المشاهد نت

سوق مالي لتداول العملات (بورصة)2-2

تعز -ياسر المقطري: 

أكثر من (15) شبكة أو منصة لتداول العملات تم تأسيسها خلال الفترة من 2016 وحتى يومنا هذا، ومجملها تتبع محلات صرافة كبيرة ومعروفة، ويرتبط بتلك الشبكات أكثر من 1300 صرَّاف ومحل صرافة بعضها مرخص وغالبيتها بغير تراخيص، تقوم هذه الشركات بالمضاربة بشراء وبيع العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني فيما بينها، كما يؤدوا دور (السماسرة) لكثير من التجار والمحلات التجارية والمضاربين.

السوق الموازية تتطور وتتنظم أكثر من النظام، القطاع البنكي يفقد الكثير، والاقتصاد الرسمي كل يوم ينكمش ويخسر في ظل مكاسب السوق الموازية التي تصب في صالحها الكثير من المتغيرات السياسية والاقتصادية المفروضة من منظومة السلطات متعددة الولاءات، للإقليم.

لم يعد يشكل الاقتصاد الرسمي بأحسن أحواله 20% من الاقتصاد ككل، الكل يتهرب من دفع ماعليه من مخصصات ويتهرب ضريبياً حتى مصلحة الضرائب تتهرب أخلاقياً وقانونياً عن إتاحة بياناتها للجميع، الجميع يمارس أنشطته التجارية بأسماء خارج سجلات الدولة القليل من بقي يلتزم بالقليل من الشفافية وينشر قوائمه المالية حتى البنك المركزي يلزم البنوك بنشر بياناتها المالية وينسى نفسه.

إن تعطيل النشاط الاقتصادي والمؤسسات السيادية فيه كالموانئ والمطارات والمنافذ وإفشال عمل مؤسسات الدولة وتسليمها لوكلاء الإقليم ما هو إلا سيناريو مشابه لما حدث بالصومال خلال عقود الحرب الأهلية والنتيجة يعرفها الجميع؛ فمن يستفيد ويدير موانئ الصومال اليوم هي “شركة موانئ دبي العالمية”.

سأنقل لكم ما أورده أحد مراكز البحوث والدراسات في الصومال بالنص “يخضع القطاع المصرفي في البلاد لاحتكارات على مستويات عدة، نظرًا لغياب دور البنك المركزي الناظم للعمل المصرفي من حيث نقل الأموال أو أسعار الصرف، إن على مستوى نشاط التحويلات المالية أو تجارة العملات، ليكون على قمة ذلك النشاط شركة حوالات … وعلى الرغم من المساعي المستمرة منذ فترة قصيرة، بتأهيل البنك المركزي الصومالي وتحديث التشريعات الناظمة لقطاع المصارف، فإنّ تحركات شركات الحوالات التقليدية، ناشطة باتجاه عرقلة هذا التطور، عبر أطراف سياسية، وهو ما يؤخر عملية افتتاح بنوك فعلية في البلاد، عدا عن كونها مجرد شركات مسجلة في بلدان أجنبية حاضية بالاعتراف الدولي، وهو ما يراه المراقبون عقبة حقيقية في التطور الاقتصادي في البلاد”، هذا هو السيناريو المراد تكرار تنفيذه في بلادنا بإضعاف كل مؤسسات الدولة الرسمية والشرعية لأغراض حقيرة.

اقتصاد المساعدات والمنح والودائع لن يجدي نفعاً، تُركت الصومال قبل عقدين لتلاقي مصيرها بعد أن أفرغ أمراء الحرب مابجعبتهم من الرصاص، ومع آخر طلقة نفذ معها آخر كيس قمح من مخزون المساعدات، تصدرت المشهد العالمي لفترة من الزمن وتعاطف العالم معها كأسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم، (وشاهدنا الطائر الذي كان يأكل من جسد الطفل الميت) وتدخلت منظمات (الفقر) الدولية لتدير المساعدات والإغاثة الإنسانية وكعادتها تشتري المضخات للآبار الجافة، وتنفق ملايين الدولارات لشراء خزانات المياه البلاستيكية بدلاً من صيانة شبكة المياه المحلية، ثم تعود لتصرف الملايين نفسها للبلاستيك الذي اشترته فهو مضر بالبيئة وسبب رئيس لأمراض السرطان!!

رحل البنك المركزي الصومالي عن القطاع المصرفي وتلاه في الرحيل مباشرة البنوك، وبدأت شبكات الصرافة عابرة القارات وذات النفوذ بالسيطرة على القطاع وأسست شبكات إلكترونية (منصات تداول) لتستحوذ على القطاع المصرفي ككل وإلى اليوم في جمهورية أرض الصومال – كأفضل قطعة جغرافية مستقرة في الصومال- لاتوجد بنوك لا تقليدية ولا إسلامية، وهكذا يتآكل الاقتصاد الرسمي على حساب الاقتصاد الموازي -اقتصاد الظل وتبييض الأموال.

إن أول مطلب للقطاع المالي العالمي لإعادة إدماج النظام المصرفي المحلي بعملة الدولار تحديداً هو ما مدى سيطرة البنك المركزي على أنشطة شركات الصرافة والتي يصنفها النظام المالي العالمي بالكيانات عالية المخاطر –حتى وإن كانت رسمية؟!

فالحل ياسيادة المحافظ ليس في واشنطن ولا في صندوق النقد الدولي؛ أول خطوات الحل هنا في اليمن بقدرتك على السيطرة، وكبح جماح السوق الموازية وإعادة الاعتبار للقطاع البنكي، فلا داعي لإرهاق موازنة البنك والبلد بسفريات مكوكية قبل أن تراقب وتتفحص طبيعة عمل شبكات ومنصات التداول وتتطلع على عملياتها المالية وحجم تداولاتها وأغراض التداول فيها – إن كانت قانونية أصلاً.

مقالات مشابهة