المشاهد نت

تفاهمات الجماعات المسلحة تزيد المشهد اليمني غموضًا

خارطة اليمن

عدن – بشرى الحميدي:

يبدو المشهد اليمني محيرًا في ظل التسليم المطلق لبعض العواصم المشاركة بالتحالف العربي بقيادة السعودية، والتي تؤجج الصراع، وتعمل على تفريخ الجماعات المسلحة التي تعمل ضد وجود دولة يمنية قوية وموحدة. وبات من الواضح تماهي الحوثيين وبعض القوى السياسية، سواء تلك المنضوية تحت راية التحالف، وتزعم اعترافها بالحكومة، أو رديفتها على الضفة الأخرى التي تزعم أنها تحارب الحوثي تحت راية التحالف، ولا تعترف بالحكومة حتى اللحظة.
وظلت جذوة التحالف الخفي بين القوى السياسية ومن يقف خلفها والحوثيين، مدفونة تحت رماد المناورات السياسية، حينًا بتعثر تنفيذ اتفاق الرياض بحسب زعم المجلس الانتقالي، أو التذرّع بقرارات اتفاق ستكهولم التي يزعم “حراس الجمهورية” أنها تمنعهم من المشاركة في قتال الحوثيين، كما يقول لـ”المشاهد” رئيس الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني الجنوبي، سعيد النخعي، مضيفًا أن الأحداث واحتدام المواجهات بين الجيش الوطني والحوثيين في جبهتي مأرب والبيضاء، كشفت هذا التماهي بين هذه القوى على اختلاف توجهاتها السياسية، من خلال التنسيق العسكري غير المباشر، أو من خلال خطابها الإعلامي الموحد الذي يستهدف الحكومة بشكل مباشر، ولا يخفي تعاطفه مع الحوثيين.

التحالف الخفي للجماعات المسلحة

الموقف السياسي لا يحتاج إلى بعد نظر لمعرفة أسبابه وتداعياته ونتائجها، فتوزع القوى السياسية على عدد من العواصم الإقليمية جعل منها بيادق بيد الخارج، كما يقول النخعي.
وللمجتمع الدولي مصالحه، وهو يبني تحركاته وفق هذه المصالح، ولن يكون حريصًا على اليمن أكثر من اليمنيين أنفسهم، فإذا لم يحرص اليمنيون على بلدهم واستقراره، فإن المجتمع الدولي سيتقاسم مصالحه وفق الظروف المتاحة، حد قول الكاتب والمحلل السياسي وعضو اللجنة العامة في المؤتمر الشعبي العام، عادل الشجاع.

عادل الشجاع : خطورة الجماعات المسلحة في اليمن، ليس لأنها مسلحة فحسب، بل لأنها تحمل مشاريع مرتبطة ببقائها أو فنائها. فجماعة الحوثي ربطت وجودها بمشروع الوصية والولاية .


ويضيف الشجاع: “لا توجد تفاهمات سياسية، بل توجد تكتيكات؛ كل طرف يحاول أن يحيد طرفًا لمواجهة طرف آخر، حتى تحين فرصة القضاء عليه، وهذا ما حدث مع علي عبدالله صالح، إذ اعتقد أنه سيحيد الحوثي لمواجهة التحالف، ثم بعد ذلك يتخلص من الحوثي، وبالمثل فعل الحوثي، واليوم تجري الفكرة نفسها بين أطراف عديدة، ولعلها واضحة بين الحوثي والانتقالي، فالحوثي يوهم الانتقالي بأنه سيكون معه بعد أن تنتهي الحرب، وهو يؤجل الصراع معه ويحيده في المعركة، ويستفيد منه في تعطيل الحكومة وعرقلتها، بالإضافة إلى أطراف أخرى تمارس اللعبة ذاتها، وجميعها تصب في إطار التكتيك، وليس في إطار الاتفاقات أو التحالفات السياسية الحقيقية، لأن جميع الأطراف مشاريعها مختلفة عن بعضها البعض، وهي مشاريع خاصة، وليست وطنية لكي تلتقي عند نقطة معينة”.
ويبين أن وضع الدولة مع وجود الجماعات المسلحة لا يستقيم، فكيف إذا كانت الدولة مختطفة أصلًا من هذه الجماعات. ويقول: “خطورة الجماعات المسلحة في اليمن، ليس لأنها مسلحة فحسب، بل لأنها تحمل مشاريع مرتبطة ببقائها أو فنائها. فجماعة الحوثي ربطت وجودها بمشروع الوصية والولاية، وهو مشروع يجافي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولا يمكن أن يقبل به اليمنيون، وبالتالي ستظل تقاتل حتى آخر رجل فيها. وبالمثل المجلس الانتقالي الذي رفع مشروع استعادة دولة الجنوب، وهو مشروع لا وجود له على أرض الواقع، لأنه مشروع في الخيال، إضافة إلى أنه مشروع مناطقي لا يمكن أن يتحقق، لأنه يقصي المجتمع كله، ويصادم مناطق أخرى، وهنا لا يمكن لهذه الجماعة أن تنتصر، وبالوقت نفسه، لا يمكن لها التنازل عن مشروعها هذا، وستظل تقاوم حتى آخر رجل فيها”.

