المشاهد نت

الهجمات على السفن تهدد بقلب محادثات السلام في اليمن

سفينة ام اس سي كلارا، سفينة حاويات-10 سبتمبر 2016 نقلا عن فليت مونت

ترجمة – عبدالله قائد:

منذ وقت ليس ببعيد، ربما كان السعوديون يرحبون باستعراض غربي للقوة ضد الحوثيين، وهي جماعة شيعية متمردة قاتلت ضد التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ عام 2015. إلا أنه اليوم وبينما تشكل الولايات المتحدة تحالفها الخاص لوقف هجمات الحوثيين على الشحن التجاري، يحث السعوديون على توخي الحذر؛ فهم يخشون أن تفسد هذه الخطوة الجهود المبذولة للهروب من حربهم في اليمن.

فمنذ منتصف نوفمبر، هاجم الحوثيون ما لا يقل عن اثنتي عشرة سفينة في البحر الأحمر، إما عن طريق إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، أو عن طريق محاولة اختطافها. وتقول الحركة، التي أثارتها الحرب في غزة، إنها تستهدف السفن التي لها ارتباطات بإسرائيل. غير أن هجماتها تبدو عشوائية على نحو متزايد. أصابت إحدى الضربات الصاروخية في ديسمبر ناقلة ترفع العلم النرويجي وطاقمها هندي تحمل زيتًا نباتيًا من ماليزيا إلى إيطاليا.

قررت العديد من الشركات تجنب العبور بالمنطقة. فمنذ 15 ديسمبر، أوقفت أربع من أكبر خمس شركات شحن في العالم، وهي: CMA CGM وHapag-Lloyd وMaersk وMSC، مرورها عبر البحر الأحمر. وفي 18 ديسمبر، قالت شركة النفط والغاز البريطانية العملاقة بريتش بتروليم، إن ناقلاتها ستتجنب المرور بتلك الطريق، حيث ارتفعت تكاليف التأمين. وسيكون لهذا عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي: فنحو 10٪ من التجارة المنقولة بحرًا تمر عبر باب المندب، وهو مضيق ضيق بين إفريقيا وشبه الجزيرة العربية.

وسيضر ذلك بشكل خاص بمصر، التي جمعت إيرادات قياسية بلغت 9.4 مليار دولار من قناة السويس في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو. هذه الرسوم هي أحد مصادرها الرئيسية للعملة الصعبة. حاولت الحكومة التقليل من تأثير هجمات الحوثيين. ويقول أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إن 55 سفينة فقط حولت مسارها بين 19 نوفمبر و17 ديسمبر، مقارنة بـ2128 سفينة مرت عبر القناة. غير أن هذا يعكس في الغالب وقتًا قبل أن يبدأ كبار الشاحنين في تجنب المرور بالبحر الأحمر. فمن المحتمل أن تكون أرقام الشهر المقبل هي أسوأ من ذي قبل.

وقد تلقى الحوثيون أسلحة وتدريبًا من إيران، وتتناسب حملتهم ضد الشحن مع استراتيجية إيرانية أوسع لاستخدام وكلائها لإعاقة إسرائيل. غير أن المسؤولين الغربيين والإسرائيليين ليسوا متأكدين من أن إيران توجه هجمات فردية. ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم حريصون على أن تلعب الصين دورًا دبلوماسيًا. ويأملون أن يحث ذلك إيران على كبح جماح الحوثيين. وتعد الصين أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، حيث تحصل على ما يقرب من 1.5 مليون برميل يوميًا (ما يقرب من نصف إجمالي إنتاجها)، مما يمنحها نفوذًا على طهران. وهي بحاجة إلى ممر آمن عبر البحر الأحمر للتجارة مع أوروبا.

وتعمل فرقة عمل متعددة الجنسيات بقيادة البحرية الأمريكية فعليًا قبالة الساحل اليمني في محاولة منها لردع الحوثيين. وفي الأسابيع الأخيرة، اعترضت السفن الحربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية طائرات الحوثيين المسيرة وصواريخهم. وهذا يجعل السعوديين متوترين. بعد أن استولى الحوثيون على صنعاء، عاصمة اليمن، وجزء كبير من غرب اليمن في عام 2014، قام التحالف الذي تقوده السعودية بالغزو لإزاحتهم من السلطة واستعادة الحكومة المعترف بها دوليًا. فأصبحت الحرب مستنقعًا. لايزال الحوثيون يسيطرون على معظم سكان اليمن، في حين يسيطر المتمردون الانفصاليون، المدعومون من الإمارات العربية المتحدة، على الجنوب.

تعمل فرقة عمل متعددة الجنسيات بقيادة البحرية الأمريكية فعليًا قبالة الساحل اليمني في محاولة منها لردع الحوثيين. وفي الأسابيع الأخيرة، اعترضت السفن الحربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية طائرات الحوثيين المسيرة وصواريخهم. وهذا يجعل السعوديين متوترين.

