المشاهد نت

بسبب الطريق، 100 دولار أجرة توصيل مريض للمستشفى في ريمة

طريق القدم-ذرحان_بلاد الطعام، ريمة- مارس 2022

ريمة-عبد الملك الأغبري

يستغرق السفر والتنقل في مديريات محافظة ريمة وقتا وجهدا نظرا لوعورة الطرق الجبلية وندرة الخطوط الأسفلتية. بلاد الطعام، إحدى مديريات ريمة التي يعاني السكان فيها كل يوم، لا سيما أولئك الذين يعيشون في المناطق الجبلية. 

توجد طرق رئيسية تربط بين المديريات، لكن العزل والقرى تفتقر للطرق الواسعة والآمنة، ويتكبد المواطنين عناء السفر في تلك الطرقات الوعرة، ولا تزال الحوادث المميتة في الجبال تحدث مرارا. 

محمد حسن، أحد مندوبي الطرقات بمديرية بلاد الطعام، يقول ل “المشاهد”: يعتبر الطريق أبرز مشكلة نعاني منها في المديرية، حيث نقضي وقت طويل أثناء السفر من القرى إلى الأسواق التي تبعد مسافة تصل إلى 40 كيلو متر. في هذه الطريق، لا تستطيع السيارات الصغيرة أن تسير عليها،  ويضطر أغلب الركاب النزول من السيارة في أغلب مراحل الطريق بسبب المنعطفات الخطيرة التي قد تودي بحياة كل الركاب لو حدث أدنى خطأ من السائق، أو حدث خلل في السيارة”. 

يشير محمد إلى  أن وصول المرضى إلى المستشفيات يتأخر بسبب وعورة الطريق، وترتفع تكاليف المواصلات عند الذهاب إلى المستشفى، حيث يصل المبلغ إلى ٥٠ ألف ريال من العملة القديمة، أي بحدود ١٠٠دولار. 

يضيف محمد: “تزيد المعاناة في موسم الأمطار الغزيرة نتيجة المنحدرات والمنعطفات الخطيرة. يترك السائقون السيارات أسابيع أسبوع، ويضطر السكان لاستخدام الحمير أو المشي على الأقدام لساعات”. 

تعثر إصلاح الطرقات

تعد الطريق التي تربط بين منطقتي “صَرَعْ” وربوع بني خولي من أهم الطرقات التي يستخدمها الآلاف من المواطنين في العديد من العزل. انطلقت مبادرة مجتمعية قبل سنة لشق الطريق إلا أنها توقفت بسبب توقف الدعم. 

صالح الحمامي، مدير عام المشاركات المجتمعية بالمديرية، يقول ل “المشاهد”: “تبدأ الطريق الوعرة من منطقة “صَرَعْ” بعزلة ذرحان، وتمتد إلى منطقة “ربوع بني خولي” ويبلغ طول الطريق ١٣.٥ كم، وهو طريق ترابي صخري تم تنفيذه على نفقة المجتمع كمبادرة مجتمعية بمساندة السلطة المحلية ووحدة التدخلات المركزية الطارئة بوزارة المالية، التي ساهمت  بـ٨٠٠٠ لتر من مادة الديزل، وتم العمل فيها أواخر عام ٢٠٢٢م. خلال شهرين من العمل، تم إنجاز مسافة تقدر بحوالي ٨ كم من عملية الشَّق، وتعثر العمل بسبب توقف الدعم إلى وقتنا الحاضر”. 

يضيف: “تم عمل دراسة أولية للمشروع من قبل مكتب الأشغال العامة بالمحافظة بإجمالي ٧٠٠مليون ريال يمني لتغطية تكاليف الشق، وعمل عبارات وجدران ساندة. حتى الآن، لم ينفذ إلا جزء بسيط من عملية الشق. وهذا المشروع يحتاج إلى استكمال الشق، وبناء عبارات، وجدران ساندة حتى لا تجرفه السيول، وكأننا لم نفعل شيئًا، قدمنا تفاصيل المشروع إلى  الجهات المعنية، لكن لم نجد أي تجاوب”. 

