المشاهد نت

في زمن الحرب.. ظواهر تهدد النسيج الاجتماعي في اليمن

المشاهد-نجيب العدوفي-خاص:
يسكب الشاب محمود علي دموعه بغزارة وهو يشكو للمصلين الجوع الذي يهدد حياة أسرته المكونة من 7 أفراد.
يرتعش جسد الشاب الثلاثيني من الجوع والحياء وهو يقف أمام المصلين، ويقول: “والله أن الجوع أجبرني أن أقف أمامكم، ومنذ أول يوم من رمضان لم يطرق أحداً بابي، ولا رائحة للطبخ في بيتي ولا صوت فيها سوى بكاء الأطفال من الجوع”.
يشكو محمود غياب فاعلي الخير حتى في رمضان الذي كان يتسابق فيه الناس لفعل الخير، حتى المنظمات لم تعرف طريقاً إلى منزل هذا الرجل الفقير، لم يزره أحد سوى الجوع الذي أجبره على مد يده للناس.
محمود حالة واحدة من بين ملايين الحالات التي تصارع الجوع، فالحرب التي لم تهدأ بعد قادت 22.2 مليون نسمة إلى الحاجة إلى المساعدات الإنسانية وفقاً للبيانات الرسمية والمنظمات الدولية.
تتعاظم أرقام الفقراء ومن يعانون انعدام الأمن الغذائي لتصل حسب بيانات وزارة التخطيط ومنظمات الأمم المتحدة إلى 6 من بين 10 أشخاص يعانون انعدام الأمن الغذائي.
ظواهر تهدد النسيج الاجتماعي اليمني
هذه المأسي الإنسانية لها مخاطرها الاقتصادية والاجتماعية، حسب الباحث الاجتماعي عبدالناصر سعيد ويقول لـ”المشاهد”: “هذه التحديات باتت تهدد النسيج الاجتماعي، وظهرت الكثير من حالات التصدع في النسيج المجتمعي، حيث تزيد حالات الطلاق والعنف الأسري وتشرد الأبناء وخروجهم إلى التسول وحرمانهم من التعليم، فضلاً عن ظهور حالات تتمثل في عرض الأعضاء للبيع، فضلاً عن اتساع ظاهرة خروج النساء إلى الشوارع والأسواق بغرض التسول، إلى جانب ازدياد حالات السرقة التي لا تقتصر على الرجال فقط، بل باتت ظاهرة تُعرف بعصابات السرقة التي تضم الأطفال والنساء”.
هذه المشاكل الاجتماعية التي باتت ظاهرة تهدد النسيج الاجتماعي وفقاً لما يقوله عبدالناصر تحتاج إلى معالجة مبكرة قبل أن تتسع وتتغلل في المجتمع ويصبح علاجها أمراً معقداً ومُكلفاً، ويدعو أطراف الصراع والمجتمع الدولي والمنظمات المعنية إلى إيقاف الحرب وتحقيق السلام والتوجه نحو إيجاد برامج لمعالجة هذه الاختلالات.
85% من السكان فقراء
بدوره الباحث الاقتصادي عامر عبدالوهاب يقول لـ”المشاهد”: “التحديات الاقتصادية فرضت نفسها على الواقع اليمني، حيث تغيب مصادر الدخل يقابلها زيادة غير معقولة في الأسعار، لذا فمن الطبيعي أن تبرز مشاكل وظواهر لها تأثيرها السلبي على الكيان الاجتماعي والاقتصادي للبلد”.
ويشير إلى أن اندراج ما يزيد عن 85% من السكان في دائرة الفقرة يكشف عن كارثة إنسانية تهدد اليمن في ظل تجاهل دولي ولا مبالاة من أطراف الصراع التي لا تكترث لما يحدث للشعب.
الكارثة الانسانية بحاجة إلى معالجات كبيرة
ويؤكد عبدالوهاب أن الكارثة الإنسانية باتت معقدة ومن الصعب أن يتم معالجتها بما يُسمى الإغاثة الانسانية، بل باتت بحاجة إلى برامج اقتصادية قادرة على انتشال السواد الأعظم من الشعب من دائرة الفقر، فضلاً عن التأهيل النفسي والتدريب الذي يساعد على معالجة الآثار النفسية، ثم التوجه إلى إعادة التأهيل لمن هم في سن العمل على استعادة ثقتهم بأنفسهم والتوجه إلى العمل والإنتاج.
تحقيق السلام وإعادة كيان الدولة
ويطالب الباحث الاقتصادي عامر عبدالوهاب المجتمع الدولي والمنظمات المعنية والحكومة الشرعية إلى التعامل مع الواقع بجدية وتوفير سبل السلام والتوجه إلى إعادة كيان الدولة وتوفير الخدمات الأساسية للمواطن وتطبيق النظام والقانون وتجفيف منابع الفساد وإدارة موارد الدولة بنزاهة وبما يخدم التنمية.

مقالات مشابهة