المشاهد نت

اليد الخفية في حصار تعز

الحصار على مدينة تعز

المخا – شهاب العفيف :

يعيش مواطنو مدينة تعز (جنوبي غرب اليمن)، في حصار مستمر منذ 6 سنوات، بعد أن سيطرت قوات جماعة الحوثي على مداخل المدينة الرئيسية والتباب المحيطة بها، وعمل المواطنون على سلوك طرق بديلة عبر مناطق جبلية وعرة في غرب وجنوب شرق المدينة.

ولكن بعد تحرير منطقة الكدحة من قبل الجيش الحكومي بتعز، مطلع شهر مارس الماضي، تمت السيطرة على الخط الرابط بين مدينة تعز والمخا في الساحل الغربي، واستبشر أبناء تعز بفتح الخط، واعتبروه كسرًا جزئيًا للحصار، إذ إنه سيخفف من معاناتهم في توفير الوقت والجهد والتعب نتيجة الطرق البديلة الوعرة.

لا يعاني أبناء مدينة تعز وحدهم من استمرار قطع خط تعز الكدحة -المخا، فالمواطنون في المديريات الساحلية: الوازعية، موزع، ذوباب والمخا، يعانون  من هذا الإغلاق أيضًا.

ويقول المواطن أحمد نصر، وهو أحد أبناء مدينة المخا، إن المعاناة كبيرة بالنسبة لأبناء المخا والمناطق الساحلية، إذ إن إغلاق طريق الكدحة -المخا حصار يتجرعه أبناء المناطق الساحلية وتعز، عندما يتنقلون من مكان إلى آخر بين الساحل والمدينة.

ويضيف نصر في حديثه لـ”المشاهد”: “لا ندري ما المشكلة من عدم فتح الخط، بخاصة أنه يقع تحت سيطرة قوات موالية للحكومة، وهي محور تعز وألوية العمالقة؟”.

المرضى والطلاب وغيرهم في مناطق الساحل الغربي ممن يريد الوصول إلى تعز، يكابدون المشقة، ويتمنون أن تفتح لهم الطرق القريبة لتخفف معاناة تنقلهم، كونهم يسلكون طرقًا بعيدة وصعبة، والطريق الأقرب لهم مغلق، يقول أحمد.

رئيس مؤسسة مسار للتنمية وحقوق الإنسان في تعز، ذي يزن السوائي، يقول لـ”المشاهد”: “اليوم نحن نعاني بمدينة تعز من حصار خانق منذ بداية الحرب، ودائمًا نتوسل العالم وأطراف الصراع أن يفتحوا لنا هذه المنافذ، سواء منفذ الكدحة إلى المخا أو منفذ الحوبان والمطار القديم، وبقية المنافذ الرئيسية للمدينة، لنمارس حقنا في حرية التنقل، لكن للأسف لا توجد أي أخلاقيات حرب يمارسها أطراف النزاع”.

ويضيف السوائي أن الاستمرار في إغلاق المنافذ سيعكس تأثيره على المواطن، لأنه يتنقل بشكل يومي بحثًا عن لقمة العيش له ولأولاده.

يذكر أن المرور بطرق وعرة وأماكن جبلية مثل طرق الأقروض وجبل حبشي وحيفان، يضاعف بشكل كبير من معاناة الناس، إذ إن أجور السيارات ترتفع بشكل جنوني، كما قد تسبب مخاطر كبيرة على المركبات والمسافرين. إما تجرفهم سيول الأمطار الغزيرة أو تنقلب عليهم السيارات بسبب وعورة الطرق. وهذا كله يؤثر بشكل سلبي وخطير على حياة المواطنين، سواء القاطنين في مديريات الساحل أو المدينة.

ويشير السوائي إلى أنه كان هناك بصيص أمل لدى المواطنين عندما سمعوا أن خط الكدحة -المخا سيفتح بعد المعارك الأخيرة التي شهدتها منطقة الكدحة مؤخرًا، متسائلًا: “لكن للأسف لا ندرك ما الذي يدور؟ ومن هو المعرقل لفتح هذه الممرات؟ ولماذا لم تفتح الطريق؟!”.