إقرأ أيضاً  تعز.. الإعلان عن خطة طارئة لمواجهة تفشي الكوليرا

توقف أيضا تنفيذ شق الطريق الذي يربط بين مديرية بلاد الطعام ومديرية الجبين بسبب نقص التمويل.

 المهندس وليد النهمي، مدير عام مكتب الأشغال العامة والطرق بمحافظة ريمة، يقول لـ “المشاهد” إن طريق مديرية بلاد الطعام-الجبين يعتبر من الطرق الرئيسية في المحافظة، التي كانت تمولها وتشرف عليها وزارة الأشغال العامة مركزيًا، وكبقية المشاريع المركزية توقف التمويل بعد العام ٢٠١١.

وتابع: “في عام ٢٠١٨،  تمت مناقشة مشروع تعثر الطُرق الرئيسية، وانعدام منفذ شرقي للمحافظة، وتم اختيار منفذ طريق “الجبين – بني ناحت – بلاد الطعام” كمنفذ شرقي يخدم المحافظة بشكلٍ عام.

يشير النهمي إلى أن الخطة كانت تهدف إلى استكمال المشروع، ولكن بسبب عدم الحصول على  دعم مالي كاف، توقف العمل.  

ضحايا حوادث الطريق

الطرق الوعرة تقتل المسافرين في العديد من المحافظات اليمنية، ولأن ريمة محافظة جبلية، تكثر فيها حوادث السير المميتة. يقول، حسن ناصر، سائق من عزلة ذرحان بمديرية بلاد الطعام، يقول إن قيادة السيارة في الطرق الجبلية أمر محفوف بالمخاطر، حتى وإن كان السائق محترفا. 

يتذكر حسن حادثة انقلاب سيارته قبل سنوات، ويقول ل “المشاهد”: “عندما انقلبت سيارتي، كان على متنها عدد من الركاب، وأصيب فيها الجميع بكسور بالغة، وبعد نقلهم إلى المستشفى قمنا بإجراء العمليات والعلاجات. أحد المصابين لم يتحسن، فاضطررنا إلى بتر قدمه، فيما أصيبت زوجته بعدد من الكسور في مناطق متفرقة من الجسم من ضمنها منطقة الحوض، وهي وزوجها معاقين في البيت حتى اليوم”. 

يشير إلى أن تكلفة العلاج للمصابين بلغت حينها إلى ١١ مليون ريال يمني من العملة القديمة (نحو 21 ألف دولارا أمريكيا)، بالإضافة إلى المبلغ الذي دفعه لإصلاح سيارته. 

يضيف حسن: “حصل حادث مشابه معي في نفس الطريق في العام ٢٠٠٦م، تُوفيت على إثر ذلك إمرأة، وقبل خمسة شهور من الآن تقريبًا، وقع حادث انقلاب سيارة أحد الأصدقاء لكن لم تحدث أي إصابة بلطفٍ من الله، لكن المعاناة لا زالت مستمرة”. 

عزيز الذرحاني، سائق جرافة لشق الطرق، بدأ العمل في شق طريق في عزلة ذرحان قبل أربع سنوات ولضيق المساحة وصعوبة المكان انقلبت الجرافة، وكاد أن يسقط على أحدى المنازل. يقول الذرحاني: “اضطررنا للحفر بمساعدة كل الأهالي وإحضار رافعة، واستطعنا سحب الجرافة وإخراجها بعد يومٍ كامل من المحاولات”. 

يضيف: “في طريقٍ كهذه، لا يمكن لأي سائق أن يمشي في هذا المكان إلا النخبة من سائقي أبناء المنطقة”.

في ظل الحرب التي تشهدها البلاد، تعثرت مشاريع الطرق، وتعرض العديد منها للتدمير بسبب الحرب أو السيول، ولم تتدخل الجهات المعنية في التخفيف من المعاناة التي يواجهها المواطن اليمني في الطرق الجبلية. 

مقالات مشابهة