المشاهد نت

خذلان مكاسب المرأة اليمنية في زمن الحرب

المكاسب السياسية للمرأة اليمنية في مهب الحرب

عدن – زهور ناصر

وجهت قيادات نسائية يمنية نقدًا حادًا للأحزاب السياسية واتهمتها بعدم مساندة المرأة لاستعادة المكاسب التي خسرتها منذ اقتحام الحوثيين العاصمة صنعاء، واندلاع الحرب.

وأكدت نساء من توجهات مختلفة أن المرأة  فعلا خسرت معظم المكاسب التي كانت قد تحققت لها طوال العقود الماضية.

وامتد هذا النقد الى اتهام الاحزاب -خاصة التي تتشكل منها الحكومة المعترف بها دوليًا- بالتنصل عن التزاماتها خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل برفع مستوى تمثيل النساء إلى 30‎%‎ على الأقل، في كافة المواقع الحكومية وفي البرلمان ، وحتى في داخل الهيئات الحزبية ذاتها.

وعكست هذه المواقف حجم الصعوبات التي تواجه  الحركة النسائية التي تسعى لاستعادة وضعها إلى ما قبل الحرب، كما أن هذا الخذلان يكشف محدودية الدور الذي تلعبه المرأة في إطار المنظومة الحزبية.

قضية حتمية

تقول نائبة رئيس مركز حماية لحقوق الإنسان، المحامية لبنى القدسي في حديث للمشاهد: إن الحرب والصراع والقوى الإقليمية والدولية في اليمن عملوا على تجميد العملية السياسية؛ لتحقيق أهداف غير مشروعة.”

وتضيف لـ«المشاهد» “لاحظنا تراجع في المشاركة السياسية للنساء، ولهذا حان الوقت أن تنهض الأحزاب والمكونات السياسية بجدية لإحياء العمل السياسي وتقديم الرؤى والمقترحات لاستعادة زمام الأمور بشأن المرأة.”

المحامية القدسي حثت قيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية دعم تواجد المرأة في أي عمل سياسي، والمشاركة في مفاوضات الحوار على المستوى الوطني أو المحلي، ومن المهم وجود تكتلات نسوية لتعزيز المشاركة وتوحيد المواقف؛ لذا فإن مشاركة المرأة في العملية السياسية أمر حتمي وليس تفضلًا من المكونات والأحزاب.

وترى أن المرأة بعد الحرب أصبحت عرضة للقيود المرتبطة بالعمل أو التنقل، وتم استهدافها في الصراع بالقتل المباشر، وتعرضت بعض الفتيات للزواج القسري، والزواج المبكر، مشيرةً إلى أن كثير من النساء فقدن أعمالهن، وتسربت الكثير من الفتيات من التعليم نتيجة الفقر.

نقطة الصفر

لكن خديجة الحدابي، رئيسة مؤسسة سلام يمن كانت أكثر وضوحًا في توصيف حال النساء، وما تعرضت له من إقصاء.

وقالت في حديث لـ«المشاهد» “إن المرأة التي ناضلت طويلا للحصول على حقوقها عادت اليوم إلى نقطة الصفر لتسجل انتكاسة على الصعيد السياسي والحقوقي بشكل خاص.”

وتشير إلى أن المرأة فقدت حضورها الفاعل في مواقع صناعة القرار، سواء في مناطق سيطرة الحوثيين أو مناطق نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

تقويض النضال النسوي

ولأن واقع المرأة هو جزء من واقع اليمنيين عمومًا، فإن سارة هيثم عضو الدائرة السياسية في المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بتعز، ترى “أن سيطرة الحوثيين على السلطة جاء ليقوض مرحلة أوجدتها ثورة فبراير 2011، حين كانت المرأة فيها القائدة والثائرة جنبًا إلى جنب مع الرجل -ان لم تكن أكثر حضورًا.”

وتتذكر هيثم أن نتائج مؤتمر الحوار الوطني، كانت قد وضعت البلاد على عتبة مرحلة جديدة تنافس فيها المرأة الرجل في الحقوق والواجبات.

التراجع للخلف

وتقول أروى الشميري، قيادية بالحراك النسوي في تعز، أن واقع المرأة في اليمن بشكل عام سيء جدًا، وتراجع خطوات إلى الخلف، وتضيف: للأسف تم تهميش المرأة سياسيًا بشكل واضح خلال سنوات الحرب.”

