المشاهد نت

سوق سوداء للكتاب المدرسي في عدن

مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي في عدن لم تطبع كتب جديدة منذ 2017

عدن – سماح عملاق

يسيطر باعة الكتب المدرسية على بعض الأرصفة في سوق الشيخ عثمان بعدن، ويزداد حضورهم قبل بدء العام الدراسي الجديد. العديد من الطلاب أو أولياء الأمور يقبلون على باعة الكتب هناك، ويسألون عن السعر. البعض يشتري، والبعض الآخر يكتفي بالسؤال ثم ينصرف.

عدن حاليا هي العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دوليا بقيادة مجلس القيادة الرئاسي، لكن التعليم بما في ذلك توزيع الكتاب المدرسي للتلاميذ ممنوع من الصرف بالرغم من التوقف النسبي للقتال. والحال في صنعاء لا يختلف كثيرا عن عدن سوى أن السلطات في صنعاء تبيع الكتاب المدرسي علنا للتلاميذ وأولياء أمورهم عبر “نقاط بيع منظمة” تتبع مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء، حسب تقرير سابق للمشاهد نشر في سبتمبر الماضي.

سوق سوداء للكتاب المدرسي في عدن
نقاط بيع للكتاب المدرسي في صنعاء-سبتمبر 2022

في مارس من هذا العام، توقفت المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي بعدن، وقال حينها المدير التنفيذي للمؤسسة محمد باسليم، إن التوقف سيستمر حتى وصول الدعم المالي. حتى اليوم، لم تقدم الحكومة اليمنية بعدن حلًا يمكن المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي من استئناف نشاطها، الأمر الذي أجبر الآلاف من طلاب المدارس على شراء الكتب المدرسية من السوق السوداء، وسرّح 500 موظف وعامل من المؤسسة.

تقول أم جميلة إن ابنتها التي أنهت الفصل الدراسي الثاني من الصف الرابع، في كريتر بعدن، لم تحصل على معظم كتبها الدراسية، وأثر ذلك سلبًا على تحصيلها العلمي. في حديثها لـ”المشاهد” تضيف أم جميلة: “ذهبت إلى إدارة المدرسة، وطالبت بكتب ابنتي، فحصلت على بعض الكتب القديمة، ولم أحصل على بقية الكتب التي احتاجتها جميلة”.

نظرًا لتعثر استئناف المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي، قررت رئاسة مجلس الوزراء طباعة الكتاب المدرسي للعام الدراسي 2023/2024، خارج اليمن، على أن يتم طلب التمويل لعملية الطباعة من المانحين، بحسب بيان صادر عن المؤسسة في 8 مايو/ أيار الفائت.

لكن مصادر مقربة من وزير التربية والتعليم، طارق العكبري، قالت إن الوزير لم يوافق على طباعة الكتب خارج البلاد، وأشارت المصادر، في يونيو، إلى أن ذلك القرار يعد انتهاكًا للقرار الجمهوري بإنشاء مؤسسة المطابع كمؤسسة اقتصادية مستقلة، ويجب تعزيز المؤسسة بالتمويل اللازم للقيام بمهامها الموكلة إليها بطباعة الكتاب المدرسي، باعتبار أنها المؤسسة الوحيدة التي تملك الحق الحصري في طباعته.

إقرأ أيضاً  ضياع حق المرأة في التعليم والعمل بسبب الحرب 

مياد سالم، رئيس نقابة المؤسسة، يقول لـ”المشاهد”: “الطباعة في المؤسسة أقل كلفة، لأن عروض سعرها شاملة للتوصيل إلى مكاتب التربية في المحافظات المحررة، فمن المفترض على مجلس الوزراء اعتماد تمويل خطة الطباعة بأكملها، لكن الحكومة لم تقدم أكثر من 20%، فلماذا الطباعة في الخارج؟”.

ويضيف سالم: “الكتاب المدرسي ثروة قومية قد يتعرض للتحريف، وطباعته خارج حدودها يستنزف العملة الصعبة، ويوقف مؤسسة وطنية تستحق الدعم”.

مطالب باستئناف عمل مطابع الكتاب المدرسي

أُنشئت مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي عام 1992، كمؤسسة تعليمية مستقلة ماليًا وإداريًا، وخلال الأشهر الماضية لم تستطع الحفاظ  على استمرارها نظرًا لغياب الدعم الكافي. لم تطبع المؤسسة أية كتب جديدة منذ عام 2017 وفق تصريحات المدير التنفيذي للمؤسسة محمد باسليم.

بعد توقف المؤسسة، ارتفعت الأصوات المطالبة باستئناف نشاطها. في السابع من أغسطس، طالبت اللجنة النقابية لمطابع الكتاب المدرسي بتشغيل المؤسسة بأسرع وقت ممكن حفاظًا على أصول المؤسسة والمواد الخام.

وقالت اللجنة -في بيان لها صادر عن وقفة احتجاجية لموظفي المؤسسة- إن توقف المؤسسة “تسبب بعدم صرف مرتبات الموظفين، وإلحاق الضرر بالآلات جراء توقفها الطويل عن العمل، وأيضًا المخزون من الكتب المدرسية والمواد الخام التي تتعرض إلى التلف طول فترة التوقف بسبب الحرارة العالية في المخازن والخطوط الإنتاجية، وهذا يكلف المؤسسة أموالًا كبيرة جدًا”.

في ظل عدم توفر الكتب المدرسية بشكل كافٍ، تفرض بعض المدارس على الطلاب تسليم الكتب السابقة، لكن أم سهيلة ترفض أن تعيد كتب ابنتها التي تدرس في مدرسة بعدن. تقول أم سهيلة لـ”المشاهد”: “لن أعيد إلا الكتب التي استلمتها ابنتي من المدرسة، والكتب التي اشتريتها من السوق السوداء، سأحتفظ بها لأبنائي الأصغر سنًا”.

مع اقتراب العام الدراسي الجديد في عدن والمحافظات الجنوبية، لا تنتظر أم جميلة حصول ابنتها على الكتب من المدرسة. ستذهب إلى السوق السوداء، وتحصل على الكتب التي تريد، وبسعر يصل إلى 1500 ريال يمني للكتاب الواحد.

مقالات مشابهة