المشاهد نت

كيف فاقم كوفيد-19 العنف على الأطفال؟

البقاء القسري للأطفال في المنزل عرضهم للعنف-اليمن

عدن-منى الأسعدي

تزايد العنف الأسري مؤخرًا ضد الأطفال في اليمن بشكل لافت إذ أدى انتشار كورونا وطول فترة الحجر المنزلي القسري إلى تنامي هذه الظاهرة وارتفاع معدلاتها. وأشار تقرير صادر عن اليونسف بداية ظهور كوفيد19، أنه من المرجح مواجهة مئات ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم تهديدات متزايدة على سلامتهم وعافيتهم – بما في ذلك إساءة المعاملة، والاستغلال، والإقصاء الاجتماعي، والانفصال عن مقدمي الرعاية – بسبب الإجراءات المتخذة لاحتواء انتشار جائحة كوفيد19. في بلاد ممزقة كاليمن، تتخذ الأسر أساليب عدة لتعنيف أطفالها، ذلك أنه إلى جانب عدم وجود رادع قانوني يُجرم ذلك، تجهل كثير من الأسر أن العنف يفقد الأطفال أمنهم وسلامتهم، ويتسبب بمشاكل عديدة للأطفال الذين يتعرضون له، يستمر تأثيرها عادة إلى مراحل مختلفة من حياة الطفل، فيؤثر في بنية الطفل وتكوينه ومسلكه وانطباعاته وتفاعلاته، كما أن له أثار ممتدة على الطفل تتجاوز مرحلة الطفولة إلى مرحلة متقدمة من عمره، ومن ذلك ما يعانيه الطفل المعنف من اكتئاب وأزمات نفسية.

أساليب جديدة للعنف

اضطرت أغلب الأسر للبقاء داخل المنزل أثناء الحجر المنزلي كنوع من أنواع الحماية والوقاية من العدوى، ما أدى إلى ظهور أساليب قمعية جديدة عند بعض الأسر تجاه الأطفال ظنًا منهم أنه هذه الأساليب هي الأفضل للحد من شغبهم أو حتى تنفيذهم لمتطلبات لا يرغبون بها.

من هذه الأساليب استخدام تطبيق “شرطة الأطفال”وهو تطبيق مخصص لتخويف الأطفال عند إصدارهم لأي تصرف طبيعي من شأنه أن يزعج أباءهم أو إخوانهم الكبار كالبكاء للحصول على شيء ما. وتقوم فكرة التطبيق على مكالمة صوتية مسجلة مسبقًا تحمل رسائل تهديد للطفل بالامتناع فورًا عن البكاء مالم سيقوم رجال الشرطة بالإتيان فورًا للمنزل وأخذه معهم.

يحكي الطفل غيث ذو السبعة أعوام تأثير العنف الذي تعرض له من اسرته عبر استخدامهم تطبيق الشرطة بقوله:” أخاف الذهاب إلى المدرسة فتأتي الشرطة وتأخذني منها “. ويتابع حديثه: “كلما أنام أحلم بالشرطة وهي تحاول أخذي معها”. فيما توضح والدته ما حدث بقولها:” نصحتني إحدى صديقاتي باستخدام تطبيق شرطة الأطفال عندما رأت غيث يبكي، وأكدت لي أنها تستخدمه مع أطفالها الذين أصبحوا معه لا ترتفع أصواتهم في المنزل، وتتابع حديثها: لم أستخدمه مباشرة لكن مع أزمة كورونا وطول فترة البقاء في المنزل أصبحت غير قادرة على التعامل مع غيث بسبب شغبه المفرط، فتذكرت نصيحة صديقتي وحملت التطبيق من “متجر play” وبدأت أخوف به غيث”. وتؤكد أم غيث من خلال تجربتها مع التطبيق أنها كانت منذهلة في قدرة المكالمة المسجلة على إنهاء أي تصرف لا ترغب به من قبل طفلها، لكن ومع الأسف أنه حين تقرر العودة للمدرسة وجدت غيث رافض تماما فكرة الذهاب إليها خوفًا من أن يجد الشرطة هناك.