القوات المشتركة مشاركة في الحصار

تسيطر القوات الحكومية التابعة لمحور تعز على منطقة الكدحة، وصولًا إلى منطقة الحناية في الوازعية، حيث تبدأ أولى نقاط ألوية العمالقة العسكرية بقيادة هيثم قاسم، والتابعة للقوات المشتركة المرابطة في الساحل الغربي، والتي تأتمر مباشرة بعمليات قوات التحالف.

تشكلت قوات العمالقة في يناير 2017 مع بدء معركة “الرمح الذهبي” التي أعلنها الرئيس عبدربه منصور هادي والتحالف العربي لتحرير ساحل اليمن الغربي من قوات الحوثيين.

لا تخضع القوات المشتركة في الساحل الغربي بما فيها ألوية العمالقة  لوزارة الدفاع في حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وتتلقى أوامرها مباشرة من قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، حسب حديث مصدر في وزارة الدفاع اليمنية للمشاهد. وهذا يجعل التحالف أمام مسئولية قانونية وأخلاقية أمام استمرار قطع طريق المخا-تعز الذي لو فتح قد يشكل انفراجا جزئيا للحصار المفروض على مدينة تعز.

مدير المركز الإعلامي لألوية العمالقة بالساحل الغربي، أصيل السقلدي، في حديثه لـ”المشاهد”، قال إنه تم إغلاق خط الكدحة -المخا من الجهات التي يسيطر عليها العمالقة، حتى لا يتسلل الحوثيون عبرها إلى مواقعهم.

ويضيف السقلدي لـ”المشاهد”، أن الخط يقع في منطقة مشتركة بين قوات محور تعز من جهة، وألوية العمالقة من جهة ثانية، وجماعة الحوثي من جهة ثالثة، مشيرًا إلى أن قوات محور تعز تراجعت من مواقع في الكدحة كانت على أساس تقوم بتأمين الخط.

وأكد أن انسحاب قوات المحور من بعض مواقعها في الكدحة، سوف يتسبب بقيام جماعة الحوثي باستخدام الخط للتسلل إلى مواقعهم.

إقرأ أيضاً  موقع القضايا التاريخية في الدراما اليمنية 

وأشار إلى أن خط الكدحة -المخا تم إغلاقه عام 2018، بسبب تكرار عمليات تسلل الحوثيين، وللسبب نفسه أُغلق اليوم.

تعثر تنفيذ اتفاق فتح الطريق

وعند نزول محافظ تعز نبيل شمسان، مطلع مايو الماضي، مع مسؤولين من السلطة المحلية وقيادات من الجيش والأمن، كان من المواضيع التي نُوقشت مع طارق صالح، قائد القوات المشتركة التي تضم ألوية العمالقة، فتح متنفس لتعز، وهو خط الكدحة -المخا، وكان قد تم الاتفاق على فتحه للجانب الإنساني، فتم فتحه لقرابة أسبوع فقط، بعدها أُغلق حتى اليوم.

وفي السياق، قال نائب ركن التوجيه المعنوي بمحور تعز، عبدالباسط البحر، إن الأجزاء التي تسيطر عليها قوات محور تعز في منطقة الكدحة، مفتوحة أمام المواطنين، وآمنة من الألغام، فبعد تحرير منطقة الكدحة بالكامل أصبح الخط آمنًا تحت سيطرة قوات الجيش الحكومي، إلى أول نقطة تتبع قوات الساحل الغربي في أطراف الحناية الغربية بالوازعية.

وأضاف البحر في حديثه لـ”المشاهد”: “بعد تحرير الخط في الكدحة نزلت الفرق الهندسية التابعة للمحور، ومشروع نزع الألغام، وتم نزع جميع الألغام والعبوات الناسفة والقذائف غير المتفجرة المزروعة في الخط والمناطق المجاورة له، حتى أصبح مؤَمّنًا بشكل كلّي”.

وأوضح أن الطريق سهلة ومختصرة، وتسمح بمرور السيارات والباصات وشاحنات النقل، إذ إنها ستوفر الوقت والجهد على المواطنين.

