المشاهد نت

الاحتفال بـ « الشعبانية » في الحديدة

طلاء الجدران باللون الأبيض أحد مظاهر الاحتفال بالشعبانية-الحديدة

الحديدة- ياسمين الصلوي

منذ أسبوعين، استعدت نجاة خليل، مواطنة في محافظة الحديدة، للاحتفال بيوم 15 شعبان، ويطلق على هذه المناسبة بـ ” الشعبانية “، ويحتفل بها المواطنون بطرق مختلفة في العديد من المحافظات اليمنية.

تختلف طقوس الاحتفال بالشعبانية من محافظة إلى أخرى، لكن الجميع يظهر نوعا من البهجة والاحتفال بهذا اليوم.

في حديثها لـ “المشاهد”، تقول نجاة، 30 عاما،: “نقوم بترتيب المنزل بشكل مختلف، ويتم طلاء جدران المنزل من الخارج بمادة” النورة “حتى تأخذ اللون الأبيض، وكذلك يفعل جميع أهل الحي الذي نسكن فيه، وتزين جدران منازل أزقة الأحياء استعدادا ليوم الشعبانية “.

تعيش نجاة في مديرية الجراحي بمحافظة الحديدة، المنطقة التي يحتفل الكثير من سكانها بهذه المناسبة مثل غيرهم من أبناء المدينة، وتحرص الكثير من الأسر صيام نهار يوم الشعبانية، ويكثرون الدعاء والذكر والاستغفار، كونهم يعتقدون أن يوم ” الشعبانية ” من الأيام المباركة.

وتضيف: “نقوم بتجهيز الملابس الجديدة للكبار والأطفال والطيب ومصروفات العزيمة التي يستضاف بها نساء من القرية والأقارب والأهل، مثل شراء الثلج والنباتات العطرية التي تتزين بها النساء، ويأتي بعض الأقارب من المدينة، ويحرصون كل عام أن يشاركونا هذه المناسبة”.

يحرص أبناء العديد من المناطق في الحديدة لا سيما الريفية والساحلية على حضور الكرنفالات التي تقام يوم الشعبانية ، مثل مسابقة الخيول والهجن، ويطلقون عليها ” التصبيحة “، إضافة إلى “الزيارة” وهي زيارة قبور الأولياء.

وبعد صلاة العشاء تبدأ جلسات المقيل، ويتم ترديد الأناشيد الدينية، والاستغفار والدعاء وذكر الله، ويكون هناك مجالس منفصلة خاصة بالرجال والنساء.

طقوس التصبيحة 

أحمد عياش، أحد الأدباء والكتاب بمديرية الحوك في الحديدة، يقول لـ “المشاهد”: “في بعض المناطق يتم شراء ملابس جديدة للأطفال لإدخال السعادة عليهم في ذلك اليوم، ويتم شراء اللحوم وطبخها وتناول وجبة عشاء دسمة. بعض المقتدرين ماديا يقدمون وجبة عشاء جماعية، وبعضهم يذبحون ويوزعون اللحوم على الفقراء أو هدايا نقدية”.

يضيف: “وفي ليلة الشعبانية ، يذهب الأطفال للعب في الساحات المحددة للأعياد مثل حي” الصديقية “في مدينة الحديدة. أما الكبار، فيسمرون في منازلهم مع بعض أصدقائهم وجيرانهم، وبعضهم يسمرون في منازل العلم ودواوين العلماء ويقضون وقتهم في القراءة”.

إقرأ أيضاً  الإفراج عن مبيدات سامة في صنعاء

أبرز الطقوس التي تقام يوم الشعبانية والتي تشترك بها العديد من المناطق في الحديدة ما يسمى ب ( التصبيحة والزيارة)، والتصبيحة هي أن يذهب الرجال صباحا في الخامس عشر من شعبان إلى مكان يتم تحديده لإقامة مهرجان لسباق الخيول.

وقد تناول العديد من المهتمين بالتراث والموروث من أبناء تهامة ” التصبيحة ” في مؤلفاتهم وأبحاثهم، منهم أحمد سالم، أحد أبرز كتاب محافظة الحديدة وعضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، حيث ذكر في مقاله تعريفا للتصبيحة ، وقال: ” التصبيحة نعني بها بزوغ الفجر وبداية الصباح المشرق من فجر يوم الخامس عشر من شعبان، حيث بعد أداء صلاة الفجر جماعة في المساجد تختتم هذه المراسيم للفعاليات الثقافية لمهرجان الجراحي السنوي بإقامة سباق الخيول على ساحة الميدان، ويشارك فيه العديد من الشباب الفرسان وخاصة الذين لا يزالون يحتفظون بالخيول لإظهار مهاراتهم في المهرجان”.

وذكر في مقاله أن هذا المهرجان يسبقه دعوة لأصحاب الخيول، والتنسيق معهم لحضور هذا السباق، مشيرا إلى أن الهدف من إقامة هذه الفعالية هو تشجيع الأهالي على تعليم أبنائهم ركوب الخيل، إضافة إلى تشجيع المجتمع على الاهتمام بهذه الثروة الحيوانية التي لها دور بارز في تاريخ المسلمين.

طقوس الزيارة

وهناك طقوس أخرى يقوم بها أبناء تهامة وهي “الزيارات”، وفيها يقوم بعض سكان محافظة الحديدة بزيارة قبور الأولياء، لاسيما مديرية الجراحي، حيث يذهب الكثير منهم لزيارة ضريح الولي ” المساوى ابن الطاهر”.

تتم الزيارة عبر مجموعتين، النساء والأطفال يذهبون إلى الضريح يوم الثالث عشر من شعبان، أما الرجال فيذهبون يوم الرابع عشر من شعبان.

تتوقف طريقة سكان محافظة الحديدة في الاحتفال بهذا اليوم حسب ظروفهم المادية، فهناك من يقوم بشراء الذبائح ومستلزمات الولائم التي تقام ليلة الخامس عشر من شعبان، أما الفقراء فلهم استعدادات متواضعة حسب قدرتهم المالية.

خلال السنوات الأخيرة، تراجع الاحتفال بالشعبانية في الحديدة، بسبب الصعوبات المادية والاقتصادية للأسر، بالإضافة إلى أن بعض الأسر بدأت ترى أن الاحتفال والصيام بهذا اليوم بدعة، وأن إقامة الولائم والاحتفالات والمهرجانات هي أعمال لإهدار الوقت.

مقالات مشابهة