المشاهد نت

الشتاء موسم الأعراس في الحديدة

اعتدال درجة الحرارة يساعد على تخفيف حدة المزاج ويخفف من فاتورة الكهرباء ما يحفز الأسر إقامة حفلات الزفاف خلال الشتاء

الحديدة- وفاء أحمد

العديد من الأسر بمحافظة الحديدة تتجنب إقامة المناسبات الاجتماعية مثل حفلات الزفاف في فصل الصيف، ويرى الأهالي هناك أن الحر الشديد يفسد الشعور بالبهجة في ظل ضعف خدمة الكهرباء وغلاء سعرها.

تتذكر أم عبير، 44عاما، في مديرية الحالي بمدينة الحديدة، حفلات زفاف إحدى بناتها في فصل الصيف في السنوات الماضية، وتقول: “كان سكان الحديدة يفضلون إقامة مناسباتهم في فصل الصيف، مع موسم جني زهرة الفل التي تتزين بها النساء، لكن الأزمات التي نعيشها بسبب الحرب أجبرتنا على التنازل عن تلك الطقوس، وأصبحنا نفضل الحفلات في فصل الشتاء”.

المناسبات الاجتماعية في فصل الصيف تتطلب كهرباء وكميات كبيرة من المشروبات الباردة للضيوف، وهذا الأمر يعد عبئا كبيرا للعديد من الأسر.

تضيف أم عبير لـ “المشاهد”: “قدوم الضيوف إلى المنزل يتطلب تشغيل المكيفات والمراوح في كل غرف المنزل، وتحتاج لميزانية مالية نظرا لارتفاع سعر الكهرباء الحكومي والذي وصل سعر الكيلو وات (الحكومية) 250 ريالا،. كل هذه المشاكل نتجنبها إذا نظمنا الحفلات في الشتاء”.

تتجاوز درجات الحرارة في محافظة الحديدة 45 درجة مئوية، وتتراوح نسبة الرطوبة العالية بين 70 و85 %. وتجد الآلاف من الأسر صعوبة كبيرة في الحصول على التيار الكهربائي بسبب ارتفاع سعرها.

الصيف و الحالة النفسية

الإخصائي النفسي إبراهيم الحداد يوضح أسباب رغبة الأسر بالحديدة في إقامة المناسبات خلال فصل الشتاء، ويقول في حديثه لـ “المشاهد” إن اعتدال درجة الحرارة تؤثر بشكل إيجابي على الحالة النفسية، إذ تكون الحالة النفسية مستقرة ويستطيع المواطنون الجلوس في البيت دون الشعور بالضيق، كما تقل النفقات التي يتم إنفاقها في فترة المناسبة، بخاصة تكاليف الكهرباء.

احتفلت هناء، 22 عاما، بزفافها، في فصل الصيف من العام الماضي، ولا زالت تتذكر الخلاف الذي حصل بين أهلها وأهل عريسها، بسبب نقص الماء الذي تم تقديمه للضيوف.

تقول هناء ل “المشاهد”: “كاد عرسي أن يفشل بسبب خلاف بسيط، وأعتقد أن مزاج الأشخاص في فصل الصيف يكون سيئا، ولا يتحملون بعضهم البعض”.

إقرأ أيضاً  خطة أمنية لمنع إطلاق النار في المناسبات غرب لحج

يؤكد الإخصائي النفسي وجود علاقة بين المزاج الشخصي للأفراد والصيف، إذ يقول: “يؤثر الحر على المزاج الشخصي والحالة النفسية للشخص، تزداد نسبة المشاكل والاضطرابات النفسية ومنها القلق، والاكتئاب، والإرهاق، والأرق عند معظم الناس في المناطق التي ترتفع فيها درجة الحرارة في الصيف”.

بحسب الحداد، يتسبب ارتفاع درجات الحرارة بزيادة إفراز الجسم لهرمون الكورتيزول ، والمعروف بهرمون القلق، بينما تكون نسبة الكورتيزول في أدنى حالاتها أثناء فصل الشتاء، وترتفع أثناء الصيف، ولذلك تحدث التقلبات المزاجية، وتزيد مشاعر القلق والغضب والاكتئاب.

موسم لحفلات الزفاف

كفاح، 40 عاما، تعمل في تجهيز العرائس في الحديدة، تقول إن انقطاع التيار الكهربائي في فصل الصيف يسبب ارتباكا قويا لها وللعرائس، لأن المكياج الذي تضعه على وجوه النساء يتأثر بدرجة الحرارة العالية، ما يفرض عليها توفير الكهرباء من مولد صغير خاص بها.

تقول: “عندما تنطفئ الكهرباء أثناء العمل في فصل الشتاء، لا نشعر بانزعاج، ويمكنني مواصلة العمل أو الانتظار لعودة التيار الكهربائي، ولهذا السبب تفضل معظم الفتيات في الحديدة أن تقام أعراسهن في فصل الشتاء”.

ربا سعيد، 28 عاما، من مدينة الحديدة، تقول إنها تفضل حفلات الزفاف في الشتاء، لأن العروس تستطيع أن تعيش تفاصيل الفرح، حيث لا يزعجها الازدحام أو انقطاع الكهرباء، ولا تعاني من التوتر الذي يأتي بسبب خوف العروس من تشوه مكياجها أو اتساخ فستانها.

تضيف لـ “المشاهد”: “أقيمت حفلة زفافي في فصل الشتاء، ولم يزعجني ثقل الفستان، ولا الإكسسوارات التي وضعت على عنقي وشعري. ولم يكن هناك تعرق، رغم الزحمة في صالة العرس، ولم أشعر بالضيق والقلق الذي يتسبب به حر الصيف”.

يأتي فصل الشتاء من كل عام، ويبتهج بقدومه السكان في الحديدة التي يتوافد إليها الزوار من المحافظات اليمنية الأخرى. تختم ربا حديثها، وتقول: “في الشتاء، تشفى الجروح التي يتسبب بها الحر وتختفي التقيحات في أجساد الأطفال والكبار، وتبتهج الأسر بالحفلات الاجتماعية في ظل الجو المعتدل”.

مقالات مشابهة