المشاهد نت

مديرية حجر بحضرموت.. «حياة بدائية» بلا خدمات

وادي حجر بحضرموت كان يسمى ”وادي المليون نخلة” غير أن المنطقة اليوم تعاني انعدامًا في الخدمات - الصورة أرشيفية

حضرموت – إكرام فرج

يروي أبو أحمد، من سكان مديرية حجر الواقعة غرب مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، معاناته الدائمة مع المرض، وذلك عند إصابة أحد أبنائه بأي نوع من أنواع الحميات المنتشرة أو أي وباء قد يصيبهم.

ويضطر أبو أحمد إلى نقل أولاده عند مرضهم إلى مدينة المكلا؛ لعدم توافر أبسط الخدمات في مديرية الحجر، كالفحوصات الطبية الطارئة أو العلاجات التي تخفف من ارتفاع حرارة الحمى بالجسم، وغيرها.

فسكان مديرية حجر يفتقرون للمشاريع والخدمات الأساسية في المجال الصحي، الأمر الذي انعكس على حال المديرية وأهاليها الذين باتوا ضحية الأوبئة والأمراض.

وتشتهر مديرية حجر بأراضيها الخصبة، التي تُزرع فيها مختلف الصنوف، كما يتواجد فيها جداول مياه وأودية صغيرة تكفي لسد احتياجات السكان المحليين المشتغلين بالزراعة.

الوضع الصحي

يعيش سكان المنطقة حياة بالغة السوء، وصعوبة الحياة في المدينة جاءت انعكاسًا لحالة التهميش والإقصاء وغياب الخدمات، إذ تفتقر إلى أبسط مقومات العيش الأساسية.

حيث تنتشر الأمراض والأوبئة في أوساط المواطنين البالغ عددهم قرابة 40 ألف نسمة، كالسرطان والكوليرا والفيروسات، فضلاً عن غياب المستلزمات الطبية ونقص الكادر الصحي بالمديرية، وخصوصًا في ظل انعدام تواجد مركز صحي متخصص في المنطقة.

وبحسب احصائيات مستشفى الفقيد الشادلي بمديرية حجر، حصل عليها «المشاهد»، سُجلت خلال شهري يناير وأبريل من العام الجاري، 503 حالات مصابة بالتهابات الجهاز التنفسي العلوي الحاد.

كما سجلت 109 حالات فقر الدم (الأنيميا)، ووصلت حالات الاشتباه بحمى الضنك 50 حالة، وحالات الإسهال المائي الحاد المشتبه بالكوليرا حوالي 14 حالة، فيما وصلت حالات الإصابة بسوء التغذية إلى 48 حالة خلال الأربع الأشهر الأولى من هذا العام.

يقول مساعد طبيب هيثم أحمد إن الدعم الصحي في المنطقة يقتصر على بعض المنظمات الداعمة التي تقدم خدمات تعاقدية للوحدتين الصحيتين؛ مما خفف على المواطنين بشكل بسيط جدًا ولكن هذه الخدمات لا تعالج الأمراض المزمنة والخطيرة والحالات الحرجة التي تأتي بشكل طارئ ومستعجل.

ويتحدث أن هناك تقصير من جانب السلطة المحلية لدعم المناطق البعيدة، ويرجع هذا التقصير إلى ما تعيشه البلاد من شحة الإمكانيات وعدم دعمهم من قيادة المحافظة لتوفير خدمة صحية مقبولة، في حدها الأدنى عبر توفير الأدوية، كعلاجات الإسهال وإلتهاب الجهاز التنفسي وغيرها.

وأشار إلى إنه تم إدخال جهاز الفحص CBC في الفترة الأخيرة؛ الأمر الذي سهّل على المواطن كثير من العناء، ولكن جهاز واحد فقط في المديرية بأكملها؛ ما يجعل هناك عجز في تغطية كافة الحالات التي تأتي إلى الوحدة الصحية.

إقرأ أيضاً  إصابات بحريقين في مخيمات النازحين بمأرب

ومع تطور الخدمات الطبية والتكنولوجيا الحديثة بما فيها من أجهزة وأدوات صحية تخدم المواطن وتخفف من معاناته، إلا أن المديرية مازالت تعاني من تدهور وتدني في تقديم مستويات عالية من الخدمات للمواطنين والتي تعتبر كاحتياجات رئيسية مهمة في الجانب الصحي، ولهذا فهي بحاجة إلى مزيد من الدعم للقيام بدورها على أكمل وجه.

الإهمال والتهميش

ما يميز المديرية عن غيرها في مناطق ساحل حضرموت أنها تمتلك تربة زراعية خصبة، وتشتهر بإنتاج الخضروات والفاكهة، وخاصة البطيخ، إذ يتم تصديره إلى مختلف أسواق اليمن، بيد أن نسبة الإنتاج انخفضت وبشكل لافت، خصوصًا في السنوات الأخيرة.

ويعود هذا الانخفاض إلى عدم توافر المياه وإهمال السلطات والجهات المعنية لإصلاح قنوات الري والدور المائية، إضافة إلى غلاء الوقود والمتطلبات الخاصة بالزراعة.

من هنا تعاني هذه المنطقة الزراعية الخصبة من الإهمال والعناية من السلطة المحلية ووزارة الزراعة والري؛ مما انعكس سلبًا على الحياة المعيشية للسكان، حيث يعمل غالبيتهم في مهنة الزراعة.

وبعد أن كان يطلق على وادي حجر اسم ”وادي المليون نخلة”، وذلك لكثرة مزارع النخيل فيه، إلا أنه شهد هلاك ما يقارب نصف مليون نخلة، وانقطاع الكثيرين عن أعمالهم في الزراعة، واتجاه معظم الأهالي للبحث عن مصدر دخل بديل وآخر، وهو العمل في مهنة الحطب كمهنة بدائية وشاقة، بحسب الأهالي.

حيث يقول بعض الحطّابين لـ«المشاهد» أنهم يستغرقوا في عملية جمع حطب الأشجار قرابة شهر لكي يستطيعون توفير تكلفة المواصلات الباهظة والتي يقومون فيها بالاحتطاب وبأدوات بدائية، ويتم نقله عبر سيارات كبيرة لإيصاله إلى المدينة؛ ليقوموا بتوزيعه بحسب أحجامه وربطه على شكل حزم متنوعة ليتم عرضه وبيعه في سوق المدينة.

ويتواجد ممارسة هذه المهن بكثرة على الشارع الرئيسي والدولي الممتد من المكلا إلى عدن، حيث يشتكي بائعو الحطب من إنخفاض سعره مقابل مشقة الحصول عليه ونقله.

حياة بدائية

لا تقتصر معاناة أهالي المنطقة على الجانب الزراعي فقط بل في حصولهم على مياه الشرب كذلك، حيث جرفت السيول أنابيب وشبكات المياه التي تغذي بعض مناطق وادي حجر منها منطقة ”الجول” وما يجاورها؛ الأمر الذي ضاعف من معاناة مواطنين المنطقة.

فهم يقطعون عشرات المسافات ويأتون بأواني بلاستيكية كبيرة سعة 20 لتر لتعبئتها من مجاري السيول واستخدامها كمياهٍ للشرب.

كما أن هذا الوضع اضطر الأهالي إلى استخدام أدوات النقل البدائية، ومعظهم يستخدمون المواشي لحمل الأواني و”الترامس’ الكبيرة، وقلة منهم يأتون بدراجات نارية لتحميل الخزانات بعد تعبئتها بالمياه.

مقالات مشابهة