إقرأ أيضاً  عملة معدنية جديدة.. هل فشلت جهود إنهاء الانقسام النقدي؟

خذلان مستمر للجيش الوطني

وصل الحوثي إلى ذلك بفعل خذلان التحالف العربي للجيش الوطني اليمني، وبفعل افتقاره لأبسط متطلبات الانتصار للمعركة القائمة، كما يقول محسن خصروف، مضيفًا أن الحوثي يستند إلى جهة توفر له كل ما تحتاجه المعركة. فيما الجيش الوطني اليمني لا يلقى دعمًا كافيًا من التحالف العربي.
ويؤكد أن تسليح الجيش الوطني بكامله لا يساوي تسليح لواء ميكانيكي يقاتل بالأسلحة الخفيفة والعيارات المتوسطة وبضع دبابات ومدفعية وبضع راجمات صواريخ وبضع عربيات مدرعة لا تساوي في مجموعها تسليح لواء ميكانيكي. ويمتلك الحوثي الصواريخ الحرارية، ويمتلك دبابات 55، 72، 62، ويمتلك راجمات صواريخ، فيما التحالف سحب صواريخ باتريوت من مأرب، وتركها مكشوفة للصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون، بحسب خصررف.

خصروف : الإمارات العربية المتحدة بالتماهي مع الحوثي، و تسهل له تهريب الأسلحة عن طريق الساحل الغربي.


ويقول: “الحوثي ليس رقمًا صعبًا لأنه يمتلك كل ذلك، بل لأن التحالف يخذلنا ويمنع عنا كل وسائل الانتصار، ولأن طائرات التحالف تحرم علينا الانتصار بدءًا من عملية العبر التي قتل فيها طيران التحالف لواء كاملًا، مرورًا بكثير من العمليات التي يسمونها الخاطئة في صرواح ونهم والجوف وغيرها من المناطق، وأيضًا بضربات المدفعية في الميدان لبعض مواقع الجيش الوطني من نيران صديقة او خاطئة، وكثير من هذه العمليات التي أصابت الجيش الوطني في مقتل، وانتهاء بسحب غطاء الدفاع الجوي الباتريوت، ومازال الجيش يقاتل بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والقليل القليل من المدفعية والعربات المدرعة والصاروخية، والتي لا تساوي تسليح لواء ميكانيكي. الجيش الوطني يتعرض لخذلان من التحالف، وقيادته السياسية والعسكرية مرتهنة للتحالف، وليس لديها قرار وطني سياسي سيادي كامل، والحوثيون يحظون بدعم بلا حدود من إيران”.
ويتهم خصروف الإمارات العربية المتحدة بالتماهي مع الحوثي، مؤكدًا أن “الإمارات تسهل له تهريب الأسلحة عن طريق الساحل الغربي، إذ تم الحصول على أسلحة في مواقع الحوثيين التي انتصر فيها الجيش الوطني، ومشار فيها إلى أنها من تسليح جيش الإمارات المتحدة، وهي مسألة معروفة، وأحد المتحدثين باسم الإمارات العربية المتحدة يدعو الحوثيين إلى أن يدقوا ويدوسوا اليمنيين الشماليين بأحذيتهم”، حسب تعبيره.
ويقول عبدالله محمد الحميقاني، ركن التوجيه المعنوي والإعلام في محور رازح: “التحالف العربي لم يحقق من أهدافه المعلنة ما نسبته 10/2. هذه الحقيقة التي حيرتنا. فلا نعلم أين مكامن الخلل، وما هي الأسباب التي أدت إلى ما نحن عليه اليوم، في المقابل المليشيات الحوثية تزداد قوة على الأرض”.
وأوضح الشجاع أن أية عملية سياسية تحاول استيعاب هذه الجماعات بمشاريعها هذه، لن تحل المشكلة، وإنما ترحلها إلى جولة قادمة من العنف. ولا يمكن إحداث استقرار سياسي بدون استعادة الدولة بجميع مؤسساتها، وأولى هذه المؤسسات، مؤسسة الجيش والأمن.

مقالات مشابهة