المشاهد نت

التغلب على النزوح من خلال حياكة المعاوز

حصلت غادة عبدالباقي على مكينة خياطة، منظومة طاقة شمسية وأقمشة لتشغيل مشروعها الخاص في حياكة المعاوز

تعز-أمة الله عبدالله

تعمل غادة عبدالباقي (40 عامًا) في حياكة المعاوز الرجالية وبيعها، في تحد للعادات والتقاليد لمهنة يمارسها الرجال في اليمن، ويعد المعوز من أشهر الملابس التراثية باليمن، وله أشكال عدة. 

تعمل غادة في حياكة المعاوز في احدى غرف منزلها بتعز، وتجيد حياكة المعاوز البيضاني والسلاطيني والعادي واللحجي والملكي، إلى جانب عملها في خياطة ملابس النساء والأطفال.

تقول غادة” أشعر بالسعادة لكوني أنفق على أسرتي أطفالي وزوجي من عملي، وزبائني يشعرون بالراحة من عملي بأنه متقن، ويستغربون من حياكتي للمعاوز وهو عمل خاص بالرجال”.

تبعات النزوح

تسببت الحرب بنزوح أسرة غادة، زوجها وبناتها الأربع، من محافظة صنعاء، إلى الحديدة ومن ثم إلى ذمار، ليستقر بهم الحال بمنزل ريفي بمديرية الشمايتين بتعز. وبسبب النزوح مرض زوجها مما أدى الى توقفه  عن العمل وأيضا اضطرت لمواجهة مشاكل جديدة بعد النزوح، منها تعرضها لعنف لفظي مستمر بسبب بحثها عن عمل تعيل أسرتها من خلاله، حسب تعبيرها.  

وعملت غادة في بداية الأمر خياطة ملابس الأطفال والنساء، إلا أن ما تجنيه كان لا يكفي قوت يومهم، حتى تمكنت من اقتحام مهنة يحتكرها الرجال وهي حياكة المعاوز.

تشرح بداية قصتها قائلة: “بدأت بخياطة فساتين الفتيات والنساء وبيعها، وكنت أول ما أخرج أبحث عن عمل أواجه الكثير من العقبات والمضايقات والسب والشتم من الأهل والأصدقاء”، ما يضطرها إلى ترك العمل. “فالعنف الذي تعرضت له لا يمكن تخيله” اختزلت بهذه الكلمات غادة قصة ما تعرضت له. 

وبعد استقرار غادة وأسرتها، في ريف تعز قررت الا تستسلم بالبحث عن العمل مرة أخرى، وحينها سمعت بعض النساء يتحدثن عن المساحة الآمنة التابعة لاتحاد نساء اليمن بمديرية الشمايتين، فالتحقت بها وتم عمل لها جلسات دعم نفسي وإعادة تأهيل، وتم الحاقها بالتدريب حول حياكة المعاوز، والحصول على تمكين اقتصادي شمل مكينة حياكة لمعاوز ومنظومة طاقة شمسية واقمشة معاوز”

 وتضيف: “شاركت بالدورة بتفوق وحصلت على تمكين اقتصادي من الاتحاد، وبدأت حياكة المعاوز وبيعها في القرى والأسواق”. 

التعافي

خاضت غادة هذه المهنة من أجل إيجاد مصدر دخل بديل لها ولاسرتها وأصبحت الآن أكثر قوة وتعيش مع بناتها وزوجها وأصبح لديها مصدر دخل، مؤكدة أنها لن تستسلم للظروف وستواصل مسيرتها لتحقيق حلمها في أن تفتتح معمل خاص بحياكة المعاوز، وأن تصبح مدربة في هذا المجال.  

إقرأ أيضاً  من طقوس العيد.. «الحناء الحضرمي» صانع بهجة النساء

تلخص قصة غادة مشوار نجاح وكفاح، تغلبت على العنف الذي تعرضت له، نتيجة العادات والتقاليد في اليمن، والتي زادت الحرب من تفاقمها.

يشير صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى ارتفاع العنف ضد المرأة اليمنية بنسبة ٦٣% في 2017. 

وقد زاد عدد الأسر النازحة التي تعيلها نساء من 9% قبل بدء الصراع في 2015 إلى 26% في 2022، حسب صندوق الأمم التحدة للسكان.

مسؤوليات مضاعفة

تقول المحامية والقانونية هدى الصراري أن النساء في اليمن يتعرضن لأشكال متعددة من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وقد ظهرت أنماط عنف خلال سنوات الصراع المسلح زادت من تدهور الوضع الإنساني لحقوق المرأة وانتهاك حقها في الحياة والسلامة الجسدية بالإضافة إلى تحملها مسؤوليات مضاعفة نتيجة غياب رب الأسرة وساهم الوضع الاقتصادي المتدني من ازدياد حالات الفقر وتسرب الفتيات من التعليم والزواج القسري. 

 تمكين النازحات

تشير رئيسة شبكة النوع الاجتماعي بمركز المرأة للدراسات النسوية بجامعة عدن الدكتورة آيات النعماني، أنه لابد من دعم القيادات النسوية من خلال تمكينهن في مجالس صنع القرار وزيادة تمثيلهن في المناصب وتعزيز حمايتهن في مواقع السلطة.

منوهة بالحاجة إلى أهمية تمويل المنظمات النسائية التي تعمل على رفد الاقتصاد النسوي وابتكار المشاريع الصغيرة التي تساعد الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي من زيادة دخلهن الاقتصادي وتمكينهن بشكل مستمر في سوق العمل وريادة المشاريع.

يعمل اتحاد نساء اليمن على تقديم العديد من الخدمات للنساء والفتيات اللاتي يتعرضن للعنف من خلال توفير المكان الآمن والدعم النفسي والدعم القانوني والمساعدة النقدية والتمكين الاقتصادي. 

وتشير فوزية الحميضة، رئيسة اتحاد نساء اليمن بمحافظة تعز، إلى أن الاتحاد يساهم  في التمكين الاقتصادي للنساء ويعمل على تعزيز قدراتهن واعتمادهن على انفسهن وتحسين المستوى الاقتصادي لهن من خلال نزولهن الى سوق العمل ووصولهن إلى الاكتفاء الذاتي. 

وسعى اتحاد نساء اليمن إلى عمل مساحات آمنة لتقديم الخدمات المتعددة للنساء والفتيات المعنفات من الأسر المستضعفة والناجيات من العنف وذلك لإعادة تأهليهن نفسيا واقتصاديا واجتماعيا وقدرتهن على التعايش مع المجتمع المضيف وخلق فرصة جديدة حسب مديرة الإحالة والأخصائية النفسية في  اتحاد نساء اليمن بمديرية الشمايتين سهام محفوظ. 

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

مقالات مشابهة