين اليمنيين الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة، كان يعمل مع شقيقه البالغ من العمر 12 عاماً، بائعاً متجولاً، بعد إصابة والدهما بالشلل، ويعودان بالدخل المتواضع الذي يحصلان عليه، لينفقاه على أسرتهما المكونة من 8 أفراد، جلهم من النساء.
النقود التي يتحصلان عليها لا تفي بأدنى متطلبات الأسرة، برغم التعب الذي يتعرضان له جراء تنقلهما من مكان لآخر للبيع، واكتفائهما بوجبة واحدة كل يوم.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد حالات المجاعة في محافظة تعز التي يسكنها قرابة 3.5 مليون نسمة، من يناير حتى سبتمبر 2018، بلغت حوالي 9721 طفلاً، فيما بلغت في العام 2017 حوالي 17417 طفلاً.
ويؤكد مدير مكتب الصحة العامة والسكان بتعز عبدالرحيم السامعي، في تصريحات متلفزة، أن هذه الأرقام تدق ناقوس خطر ولوناً أحمر أمام المنظمات الدولية، لافتاً إلى أنهم ينتظرون منها مزيداً من التدخل، عن طريق وزارة الصحة، وتحت إشراف مباشر، حتى تتم الاستفادة من المساعدات التي ستقدمها للمحافظة.
مديرية جبل حبشي التي يبلغ عدد سكانها 119 ألف نسمة، ليست الوحيدة التي تتوسع فيها دائرة المجاعة، فقد عانت مديرية الأزارق بمحافظة الضالع (جنوب اليمن) ومديرية أسلم بمحافظة حجة (شمال غرب اليمن)، فصولاً من مأساة المجاعة التي ضربت السكان هناك.
قضى الطفل غازي نصف عمره منذ بدء الحرب باليمن، لكنه على ما يبدو أنه لن يطول به المقام في ظل الوضع الذي تعيشه أسرته المهددة هي أيضاً بالموت جوعاً بعد انقطاع ما كان يوفره لهم من نقود لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة.
وتعيش اليمن تدهوراً اقتصادياً غير مسبوق، فقد وصل سعر الدولار الواحد إلى 750 ريالاً يمنياً، وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير بأسعار المواد الغذائية، الأمر الذي فاقم من معاناة اليمنيين في ظل الحرب.
وزادت عمالة الأطفال في اليمن بشكل كبير، فنسبة الفقر والبطالة تجاوزت الـ80%، في الوقت ذاته تتحدث منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، عن حاجة أكثر من 82% من اليمنيين للمساعدات الإنسانية.
وحذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، أمام مجلس الأمن مؤخراً، من “مجاعة كبرى وشيكة” في اليمن لم يشهدها العالم منذ عقود، فحوالي 2.5 مليون يمني من المحتمل أن يعانوا من انعدام حاد في الأمن الغذائي، خلال الأشهر المقبلة، ليضاف ذلك إلى 8 ملايين نصل إليهم شهريًا بالمساعدات، ليصبح العدد 11 مليونًا.
ويقول صندوق الأمم المتحدة للسكان، إن المجاعة في اليمن أسوأ الكوارث الإنسانية التي صنعها الإنسان في التاريخ الحديث.
أدت تلك الظروف إلى تشرد الكثير من الأسر، وخروج عدد منهم للعمل في مهن بسيطة، كما تهدد المجاعة 5 ملايين طفل آخر سيقضون إن لم يتم تقديم المساعدات الإنسانية لهم.

مقالات مشابهة