المشاهد نت

“عثمان الأثيوبي” … قصة رحلة الموت وحلم العودة

صورة تعبيرية

عبير عبدالله

قبل أشهر وصل عثمان مع رفاقه المهاجرين الأفارقة إلى ساحل “رأس العارة “بمحافظة لحج جنوب اليمن على متن قارب يضم العشرات من المهاجرين متجهين صوب الحدود السعودية اليمنية للبحث عن فرص عمل بالمملكة الغنية بالنفط الأسود على حد قوله.

ظن عثمان في بادئ الأمر أن حياته ستتغير للأفضل بمجرد أن تطأ قدمه أرض المملكة العربية السعودية، لكن أحلام عثمان مع المئات من أقرانه الأفارقة تبخرت في منتصف شهر مارس الماضي مع تفشي وباء كورونا في معظم دول العالم وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي اتخذت سلسلة كبيرة من الإجراءات الاحترازية بمنع السفر وإغلاق مطاراتها ومنافذها الحدودية مع دول الجوار ومنها اليمن.

يقول عثمان اثيوبي الجنسية والبالغ من العمر 30 عاما: بعد أيام من وصولنا رأس العارة تحولت رحلتنا المحفوفة بالمخاطر والموت لأيام على البحر إلى جحيم لا يطاق، ولم تنته رحلتنا بعد، سلكنا مختلف الطرق بدءا من عدن وعبورا برداع وصولا إلى مدينة تعز.  

يتذكر عثمان أسابيعا وصفها بالسوداوية، ويضيف: لم تمضِ لنا سوى أسابيع قليلة هنا في مدينة تعز حتى اتخذت السلطات المحلية إجراءاتها الوقائية للتصدي لوباء كورونا وتتبع الأفارقة المتسللين إلى السواحل اليمنية.

ويتابع حديثه: بعد استراحة قصيرة اتخذتها أنا وأصدقائي الأثيوبيين من أماكن أعمالنا ألقت الشرطة القبض علينا من وسط شارع جمال باعتبارنا حالات مشتبه بها بكورونا ووضعنا في مراكز العزل لأسابيع ومراقبة أوضاعنا الصحية.

يجد عثمان نفسه في مأزق بعد خضوعه للحجر الصحي وتطبيق السلطات الصحية إجراءاتها للحد من تفشي الوباء باعتبارهم أشخاص حاملين للفيروس، ويضيف لـ “صوت إنسان”: سأعود لبلدي أثيوبيا في حال أعلنت اليمن فتح منافذها، فلم أكن أنوي البقاء في اليمن أو الاستقرار فيها فالوضع هنا لا يختلف كثيرا عن بلدي فكلاهما أشبه بمقبرة جماعية.

وفي تصريح لـ “صوت إنسان”، قال مدير مكتب الصحة بتعز الدكتور راجح المليكي: كجانب إنساني نحن لا نستطيع إعادة أي مهاجر إفريقي إلى بلدانهم، والامر تم مناقشته مع اللجنة العليا للطوارئ، وتم تكليف منظمة الهجرة الدولية بمتابعة كل ما هو متعلق بالمهاجرين الأفارقة وتوليها كل المهام الصحية والغذائية والأمنية والتنسيق مع الجهات الحكومية.

وأوضح المليكي أن هناك تنسيق مع القوات الأمنية بتوجيه الأفارقة إلى الأماكن المخصصة لهم للعبور وتحديد نقاط سير محددة لهم ومراقبة وضعهم الصحي.

إقرأ أيضاً  ضحايا الابتزاز الإلكتروني من الفتيات

ويتم التعامل مع أي أفريقي دخل اليمن خلال جائحة كورونا كحالات مشتبه بها ويتم نقلهم إلى المحاجر الصحية وتحت الرقابة إلى أن يثبت العكس، وشاهدت معدة القصة، عددا من المهاجرين في محجر صحي، تم استحداثه بمنطقة الضباب عند البوابة الغربية لمدينة تعز، كإجراء احترازي لمواجهة الفيروس، كما أكد مسؤول صحي في المحجر، اتخاذ الإجراءات الصحية تجاه الأفارقة ومن ثم تسليمهم للجهات الأمنية.

وأثار استمرار وصول المهاجرين الأفارقة إلى اليمن خشية السلطات الصحية بتعز من تزايد الانتشار بفيروس كورونا في حال كان أحدهم حاملًا للفيروس، وأكد سكان محليون في مديرية ذوباب مشاهدة استمرار عبور عدد من المهاجرين الأفارقة، إلا أن قائد قوات خفر السواحل في قطاع البحر الأحمر العقيد عبد الجبار الزحزوح قال لـ “صوت إنسان”، أن هناك دوريات برية وأخرى بحرية، لمنع تهريب الأفارقة”.

وأوضح الزحزوح، إنه تم تقسيم الساحل إلى عدة قطاعات منذ تشكيل لجنة الوقاية من فيروس كورونا، تمنع تدفق الأفارقة للساحل.

وقال نائب مدير شرطة محافظة تعز ’’انيس الشميري‘‘، أن قضية الهجرة محل قلق كانت خلال مارس وإبريل الماضي، أي قبل ظهور الوباء في اليمن، سيما وأن العديد من الدول في القرن الافريقي كانت أعلنت عن تسجيل حالات فيروس كورونا، وحينها تم اتخاذ إجراءات بإغلاق المنافذ المؤدية إلى عاصمة المحافظة وعدد من المديريات.

وتابع الشميري حديثه: أسفرت هذه الإجراءات، عن تقليل وصول أعداد المهاجرين، ولم يتجاوز عددهم الثلاثين بالمئة، ويدخلون عبر دروب ومسالك جبلية مقفرة وغالبًا مشيًا على الاقدام.

وتقول إحصائيات لمنظمة الهجرة الدولية أن 138الف مهاجر وصلوا من القرن الافريقي إلى اليمن خلال العام الماضي، 90% من أثيوبيا، قاصدين السعودية، بحثا عن فرص للعمل.

ويعد اليمن، وجهة للمهاجرين من دول القرن الإفريقي، لا سيما الصومال وأثيوبيا، ويهدف العديد منهم الانتقال في رحلتهم الصعبة، إلى دول الخليج، خصوصًا السعودية، للبحث عن فرص للعمل.

تنشر هذه القصة بالتزامن مع نشرها في منصة ” صوت إنسان “ “وفقا لإتفاق بين المشاهد والوكالة الفرنسية لتنمية الاعلام CFI

مقالات مشابهة