المشاهد نت

حرب إغلاق الطرق في مأرب

يضطر المسافرون سلوك طرق بديلة صعبة وغير آمنة للوصول إلى مأرب أو منفذ الوديعة نتيجة استمرار إغلاق الطرق والمنافذ الرسمية

مأرب – إدريس قاسم

لقد هدأت المواجهات نسبيًا، في مأرب، شمالي شرق اليمن، منذ أبريل الماضي، لكن المنطقة تشهد حربًا أخرى على السكان والمسافرين. فمع بدء الحملة العسكرية بقيادة السعودية على جماعة الحوثي في اليمن (أنصار الله)، أصبحت مأرب مدينة عبور رئيسية للمسافرين إلى منفذ االوديعة الحدودي مع السعودية، الذي يعد المنفذ البري الوحيد المتاح مع استمرار إغلاق منافذ برية أخرى، وحركة محدودة للطيران المدني في مطاري عدن وصنعاء.

وتكمن أهمية مأرب أنها أيضًا منطقة عبور رئيسية لتنقل المواطنين بين جميع المحافظات شرق اليمن وشمال البلاد.

استمرار الحرب على الطرقات من قبل أطراف الصراع، هذه المرة، يمس السكان في مأرب نفسها. فسكان مديريات جنوب مأرب التي سقطت في قبضة جماعة الحوثي، في أواخر 2021، يعانون الآن عند حاجتهم للسفر إلى منفذ الوديعة أو حتى إلى مدينة مأرب، مركز المحافظة.

“أضطر أن أسافر من بلادي مراد جنوب مأرب، إلى منفذ الوديعة، 35 ساعة بلا نوم، مرورًا بمنطقة رداع البيضاء، وذمار، وصنعاء، ثم نزولًا إلى الجوف وصحراء الرويك، والتي تستغرق هي الأخرى خمس ساعات، إلى أن أصل إلى الخط الدولي العبر، لأصلَ إلى الوديعة”؛ يقول عبدالله حمد، أحد سكان مراد، في حديث لـ”المشاهد”.

ويضيف عبدالله: “من قبل كنت اسافر عبر طريق: مأرب الفلج (مسار البيضاء -مأرب)، وبوقت لا يزيد عن 5 ساعات لأصلَ إلى منفذ الوديعة”.

يضطر المسافرون في اليمن المتجهون إلى منفذ االوديعة الحدودي مع السعودية، أو إلى مأرب، إلى سلوك طرق بديلة، وعرة، غير آمنة، وبدون خدمات.

الرحلة عبر الطريق الرسمي لمنفذ الوديعة بطول 507 كلم، من صنعاء، ومتوسط زمني لا يزيد عن سبع ساعات ونصف، في الظروف الطبيعية، ليس متاحًا. كما أن منفذ حرض -الطوال الحدودي مع السعودية، وبطول 282 كلم من صنعاء إلى منفذ الطوال البري السعودي، ومتوسط زمني لا يزيد عن خمس ساعات، في الظروف الطبيعية، كذلك غير متاح منذ بدء الصراع.

حرب إغلاق الطرق في مأرب
منفذ حرض-الطوال الحدودي المغلق مع السعودية بطول 282 كلم ومتوسط زمني نحو خمس ساعات مغلق منذ بدء الصراع-خرائط جوجل

وبدأ المسافرون اتخاذ طريق بديل يمر من صنعاء -ذمار -البيضاء -مأرب -الوديعة، وبطول 400 كلم، وبمتوسط زمني يزيد عن تسع ساعات، في الظروف الطبيعية. لكن هذا المسار البديل والصعب أصبح كذلك غير متاح منذ إغلاقه في أكتوبر2021، من قبل القوات الحكومية، عقب سيطرة مسلحي جماعة الحوثي على مناطق جنوب مأرب.

ويضيف عبدالله: “مع إغلاق طريق مأرب الفلج تغير كل شيء، وهذا حالنا اليوم، الطريق طويل ومتعب، ومما يزيد المعاناة أن بعض الشركات لديها وسائل نقل غير مؤهلة لتحمل وعورة الطريق وطول المسافة، وبعد أن كنا نسافر 5 ساعات فقط، أصبحنا نسافر ثلاثة إلى أربعة أيام، لنصل إلى منفذ الوديعة، وقد أنهكتنا مشقة السفر”.

في مأرب لكن يصلون عبر صنعاء

ثامر الثابتي، أحد السكان في جنوب مأرب، يقول في حديث لـ”المشاهد”: “أبناء مديريات مراد، رحبة، الجوبة، العبدية، جنوبي مأرب، في الأعوام السابقة، كنا نسافر نصف ساعة من الجوبة إلى مأرب، بينما حاليًا نسافر الفجر، ونصل مأرب في الليل، نضطر للسفر إلى صنعاء أو البيضاء وشبوة حتى نصل مأرب أو الوديعة”.