إقرأ أيضاً  تهريب القات إلى السعودية... خطوة نحو المال والموت

وخلال حديثها مع «المشاهد»، طالبت بأن تكون النساء في واجهة العمل السياسي وليس ضمن حكومة الظل كما يراد لها حتى من منظمات تديرها النساء أنفسهن.”

الشميري حملت ما عُرف بـ”الربيع العربي” مسؤولية عرقلة العمل السياسي، ومعه حزب المؤتمر، وترى أن هذا أثر كثيرًا على النساء داخل الحزب ذاته.”

واقع منهك

 رئيسة فرع اللجنة الوطنية للمرأة، وهي منظمة حكومية، صباح الشرعبي، فتقرأ واقع المرأة اليمنية بأنه ”منهك”.

وتقول “إن المرأة اليمنية وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع كل الظروف التي تحيط بها فحملت عواقب الحرب على كاهلها، وأصبحت نازحة ومعيلة لأسرتها نتيجة فقدان رب الأسرة وتدهور الوضع الاقتصادي، ودون أن تحدد موقف من أداء الأحزاب.”

وتذكر الشرعبي أن فترة الحرب أفرزت خيارات سياسية استثنت المرأة بدرجة كبيرة من المشاركة السياسية نتيجة المحاصصة.

أصعب بلد على النساء

 تقدم الباحثة والإعلامية، أماني باخريبة صورة شديدة القتامة لأوضاع النساء في اليمن.

 وتقول إن المرأة ترزح تحت وطأة جماعة الحوثي، التي جعلت اليمن أصعب بلدان العالم للنساء، وباتت المرأة وكأنها مدفونة تحت تراب الانتهاكات.”

باخريبة اتهمت الحوثيين بمصادرة أبسط حقوق النساء، وذكرت أن الحرب جعلت المرأة في مواجهة العنف ومختلف أنواع الانتهاكات، ليس أولها غياب العائل، كما ليس آخرها تعرضها للاعتقال والإخفاء والمحاكمات.”

ووفق رؤية باخريبة، التي قدمتها لـ«المشاهد»، فإن هذا الوضع ألزم النساء على التعامل مع التحديات المرتبطة بمحدودية الوصول لحاجاتهم الأساسية والتي شهدت تدهورًا مطردًا بسبب استمرار الحرب.”

تهميش مقصود

تقول  رئيسة تحرير صحيفة ”الوطن توداي”، نور سريب، أن الأوضاع الصعبة التي تعصف بالبلاد جعلت النساء والأطفال الفئة الأكثر تضررًا اقتصاديًا واجتماعيًا، وحتى على الصعيد النفسي، واصفةً معاناة النساء بـ”الكبيرة” في جميع المناطق اليمنية.

وقالت سريب لـلمشاهد: إن النساء فقدن المشاركة بصنع القرار في مناطق الحكومة، وما خلو الحكومة الحالية من أي وجود نسائي إلا انعكاس للتهميش ”المقصود” من قبل الأطراف المتبنية لمخرجات الحوار الوطني.”

استعادة مكاسب المرأة

وفيما يخص الكيفية التي يمكن من خلالها استعادة مكاسب المرأة، اقترحت عدد من النسوة لـ«المشاهد» إن ذلك ممكن من خلال الضغط على الأطراف والمكونات والمانحين والداعمين.

بالإضافة إلى توحيد النساء لأصواتهن وممارسة ضغوط فعلية لانتزاع حقوقهن، واتفقنّ على أن الحراك النسوي هو إحدى الوسائل لاستعادة مكاسب النساء اليمنيات، التي خسرتها.

لكن بعض القيادات النسوية لديها مبررات لعدم إشراك الأحزاب للنساء في أي مواقع حكومية متقدمة، ويؤكدنّ سببه الحاجة إلى حكومة حرب والظروف الاستثنائية التي  تعيشها البلاد.

وأكدنّ لـ«المشاهد» أن ثمة أحزاب قدمت للمرأة الكثير سواءً قبل الوحدة أو بعد تحقيق الوحدة، أما حاليًا فإن معظم الأحزاب تقريبًا تلعب دورًا بسيطًا في الحكومة الحالية، بسبب الظروف الاستثنائية المرتبطة بالحرب.

كما أكدنّ على أن الحركة النسوية في البلاد لها تاريخ عريق، وكل المكاسب التي تحققت كانت نتيجة نضال مستمر.

مقالات مشابهة