المشاهد نت

مساعدات غذائية مقيدة بأسماء موظفين في صنعاء وتصرف لغيرهم

صنعاء – حسان محمد :

أصيب أحمد المالكي، مدير الإدارة الاقتصادية بصحيفة “الثورة” الرسمية، بالصدمة عندما تلقى اتصالاً هاتفياً من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، بصنعاء، أكد له أن اسمه مدون في سجلات المستفيدين من المساعدات الغذائية الشهرية منذ أكثر من عام.
ويقول المالكي لـ”المشاهد”: “لم يحصل أن استلمت أية سلال غذائية من برنامج الأغذية، ولا أعرف من الذي كان يستلم ويبصم بدلاً عني، ولم أحصل من برنامج الأغذية على أية إجابات، وأحاول الآن أن أتابع القضية مع البرنامج لمعرفة الحقيقة”.
لم يكن المالكي وحده من تلقى اتصالاً من برنامج الأغذية العالمي، بل توالت الاتصالات على عدد من العاملين في مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر، مؤكدة لهم أنهم يستلمون مساعدات شهرية بحسب الكشوفات التي وصلت إلى البرنامج بداية العام 2018.
ويقول معين النجري، سكرتير تحرير صحيفة “الثورة”، لـ”المشاهد”: تلقى عدد من الزملاء في مؤسسة الثورة، اتصالات من برنامج الغذاء العالمي في صنعاء، للتأكد من أنهم يستلمون سلالهم الغذائية الشهرية، وعندما ذهبوا إلى مكتب المنظمة تفاجأوا بأن هناك كشوفات استلام حصص شهرية منذ عام بأسمائهم وأرقام تلفوناتهم وبطائقهم الشخصية وحتى بصماتهم، مضيفاً أن الكشوفات لا تخص موظفي مؤسسة الثورة فقط، بل هناك آلاف من موظفي مؤسسة الكهرباء والرئاسة تعرضوا لنفس عملية النصب، إذ تم صرف آلاف السلال الغذائية شهرياً بأسمائهم، بينما لم يستلم أي موظف شيئاً.

مطالبات بالتحقيق

أثارت هذه القضية استياء الموظفين، وحملوا قيادة مؤسسة الثورة للصحافة، مسؤولية ما تعرضوا له من عملية نصب ومتاجرة بحقوقهم وأسمائهم، ما جعل رئيس مجلس الإدارة المكلف من قبل جماعة الحوثي، يعمل على تشكيل لجنة لمتابعة القضية مع برنامج الأغذية، ومعرفة الجهة والأشخاص الذين نهبوا حقوقهم.
وطالب الموظفون الذين التقاهم “المشاهد”، بضرورة إجراء تحقيق شفاف، ومحاسبة المتلاعبين بالمساعدات الإنسانية المخصصة لهم.
ويؤكد النجري على أن برنامج الأغذية العالمي مطالب بإجراء تحقيق شفاف وعادل، لأن القضية خرجت عن السيطرة، ولم يعد بالإمكان التستر عليها أو كتمانها، ولا مشكلة في أن يضحي البرنامج ببعض الشخصيات، مشيراً إلى أن من يستلم حصص الموظفين أصبح الآن مليارديراً، والناس يموتون جوعاً.
ويتساءل مدير تحرير “الثورة نت” شوقي العباسي: “من الذي يستلم المساعدات الغذائية بأسماء الموظفين بصحيفة الثورة؟ وكيف يتم صرفها دون إشعار المستفيدين؟ وكيف وصلت الكشوفات للمنظمة بأسماء الموظفين، وأنا واحد منهم لم أستلم حتى علبة فول!”.
ويقول لـ”المشاهد” مستغرباً: “ألف سلة شهرياً تتم المتاجرة بها”، مضيفاً أن هذه جريمة لا تغتفر، ويجب كشف تفاصيلها، ما لم فالمنظمة الدولية شريك بعملية السرقة”.
ويعتقد الموظفون أن الإجراءات التي قام بها برنامج الأغذية العالمي، جاءت نتيجة لشكوك أو التباس حصل لدى بعض الموظفين، فقاموا بالاتصالات للتأكد من القضية، وتم كشف عملية النصب والاحتيال التي تعد مؤشراً خطيراً على التلاعب في المساعدات المقدمة للحالات المستحقة، ومتاجرة بمعاناة الناس وجوعهم.
حاول محرر “المشاهد” التواصل مع مكتب برنامج الغذائي العالمي، للتعليق حول ما حدث، لكنهم رفضوا التعليق.
واتهم الموظفون، من خلال منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، سلطات الأمر الواقع في صنعاء، والشخصيات النافذة، باستغلال المساعدات الغذائية لصالحهم، وحرمان الفقراء والمستحقين لها.

إقرأ أيضاً  بعد مرور عام من الوساطة الصينية بين السُّعُودية و إيران، أين يسير اليمن؟

مساعدات غذائية للبيع

برنامج الأغذية العالمي بصنعاء اكتفى بالاتصالات لبعض الحالات المستفيدة من المساعدات الغذائية، ولم يصدر أي بيان حول الموضوع، على الرغم من إثارته بشكل واسع في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مما يثير العديد من التساؤلات حول النزاهة والشفافية التي يجب أن تتحلى بها المنظمات العالمية العاملة في المجال الإنساني.
أحمد الأديمي، وهو عامل بأحد محلات الجملة بأمانة العاصمة، يقول لـ”المشاهد” إن هناك أشخاصاً يأتون إلى التجار بشاحنات كبيرة محملة بمواد غذائية عليها شعارات منظمات الإغاثة الدولية، ويقومون ببيعها على التجار بأسعار أقل، ويقوم التجار بتغيير الأغلفة وبيعها للناس بأسعار السوق، وأحياناً يبيعونها وعليها شعارات الإغاثة، موضحاً أنه لا توجد أية رقابة على بيع المساعدات الإغاثية، وأن هناك مافيا تتاجر بحصص الفقراء، ووصلت إلى مرحلة كبيرة من الثراء.
يأتي هذا في حين صرح برنامج الأغذية العالمي، الشهر الماضي، بأنه يقدم مساعدات غذائية لما يتراوح بين 7 و8 ملايين شخص شهرياً، في اليمن، ويستعد لزيادة حجم مساعداته لتوفير مواد غذائية ومساعدات نقدية إلى نحو 12 مليون شخص، لمواجهة الجوع المتزايد بين اليمنيين.

مقالات مشابهة