المشاهد نت

المرأة اليمنية.. صوت السلام الغائب

دراسات: فرص نجاح مفاوضات السلام أكبر ويسفر عنها اتفاق سلام دائم عندما يتم اشراك المراة في عملية السلام

تعز – حمدان البكاري

عرفت المرأة قديمًا في المجتمع العربي بدورها المركزي قبل الإسلام وبعده، وذلك في تنمية المجتمع والتغيير الاجتماعي بشكل كبير، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من عملية التغيير والمساهمة في صنع القرار بمختلف الأصعدة بحضورها الجوهري ومكانها القيادي في المجتمع، وفقًا لمؤهلاتها الاجتماعية والعلمية والثقافية، وخبرتها المهنية التي جعلتها تقود دورًا فعالًا وهامًا في المجتمع.

وفي الوقت الذي تعمل فيه الدول المتقدمة على إشراك المرأة في كافة مجالات الحياة العامة، وذلك لدورها الإيجابي في تحقيق التقدم والتنمية، ماتزال الدول النامية، لاسيما اليمن، تقصي المرأة وتهمش دورها بالحياة بسبب عادات وتقاليد موروثة يتمسكون بها.

 شراكة المرأة

برزت في الآونة الأخيرة نساء يمنيات قدمن نجاحات باهرة في شتى المجالات، وشكلن مثالًا ناجحًا في صناعة القرار وتحقيق التنمية، على الرغم من المعوقات الكثيرة التي تواجههنّ، كمديرة مركز حماية وتأهيل المرأة، ومديرة دائرة المرأة بفرع المؤتمر الشعبي العام بمحافظة تعز، صباح راجح، التي تقول: “لا أستطيع العيش بدون المشاركة سواء على المستوى المجتمعي أو الإنساني أو السياسي أو الحزبي، وهذا حال المرأة اليمنية، والحمد لله كانت تجربتي ناجحة”.

وتؤكد راجح أن للمرأة أدوارًا كبيرة ومتعددة، ولأنها ترفض الحرب وتدعو للسلام كانت أدوارها ناجحة، وحققت مؤشرات بالسلام والوساطة والإغاثة والإنعاش. منوهة إلى أن “المرأة أصبحت تتحمل أعباء الإنفاق وإدارة الأسرة، لأن بعض الرجال في الجبهات، والبعض مخفيون، والبعض الآخر في عداد الموتى”.

وتشير إلى ما كُرس في المجتمع من ثقافة ذكورية أثرت فيه، وأن القيادات الحزبية والسياسية غير مؤمنة بشراكة المرأة وتقلدها مناصب قيادية وإدارية، حيث تحدد لها مواقع محددة لا تكون فيها صانعة قرار، “وقد لاحظنا الحكومة الأخيرة التي كانت خالية من تمثيل النساء فيها”.

صانعة قرار

تجد المرأة اليمنية صعوبة في الحصول على مختلف حقوقها الطبيعية والمدنية، وبخاصة في المشاركة السياسية وعملية السلام التي من شأنها أن تعمل على تعزيز موقعها داخل المجتمع اليمني، وهو ما يدفع الناشطة الصحفية اليمنية، آية خالد، للمطالبة بإشراك النساء في العملية السياسية وصنع القرار، وتمكين النساء سياسيًا واقتصاديًا، وتخصيص دوائر حكومية تديرها النساء أيضًا.

وترى خالد أن يكون هناك وزارة متخصصة بالمرأة وقضاياها تحتوي النساء وتحتضن احتياجاتهنّ، مشددة على ضرورة “أن تكون المرأة اليمنية صانعة قرار في حياتها، قوية متعلمة مثقفة واعية بحقوقها، ومؤمنة بأنها قادرة على التغيير وصنع القرار ووضع بصمة لذاتها، وأن تسعى لتحقيق كيانها، وتطور من ذاتها وقدراتها المهنية، وأن تمتلك حِرفة تعينها على الحياة وظروفها، وتتغلب على خوفها”.

