المشاهد نت

نجلاء.. تحترف حياكة المعاوز

تعز – فتح العيسائي :

في مهنة ظل العمل فيها حكرًا على الرجال، استطاعت نجلاء أحمد صالح، أن تقتحم مجال حياكة المعاوز، إحدى أشهر الحرف التقليدية اليمنية التي يتطلب العمل بها المكوث لساعات طويلة لنسج قطعة واحدة على الطريقة اليدوية. سعت نجلاء لإتقان هذه المهنة من أجل الاعتماد على نفسها في إكمال تعليمها وصولًا إلى تحقيق طموحها المستقبلي في امتلاك مشروعها الخاص المتمثل بمشغل للخياطة والتصميم.
وتمضي نجلاء 7 ساعات يوميًا لإنتاج القطعة الواحدة من المعوز لإعالة طفليها، كما تقول لـ”المشاهد”، مضيفة أنها تعلمت هذه المهنة قبل التحاقها بالمعهد بـ6 أشهر. وتتابع روايتها: “ما دفعني لذلك هي الظروف المعيشية الصعبة، ورغبتي بأن أستقل بذاتي، ويكون لدي مهنة بيدي. ويعود الفضل في ذلك إلى أخي في تعلمي لهذه المهنة، ومازلت بحاجة إلى تطوير نفسي والتعلم أكثر في حياكة جميع أنواع وتشكيلات المعاوز اليمنية”.
والمعاوز من الأزياء الشعبية الأكثر شهرة وانتشارًا في اليمن، والتي حافظت على مكانتها في أوساط المجتمع اليمني من الاندثار، وهو عباره عن إزار يرتديه اليمني من وسط جسمه حتى منتصف ساقيه، ويختلف نوعه وشكله وزخارفه بحسب المنطقة التي يُصنع فيها.

حلم منظور

تخصص نجلاء الفترة المسائية للجلوس على آلة الحياكة، وهي آلة لا تعتمد فيها مختلف ألوان الخيط في تصميم وتشكيل المعاوز فقط، بل معها ترسم الفتاة مستقبلها وحلمها المنظور في امتلاك مشروعها الخاص مستقبلًا، والمتمثل بمشغل للخياطة والتصميم.

نجلاء.. تحترف حياكة المعاوز


وعن العائد المادي الذي تجنيه من وراء عملها في حياكة المعاوز وبيعها، تقول بأنها تقوم ببيع المعاوز بسعر الجملة، وهو سعر رمزي مقارنة بالسوق، مشيرة إلى أن سعر القطعة الواحدة التي تبيعها يبلغ 13 ألف ريال يمني (أي ما يقارب 10 دولارات أمريكية). بينما يباع في السوق بما يقارب 20 دولارًا، وما تربحه ليس بالشيء الكثير، وهذا ما تعتبره أحد العوائق التي تواجهها، ومع ذلك تؤكد أنها تسعى بالمقام الأول إلى إثبات نفسها ووضع بصمة لها في سوق العمل.
وتقول إيمان أحمد، إحدى زميلاتها: “نجلاء تمثل قصة ملهمة لكل فتاة يمنية قد يتملكها اليأس والإحباط في مثل هذه الظروف الراهنة”.

إقرأ أيضاً  عادات وتقاليد العيد في المحويت

العمل من أجل إكمال التعليم

عمل نجلاء في مهنة حياكة المعاوز لم يمنعها من الدراسة في أحد معاهد التعليم الفني في محافظة تعز (جنوبي غرب اليمن)، تخصص إدارة مكتبات، حد قولها.
وتضيف: “هذا العمل كان الدافع الأساس لإكمال دراستي”. وتحرص نجلاء على تعلُّم كل ما هو جديد في مجال تخصصها الذي تدرسه بمعهد الخنساء الحكومي وسط مدينة تعز، وهو المكان نفسه الذي تعرض فيه منتوجاتها من المعاوز التي تحيكها في منزلها.
يتحدث المحيطون بنجلاء وكل من يعرفها من زملائها وأساتذتها، بإعجاب، عن طموحها وشغفها على المستويين العلمي والعملي، كواحدة من قصص النجاح والكفاح الملهمة. ويقول محمد كامل، أحد المعلمين بالمعهد، بأن نجلاء تمثل نموذجًا ملهمًا للفتاة التي تعتمد على ذاتها في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وهذا ما يدفعه إلى شراء المعاوز منها دعمًا وتشجيعًا لها.
ويعتبر كامل أن احترافها مهنة لايزال ينظر إليها المجتمع على أنها حكر على الرجال، خطوة جريئة وشجاعة.

مقالات مشابهة