وأكد أنه لا يعلم ما هي الأسباب التي تتحفظ عليها قوات العمالقة من عدم فتح الخط الذي سيفك الحصار جزئيًا على المدينة المحاصرة، رغم سيطرة قوات المحور حتى أولى نقاطهم، وبما يسهل تنقل المواطنين بين مديريات الساحل الغربي والمدينة، ونقل البضائع والمرضى.

واستغرب من استمرار إغلاق الخط وعدم فتحه، كونه كان رأس مهام زيارة المحافظ والمسؤولين وقيادات عسكرية وأمنية في شهر مايو، قائلًا: “نتسائل لماذا لم يتم تحقيق هذا المطلب البسيط المتمثل بفتح الخط أمام المواطنين، وماذا سيحل بالمطالب الأخرى التي نُوقشت خلال زيارة المخا، مثل فتح ميناء المخا، وتشغيل محطة كهرباء المخا، وضم إيرادات مديريات الساحل الغربي للمكاتب التنفيذية والإيرادية بالمحافظة، إذ إنها لا تصل إلى المحافظة منذ تحرير مديريات الساحل”.

ورفض وكيل المحافظة لشؤون مديريات الساحل الغربي، التعليق أو الرد على تواصلنا معه بخصوص عدم فتح خط تعز -الكدحة -المخا.

مطالبات بفتح طريق المخا -تعز

يعتبر طريق الكدحة أحد المنافذ الفرعية للمحافظة، ويربط بين المديريات الخاضعة لسيطرة الحكومة ومديريات الساحل الغربي للمحافظة (موزع والوازعية والمخا وذوباب) التي تسيطر عليها ألوية العمالقة والقوات المشتركة، فهو يمر عبر مناطق البيرين – الكدحة – الحناية – العقمة – ومفرق الوازعية.

أما الطرق البديلة التي يسلكها المواطنون الآن للوصول إلى الساحل أو العكس، إما عبر طريق منطقة الصافية بني عمر جرداد الوازعية، وإما من المركز بني شيبة راسن الوازعية، وجميعها طرق وعرة ومسافتها طويلة، إذ سيوفر خط الكدحة -المخا مسافة 4 ساعات سفرًا، بحسب نصر.

وفي 8 يوليو الماضي، نفذ عشرات المواطنين في منطقة الكدحة غربي مدينة تعز، وقفة احتجاجية طالبت بفتح الخط الرابط بين مدينة المخا الساحلية ومدينة تعز، الذي اعتبروا أنه سيخفف من معاناة المواطنين والمسافرين في المدينة، وكذلك مديريات الساحل الأربع.

وقال البيان الصادر عن الوقفة الاحتجاجية، “إن عملية التحرير التي قام بها أفراد الجيش في الجبهة الغربية بشهر مارس الماضي، جاءت لتفتح نافذة واسعة للأمل بتخفيف وطأة الأزمة الإنسانية التي يعانون منها بسبب الحصار، وذلك من خلال فتح طريق تعز -الكدحة -المخا، وتسهيل تسيير عمليات الإغاثة الإنسانية، ونقل البضائع، وضمان سهولة التنقل من وإلى المدينة”.

وأضاف البيان: “لكن قوات عسكرية مرتبطة بالتحالف فاجأتنا بإغلاق هذا الطريق من اتجاه الساحل، بعد فتحه لأسابيع معدودة، الأمر الذي شكل لنا صدمة هنا في مناطق الكدحة وداخل المدينة”.

وبحسب فارس البنا، أحد منَظمي الوقفة الاحتجاجية، فإن الخط الذي يربط بين مدينة تعز ومديريات الساحل، حيث يمر بمنطقة الكدحة، مغلق من قبل ألوية العمالقة التي تسيطر على مديرية الوازعية.

وأضاف البنا لـ”المشاهد”، أن “المواطن في المديريات الساحلية، عند دخوله مدينة تعز، يضطر إلى السفر 8 ساعات، ليصل بعد جهد ومشقة، وفي مناطق جبلية وعرة، فيما خط الكدحة قريب، وسيوفر الكثير من الوقت والجهد”.

وأوضح أن المواطنين في مديريات الساحل يسافرون إلى مدينة تعز للعلاج والتسوق، بسبب عدم توفر مستشفيات مؤهلة في تلك المناطق، أو أسواق كبيرة.

مقالات مشابهة