نظرة قاصرة

يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة تعز، محمود البكاري: “هناك نظرة تقليدية لأدوار المرأة في المجتمع اليمني، حيث تنبع هذه النظرة من ثقافة مجتمعية تؤطر أدوار المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن حدود معينة، بعضها تقوم على تضييق دور المرأة في حدود الأعمال المنزلية والزراعية، ومؤخرًا في الأعمال الصناعية”.

إقرأ أيضاً  اليوم العالمي لحرية الصحافة

وبحسب البكاري، فإن المشاركة السياسية للمرأة تقوم على أحقية الرجل في تولي المناصب السياسية، وعدم السماح للمرأة بذلك، “مع أن المرأة كانت ولاتزال تقوم بدور الناخب في ظل وجود تشريعات وقوانين تسمح لها بذلك، لكنها تواجه صعوبات كبيرة من حيث الممارسة بسبب طبيعة العادات والتقاليد الاجتماعية والثقافية”.

ويرجع سبب ذلك إلى عدم وجود حراك نسوي داعم لمشاركة المرأة وانتزاع حقوقها، حيث يعتبره من أهم العوامل التي تجعل من المرأة في الموقع السلبي أو الأضعف، مشددًا على ضرورة “قيام الأحزاب السياسية بدعم المشاركة السياسية للمرأة، وأن تخصص لها مواقع قيادية داخل الحزب؛ لتتمكن من ممارسة العمل السياسي في الدولة والمناصب العليا الرسمية”.

تهميش ممنهج

في الوقت الذي يجري العالم كله دراسات وأبحاثًا حول أهمية مشاركة النساء في عملية السلام، تعمل الحكومة اليمنية على تهميشها تمامًا، بحسب الناشطة رشا عبدالكافي، “وذلك لأن كل من يقود هذه المفاوضات هم تجار حروب، ولديهم مصالح في الدرجة الأولى من استمرار الحرب”.

وتوضح عبدالكافي: “المرأة اليمنية أول صوت ينادي للسلام، وأكثر فئة عانت من الحرب وتحملت تبعاتها بحكم ذهاب الرجال لجبهات القتال، فصارت هي المعيل الوحيد”، منوهة إلى أن “هناك اقتصادًا حربيًا يتم حاليًا، وكلا الطرفين تجار حروب؛ لذا ليس من مصلحتهم أن تكون المرأة شريكة في عملية المفاوضات”.

وترى أن “هناك تهميشًا ممنهجًا وتنكرًا للنضالات السابقة للمرأة من قبل الأحزاب السياسية والسلطة اليمنية، ويوسع التهميش من فجوة المساواة ما بين الجنسين”، مضيفة: “كنا نعتقد أن المرأة اليمنية قطعت شوطًا كبيرًا من خلال تواجدها الكبير في مؤتمر الحوار الوطني، ومن خلال قيادتها المظاهرات والمسيرات السلمية في 2011، حيث كانت شريكة داخل مؤتمر الحوار في إعداد وصياغة مسودة الدستور اليمني الجديد، وهذا يدل على أن لديها كفاءات وقدرات في هذه الأماكن”.

وتشير إلى ملاحظتها “نساءً يقدن فرقًا شائكة وصعبة، مثل فريق صعدة الذي قادته الأستاذة نبيلة الزبير”، إلا أن كل ما وصلت له المرأة اليمنية تم التنصل منه وتهميشه بشكل ممنهج، مؤكدة أن “القوى السياسية تنظر للمرأة بدونيّة، وأنها غير صالحة للمفاوضات والحوار، فهي خاصة بالرجل”، لافتة إلى ما تقوله بعض الدراسات من أن “المفاوضات التي تشارك فيها المرأة تنجح بنسبة 80%، ويتم سريانها لمدة 16 عامًا على الأقل، وهذا ما لمسناه في نساء رواندا اللاتي قدن عملية السلام في بلادهنّ، لأن النساء شريكات حقيقيات في صنع السلام. وقد أقر مجلس الأمن، عام 2000، القرار 1325 الذي يشدد على إشراك النساء في عمليات السلام وحل النزاعات”. كما أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر 2017 قانون المرأة، السلام والأمن والذي يدعو إلى تعزيز مشاركة المرأة في الوساطات والمفاوضات للحد من الصراعات.

مقالات مشابهة