المشاهد نت

لماذا تزايدت ظاهرة الاعتقال بسبب الهوية لليمنيين في بلدهم؟

المشاهد-فخر العزب-خاص:

لا يزال “شريف” نجل الصحفي المعروف “فؤاد عبدالقادر” محتجزاً لدى الأمن السياسي بمأرب منذ الــ25 من رمضان، حيث تم احتجازه بسبب ورود لقب أخواله “المتوكل” على وثائقه الدراسية (البطاقة الجامعية).
احتجز “شريف” عندما كان يعامل لاستخراج جواز سفر، ومع أن لديه حكماً من المحكمة بتغيير اللقب الموجود في وثائقه الدراسية، وهو الحكم الذي بموجبه تم خذف اللقب “المتوكل” في البطاقة الشخصية، إلا أن ذلك لم يشفع له لدى الأمن السياسي في مأرب، ورغم الجهود المتواصلة للإفراج عنه، إلا أن الأمن السياسي في مأرب يرفض الإفراج عنه حتى اللحظة.
الاسم في الهوية هو السبب في عملية الاحتجاز لشريف، وهي المشكلة التي تزايدت في زمن الحرب، حيث بات اليمنيون ضحايا الأسماء والألقاب والمناطق التي ينتمون إليها، وهي أشياء لا يد لهم فيها، فليس هناك من يختار لقب عائلته أو منطقة ميلاده ليدفع ضريبة ذلك في احتجازه أو الاعتداء عليه أو تعرضه للابتزاز والمضايقات.
فالسفر بين المدن اليمنية بات يمثل خطورة على المواطن اليمني الذي يتعرض للمضايقات والابتزاز والتفتيش الدقيق في النقاط العسكرية المتواجدة على طول الطريق، سواء تلك النقاط التي تتبع الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية أو التابعة للانقلابيين، حيث يتم تفتيش هويات المسافرين والتحقيق معهم عن مناطق سفرهم ومناطق الوصول والغاية من السفر، كما يتم تفتيش أغراضهم الشخصية، وقد يصل الأمر إلى تفتيش الموبايلات الشخصية.
تهمة الانتماء إلى أسرة ما مصنفة على أحد أطراف الصراع أو إلى منطقة ما، قد تكون سبباً كافياً للابتزاز وتقييد الحرية، في ظل تزايد حملات الاعتقالات التي يتعرض لها المواطنون في نقاط التفتيش، بالإضافة إلى المنع من دخول المدن دون مراعاة للقوانين والأخلاقيات التي تكفل للجميع حق التنقل بحرية.
فوزي القدسي قال لــ”المشاهد” إنه تعرض للاحتجاز في نقطة الحبيلين التابعة للحزام الأمني، خلال سفره من صنعاء إلى عدن، وأن احتجازه تم بسبب أنه من مواليد تعز، وقد رفض أفراد النقطة التفاهم معه، ليبقى محتجزاً لساعات، قبل أن يتم التواصل مع أحد قيادات الحزام الأمني وإقناعه بأنه لم يكن له أي ذنب ليولد تعزياً، وأن السبب يعود إلى والديه اللذين أنجباه، وبعد محاولات وتواصلات حثيثة تم الإفراج عنه والسماح له بدخول عدن”.
كما أن مضايقة المسافرين وفقاً لهوياتهم باتت وسيلة من وسائل الابتزاز بغرض الاسترزاق، حيث تعمل بعض النقاط على اعتقال بعض المسافرين وابتزازهم من أجل دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم، كما حدث لعامر عبدالملك الذي قال لــ”المشاهد” إنه تعرض للاعتقال في نقطة تابعة للانقلابيين على خط تعز – صنعاء، بعد استعراض اسمه في البطاقة، حيث تم اتهامه بأنه يقاتل مع الدواعش، وتم احتجازه في معتقل تابع للحوثيين، وتعرض للضرب في السجن، وبعد شهر من الاعتقال تم الإفراج عنه مقابل فدية مالية تم تقديمها للمشرف الحوثي.
الانقسامات التي أفرزتها الحرب في المجتمع اليمني، وفي ظل تزايد خطاب الكراهية الذي يشتمل على التحريض والنفس المناطقي والمذهبي، عمل على تفتيت وتمزيق النسيج الاجتماعي لأبناء المجتمع اليمني، وزاد من معاناة اليمنيين خلال تنقلاتهم بين المدن اليمنية، حيث يتعرضون للابتزاز والاعتقال وفقاً للهوية التي تحولت إلى خطيئة يجب العقاب بسببها وفقاً لمنطق أمراء الحرب.
الناشط نبيل حسان قال لــ”المشاهد” إن “تزايد عمليات الابتزاز والاعتقال للمواطنين اليمنيين من قبل النقاط العسكرية بسبب هوياتهم، هو نتاج لخطاب الكراهية التحريضي الذي نقل الحرب من كونها صراعاً سياسياً إلى صراعات اجتماعية قد تأخذ بعداً مناطقياً أو مذهبياً، في ظل تسيد الخطاب المناطقي والمذهبي على الخطاب السياسي لدى السياسيين أنفسهم، وهذا ما يمثل كارثة حقيقية، كون الأبعاد الاجتماعية للصراع تزيد من تعقيداتها على المدى الطويل”.
ويضيف حسان أن “طول فترة الحرب وعدم فاعلية الأطراف السياسية في البلد قد أفرز للأسف صراعات اجتماعية نجحت في تمزيق النسيج الاجتماعي، وأرغمت الفرد أن يتخندق في أطر ضيقة مثل القبيلة والمنطقة والمذهب، وهذا أيضاً أنتج خطاب كراهية يعتمد إما على الجانب المناطقي؛ فهذا دحباشي، وهذا من أولاد “ياتو”، وهذا من أصحاب مطلع، وذاك من أصحاب منزل، أو على الخطاب المذهبي؛ فهذا رافضي، وهذا داعشي، وهذا مجوسي، وذاك هاشمي، وهذا ما يزيد من عمليات الفرز والتصنيف لأبناء المجتمع، وبالتالي تأجيج الصراع والقضاء على إمكانيات الحل، وبلا شك أن النتائج السلبية لهذه السلوكيات سوف تمتد على المدى الطويل إن لم تتم محاصرة المشكلة ومعالجتها”.
ويبدو أن اليمني سيظل ملاحقاً من لعنة الهوية التي تلاحقه في السلم والحرب، والتي جعلته ضحية الأزمنة والأمكنة، وهو حد تعبير الرائي عبدالله البردوني “مواطن بلا وطن لأنه من اليمن”.

مقالات مشابهة