كان السعوديون في حاجة لإنهاء دورهم في الحرب (كما سحبت الإمارات معظم قواتها في عام 2019). ووافقوا على هدنة لمدة شهرين مع الحوثيين في أبريل 2022، ثم مددوها مرتين. على الرغم من أن الهدنة انتهت رسميًا في أكتوبر 2022، إلا أنها لاتزال سارية إلى حد كبير، حيث قل العنف في اليمن عما كان عليه بكثير عن مستوياته لما قبل الهدنة. وقد أمضى الجانبان شهورًا في الحديث عن اتفاق سلام، وقدم السعوديون بعض الفتات للحوثيين، مثل تخفيف حصارهم البحري لليمن، والسماح بمزيد من الرحلات الجوية إلى صنعاء.

إقرأ أيضاً  إتلاف خمور مهربة في لحج

ويقول دبلوماسيون إن الأطراف تقترب الآن من الاتفاق على “خارطة طريق” لجعل وقف إطلاق النار دائمًا، وإنهاء الحرب. ويقوم هانز غروندبرغ، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، برحلات مكوكية بينهما لوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل. ومن المحتمل أن تركز المرحلة الأولى على التدابير الاقتصادية. ويطالب الحوثيون منذ فترة طويلة بأن تدفع الحكومة المعترف بها دوليًا رواتب القطاع العام في المناطق التي يسيطرون عليها، وهو أمر رفض السعوديون السماح به. وبموجب خارطة طريق جديدة، يمكن الإعلان عنها في الأسابيع القليلة المقبلة، من المحتمل أن تسمح المملكة بمثل هذه المدفوعات.

وهذا يضع المملكة العربية السعودية في موقف حرج يتمثل في حث الولايات المتحدة على ضبط النفس ضد عدوها القديم. غضبت المملكة عندما قرر جو بايدن في عام 2021 إزالة الحوثيين من قائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. إلا أن السعوديين الآن يلتزمون الصمت في حين يحث أعضاء الكونغرس إدارة بايدن على التراجع عن قرارها. ويقول مسؤولون غربيون إن إعادة الحوثيين إلى القائمة من شأنه أن يمزق خريطة الطريق، على سبيل المثال، لن يتمكن السعوديون من تسهيل دفع الرواتب لمجموعة تخضع لعقوبات أمريكية شاملة.

ويأمل الحوثيون أن تمنحهم هجماتهم على الشحن مزيدًا من النفوذ في المحادثات مع المملكة العربية السعودية، وأن القتال نيابة عن الفلسطينيين سيعزز من شعبيتهم في اليمن. قد يكونون على حق بشأن كسب مزيد من النفوذ في المحادثات مع السعودية، إلا أن تعزيز شعبيتهم من خلال القتال بالنيابة عن الفلسطينيين قد يثبت أنه خطأ في التقدير. فلا يمكن إنكار أن حملتهم كان لها تأثير على إسرائيل. انخفضت الإيرادات في ميناء إيلات الإسرائيلي بنسبة 80٪، وتكلفة شحن البضائع إلى إسرائيل آخذة في الارتفاع. لكن إيلات تتعامل مع حوالي 5٪ فقط من تجارة إسرائيل المنقولة بحرًا. معظمها يمر عبر أشدود وحيفا على البحر الأبيض المتوسط. سيرفع الحوثيون التكاليف على المستهلكين الإسرائيليين، إلا أنهم بعيدون عن وضع البلاد تحت الحصار.

وقد تكون العواقب أسوأ بكثير في اليمن، الذي يستورد أكثر من 80٪ من غذائه. ويأتي معظم ذلك عبر الحديدة، وهو ميناؤها الرئيس على البحر الأحمر. سوف تتجنب السفن الآن إما باستخدام الميناء أو تفرض أسعارًا أعلى لتعكس تكلفة التأمين المرتفعة الخاصة بها. يقول رجل أعمال يمني إن أسعار الشحن الخاصة به زادت بأكثر من 50٪ منذ أن بدأ الحوثيون هجماتهم.

وهذا يعني ارتفاع أسعار المواد الغذائية في بلد لا يستطيع معظم الناس فيه من سابق تحمل تكاليف شراء الطعام، فقد ارتفع سعر سلة المواد الغذائية الأساسية في اليمن أربعة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية. يعتمد حوالي ثلثي اليمنيين على المساعدات للبقاء على قيد الحياة. بعبارة أخرى، الحوثيون لا يحاصرون إسرائيل بقدر ما يحاصرون بلدهم الفقير للغاية!

المصدر: الإيكنوميست

الرابط

https://www.economist.com/middle-east-and-africa/2023/12/19/attacks-on-shipping-threaten-to-upend-peace-talks-in-yemen

مقالات مشابهة