حلمي العريقي وهو تربوي، يؤكد أن العنف خلال فترة الحجر المنزلي كانت أثاره سيئة على الأطفال إذ يقول:” تقارير عدة أشارت إلى أن العنف الأسري خلال فترة الحجر المنزلي انتج لنا قاعدة عريضة من الاطفال ذوي الاعاقات النفسية، ويعقب : أن يُعنف طفل صغير ثم لا يجد أحدا يعبر له عما حصل له من عنف، أمر خطير للغاية إذ أنه يُفقد الطفل الأمان بأسرته من جهة ومن جهة أخرى يُعزز فيه شعور العدوانية واحتمالية الدخول في صدمة نفسية”. كما يُشير إلى أن أزمة كوفيد 19 والحجر المنزلي أفقد الأسرة خيار الخروج المتكرر من المنزل او مقابلة الأصدقاء والاتصال بالآخرين ما أدى إلى زيادة الأجواء السلبية في المنزل ورفع مشاعر الغضب والاستياء لدى الوالدين ليبدأ مع ذلك تفريغ المشاعر السامة على الأطفال بممارسة العنف بجميع أشكاله.

إقرأ أيضاً  اليمن في انتظار اتفاقية تقديم خدمة الإنترنت الفضائي

 ويعبر عن ذلك بقوله:” ينشأ الطفل في فترة صعبة جداً تُفضي الى مزيد من الضغوطات التي تجعل نفسيته محطمة بشكل مريع”.

ضعف التركيز

يتسبب العنف المنزلي ضد الأطفال بتدهور تحصيلهم العلمي وفقدانهم القدرة على التركيز. يقول همدان مغلس وهو متخص نفسي :” يتعرض الاطفال للعنف المنزلي والاضطهاد واستغلال ضعفهم من قبل الآباء او الاخوة او أي فرد من الأسرة بتكليفهم مهام فوق طاقاتهم او تلبية احتياجاتهم او الضرب العنيف غير المبرر وبسبب ضعف وقلة خبرة الاطفال في التعامل مع متطلبات الحياة وكيفية التصرف في المواقف يشعرهم ذلك بالضعف وتتشكل حولهم عقد كثيرة وضغوطات عدة  يصبحون معها أقل تركيزا داخل الصفوف الدراسية فيتدنى تحصيلهم العلمي كنتيجة حتمية، ذلك أن الدراسة تتطلب تحضير للدروس والمذاكرة وحل الواجبات والتركيز مع المعلم بالصف اثناء الدرس”. ويشير مغلس أن الطفل المعنف يوجه تركيزه إلى أشياء أخرى لأنه يصبح عرضة للتنمر بسبب تندي مستوى تحصيله العلمي، فيفكر بشكل عدواني كيف ينتقم من زملاءه المتنمرين في الصف بدلا من التركيز مع المعلمين. أما العريقي فيذكر أنه مع زملائه المعلمين واجهوا تحديات أكثر في المدرسة التي يعمل بها بعد فترة الحجر القسري إذ يقول:” تأكدنا من ارتفاع ظاهرة العنف الأسري أثناء تلك الفترة من خلال التعامل مع الطلاب، ويوضح: الطفل المعنف يرسم صورة ذهنية سلبية عن ذاته وعن الأخرين، وينعكس بشكل مباشر على مستوى الطالب في الدراسة وتحصيله العلمي، كما أنه يؤدي إلى العدوانية المفرطة تجاه كل شيء، زملاء الصف، نظام المدرسة، المعلمين، ويضيف: كذلك نجد الطفل المعنف هو الأكثر عرضة للتنمر أو العكس يصبح الأكثر تنمرًا ويتابع: نرى كل يوم الطالب المتأخر عن زملائه في التحصيل العلمي أو ضعيف الشخصية المنطوي ونعرف لاحقاً أنه يتعرض في المنزل إلى عنف شديد وهذا يفسر لنا رؤية نتائجه السيئة وتراجع تحصيله العلمي”.

تعتبر حماية الأطفال من أي عنف حقا أساسيا، ذلك أن العنف في هذه المرحلة قد يؤثر كثيرًا على نموهم السليم وتكوين شخصياتهم ويخلق جيلا من الأطفال العاجزين عن تحقيق متطلبات العيش الكريم.

تنشر هذا المادة بدعم من JHR/JDH صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا

مقالات مشابهة