إغلاق المنافذ البرية والطرق من قبل أطراف الحرب في اليمن، لايزال مستمرًا للعام الثامن على التوالي، مما يدفع المسافرين إلى سلوك طريق بديلة شاقة.

إقرأ أيضاً  معاناة العمال في مدينة تعز

وكانت الأمم المتحدة تقدمت بهدنة في أبريل العام الماضي، تلزم الأطراف بفتح الطرقات، لكن الهدنة انتهت مطلع أكتوبر الماضي، بدون أي تقدم في هذا الجانب.

إغلاق طريق صحراء الجوف

بعد إغلاق المسار البديل الذي يمر من ذمار، البيضاء ومأرب، اضطر المسافرون إلى سلوك طريق صحراء الجوف، لكن الطريق رملي، غير آمن، وبدون أية خدمات على الطريق. ومع ذلك أغلقت السلطات في مأرب هذا الطريق في يناير هذا العام. الطريق البديل حاليًا، الذي أعلنته السطات في مأرب للوصول إلى الوديعة، هو: العبر -مأرب المدينة -الصمدة -المطار الجديد -الجوف -مفرق الجوف، ثم صنعاء. جزء من هذا الطريق البديل معبد، والجزء الآخر رملي وصحراء.

عبدالباسط الزمر، سائق سيارة فورد، يسافر من طريق الصحراء بشكل مستمر، وينقل مسافرين إلى صنعاء من المملكة العربية السعودية عبر طريق الصحراء.

يعاني المسافرون في هذا الطريق؛ إذ إن المركبة لا تسير بشكل طبيعي على الرمال، وتكون عرضة “للتغاريز” تعليق إطارات المركبة في الرمل أو الوحل.

معاناة التفتيش الأمني

حرب إغلاق الطرق في مأرب
الوصول لمأرب أو منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية يمر عبر طرق رملية غير آمنة وبدون أي خدمات-صور متدوالة لمسافرين

بعد إغلاق طريق صحراء الرويك من قبل سلطات مأرب، وتحويله عبر الطريق الجديد الذي يمر من الوديعة العبر ثم مأرب -المطار الجديد -الصمدة -الجوف مفرق الجوف -نهم صنعاء، تضاعفت معاناة المسافرين بسبب التفتيش في النقاط الأمنية.

يقول الزمر، في حديثه لـ”المشاهد”: “نصل إلى أول نقطة (نقطة التحالف)، فيقومون بإنزال كل أغراض المسافرين، ويتم تفتيشها، ونجلس قرابة ساعة منتظرين، ثم ندخل مأرب، ونخرج باتجاه حريب صوب المملكة. ويوجد خمس نقاط وراء بعض تزيد من معاناة المسافرين”.

ويضيف: “نزل أغراضك… جوازك… بطاقتك… ويتم تأخيرنا فيها لساعات”.

ويتابع: “في إحدى المرات وصلنا نقطة التحالف (في مداخل مأرب المدينة) الساعة الثانية بعد الظهر، وعبرنا من آخر نقطة الساعة التاسعة ليلًا، بعد السفر عبر الصحراء، وكان معنا نساء وأطفال”.

بدوره، يقول أيمن علي الأضرعي، الذي سافر عبر الصحراء، لـ”المشاهد”: “الصحراء تعب، سافرت باص، وتهنا فيها نصف يوم، واستمررت بالسفر ثلاثة أيام حتى وصلت صنعاء”.

معاناة أصحاب المركبات الصغيرة

محمد ناجي، صاحب سيارة خاصة، سافر من الرياض إلى اليمن منذ شهر، يقول في حديثه لـ”المشاهد”: “السيارات الصغيرة لا تعبر طريق الصحراء، فالصحراء معاناة وموت، والسيارات الصغيرة يلزم أن تركبها في سطحة (شاحنة نقل المركبات)”.

ويضيف ناجي: “خرجت من المنفذ اليمني (الوديعة) بسيارتي ألنترا، ولم أجد طريقًا أروح به، الطريق جعجعة… كرهت روحي، وكرهت حياتي، فمن قبل كنا نخرج من الوديعة والعبر، ونمر عبر الرويك، ولكنه الآن مقطوع، ونمر عبر مأرب، ثم ندخل صحراء”.

ويتابع: “مشيت طريق صافر ثلاث ساعات: طريق مقطع، محفر، متعب، رغم أنه مسفلت، يالله بالخير، خرجت بروحي حتى وصلت مأرب”.

ويقول: “طلعت سيارتي سطحة (شاحنة نقل السيارات) بألف ريال سعودي، من طريق مأرب الجديد، وخرجت الساعة السادسة صباحًا، فوصلت الساعة الخامسة المغرب، بداية طريق الجوف الإسفلتي، وقد تأثرت سيارتي، وكانت بتطيح “على وشك السقوط” من فوق السطحة. كرهت السفر في هذا الطريق”.

مقالات مشابهة