المشاهد نت

أطفال يفضلون مزارع القات على المدرسة

تدهور مصادر الدخل وتدني التعليم يدفع بالأطفال نحو العمل في مزارع القات-ذمار-اليمن

ذمار-رفيق الرميش

يذهب مشتاق الزعلة، 17 عاما، إلى العمل في مزارع القات بريف ذمار كل يوم برفقة إخوانه، ويقضون معظم ساعات النهار في العمل، ولم يعد أحدا منهم يرغب في الذهاب إلى المدرسة. 

قبل سنوات، ترك مشتاق الدراسة، وكرس وقته للعمل مع والده في مزارع القات، واليوم لا يستطيع مشتاق القراءة والكتابة. في حديثه ل “المشاهد”، يقول: ” تركت الدراسة بعد أن وجدتها ضياع للوقت”. 

يضيف: “بدأت العمل في قطف القات، وكنت أحصل على مبالغ مالية كل يوم، ووجدت أن العمل وتوفير المال أفضل من ضياع أيامي في المدرسة، وشجعني والدي أيضا على العمل”. 

يعترف والد مشتاق بأهمية التعليم، ويفضل أن يحصل أبناءه على تعليم جيد ويعملون في مجالات مهمة كالطب والهندسة، لكنهم يندفعون أكثر إلى العمل وجمع المال، ولا يهتمون بالمدرسة، وهذا حال الكثير من الأطفال منذ نشوب الحرب في اليمن عام 2015. 

في العام الماضي، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إن الأطفال في اليمن “يُسلبون من مستقبلهم”، نظرا للأزمة التي تشهدها البلاد، إذ يحتاج نحو 11 مليون طفل إلى شكل أو أكثر من أشكال المساعدة الإنسانية.

وأشارت المنظمة إلى أن “ما يقرب من ستة ملايين طفل في اليمن على بعد خطوة واحدة فقط من المجاعة، إنهم في حاجة ماسة إلى دعم عاجل.”

فقدان الثقة في التعليم 

ملايين من الأطفال في اليمن يجدون أنفسهم مضطرين للتخلي عن الدراسة والرياضة من أجل العمل لإعالة أنفسهم وذويهم، في الوقت الذي لا يجدون حافزا لاستمرار التعليم. ويعمل الأطفال في أشغال وأنشطة شاقة وخطيرة في قطاعات مثل البناء والتجارة والزراعة بأجور متدنية.

عبدالباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماع السياسي في اليمن، يقول ل “المشاهد” إن الحروب والنزاعات وانهيار الوضع الاقتصادي دفعت الأطفال إلى التوجه إلى سوق العمل أو جبهات القتال. 

إقرأ أيضاً  تعز.. الإعلان عن خطة طارئة لمواجهة تفشي الكوليرا

بحسب شمسان، هناك أسواق مفتوحة للعمل دائما، ومنها مزارع القات، وهذه الأسواق ليست أسواق إنتاجية، لأن الأسواق الإنتاجية تحتاج إلى عمالة ماهرة. 

يضيف: “في مثل هذه الظروف التي تمر بها اليمن، يصبح التعليم غير مهما، خصوصا أن أصحاب الدرجات الجامعية لا يتلقون المرتبات في كل القطاعات، وهنا يصبح التعليم ليس منفذا للحصول على الدخل، ولهذا الأمر يصبح التعليم غير محفز للمجتمع، وغالبا ما تذهب الأفراد نحو الأعمال التي تحقق لهم الدخل”. 

دور الآباء

الأستاذ عبدالفتاح الهاملي، مدير مدرسة في ريف ذمار، يرى أن الآباء يلعبون دورا مهما في تشجيع الأطفال على مواصلة التعليم، وعندما يتغاضى الآباء عن مصير أطفالهم التعليمي، يندفع الأطفال إلى سوق العمل، بما في ذلك مزارع القات. 

يشير الهاملي إلى أن توجه الأطفال نحو العمل مرتبط بالوضع المعيشي للكثير من الأسر التي أجبرتها الظروف الاقتصادية على إرسال الأبناء إلى العمل من أجل الحصول على عائد مادي لتوفير لقمة العيش. 

يضيف: “لا ننكر أيضا أن تدهور التعليم في المدارس أسهم في تفاقم ظاهرة تسرب الطلاب، ويتغيب الأساتذة عن الحضور بسبب انقطاع المرتبات ويفضلون العمل في مجالات تمكنهم من توفير تكاليف المعيشة”.

اليوم، لا يشعر مشتاق بالحزن أو الندم عندما يرى البعض من أبناء قريته يذهبون في الصباح إلى المدرسة، بينما هو يسير إلى مزرعة القات، لأنه يعتقد أن بقاءهم في المدرسة لن يطول، و سيتوقفون عن التعليم في يوم ما، وحتى إن أكملوا تعليمهم، فيرى أن ذلك لن يضمن لهم الوظيفة أو الاستقلال المادي في المستقبل. 

مقالات مشابهة