المشاهد نت

هذا اليوم يتحسس الصحفيون وجوه زملائهم في عتمة السجون

صنعاء-حسان محمد:
ما تزال المناشدات والإدانات مستمرة لإطلاق سراح الصحفيين العشرة الذين تجري محاكماتهم في سجون جماعة الحوثي في ظروف احتجاز لا تتوفر فيه أبسط الحقوق، إذ يحرمون من الزيارات والعلاج.
وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها “احتجاز عشرة صحفيين يبرز المخاطر التي يواجهها العاملون في وسائل الإعلام” الصادر يوم 1 من مايو الجاري، إن الاحتجاز التعسفي لعشرة صحفيين قرابة أربع سنوات على أيدي سلطات الأمر الواقع الحوثية، هو مؤشر قاتم للحالة الأليمة التي تواجهها حرية الإعلام في اليمن، وتطالب بالإفراج الفوري عنهم عشية اليوم العالمي لحرية الصحافة.
واحتجز الصحفيون العشرة منذ صيف 2015، وتتم محاكمتهم بتهم تجسس ملفقة بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير.
ويعيش الصحفيون اليمنيون رهن الاعتقال داخل السجون وخارجها، وهؤلاء يقيدهم الخوف من إبداء الرأي خوفاً من القتل أو الزج بهم داخل السجون، وتكبلهم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتتخطفهم الأطراف من كل الجهات.
“الوضع المعيشي للصحفيين هو الأسوأ على الإطلاق منذ ظهور الصحافة، والصحفيون للأسف الشديد هم الأكثر ضحايا في الوضع الحالي وخط الاستهداف الأول لجميع الأطراف التي ترفض أي أصوات مغايرة لها” كما يقول نبيل الأسيدي عضو نقابة الصحفيين اليمنيين لـ”المشاهد”.
ويؤكد الأسيدي أن الحرب انعكست سلباً على الصحفيين بشكل أساسي، وضاعف من آثارها غياب الرواتب لتكون الحلقة الأبرز في المعاناة كون معظم الصحفيين يعملون في وسائل إعلام رسمية وكانوا معتمدين على الراتب بدرجة أساسية.

هذا اليوم يتحسس الصحفيون وجوه زملائهم في عتمة السجون
11 صحفي في سجون جماعة الحوثي

الصحافة، بلا حرية في اليمن


تقلصت حرية الصحافة إلى أدنى المستويات، وبات الصحفي مهدداً بالقتل او الاختطاف، وقد تستخدم وسائل ضغط أخرى كاعتقال أحد الأقارب، ناهيك عن استهداف الصحفي بشكل مباشر في أماكن النزاعات واعتباره هدف يجب التخلص منه بحسب ما قالته الصحفية فاطمة الأغبري لـ”المشاهد”.
وتضيف الأغبري:” إذا عبر الصحفي عن رأيه وقناعاته فإن مصيره الاعتقال والإخفاء القسري كما حدث للصحفيين الذين يتعرضون لأوضاع مزرية وتعذيب داخل سجون الحوثيين ويحرمون من أبسط الحقوق ويقاضون أمام محاكم غير دستورية”. 
وتعتقد أن خوف الأطراف في اليمن من قلم وصوت الصحفي جعلها تقلص هامش حرية الرأي والتعبير، واستخدام كافة الطرق لقمعه وإسكات صوته.
ويتفق معها الأسيدي الذي يرى أن مأساة الصحفيين في اليمن أكبر من التعبير والحديث عنها، فالكثير يعيش حالة تشرد في الداخل والخارج وهناك تكاليف إضافية للتشرد كما أن العديد من العاملين في الصحافة الأهلية والمستقلة ومراسلين خارجيين والعاملين في مكاتب إعلامية فقدوا وظائفهم نظراً للمضايقات والاعتداءات.

إقرأ أيضاً  تضييق الخناق على السلفيين في شمال اليمن 

انتهاكات مقلقة


الاتحاد الدولي للصحفيين نشر مطلع العام الجاري في تقريره التاسع والعشرين قائمة تشمل 94 صحفياً وعاملاً إعلاميا قتلوا أثناء تأيدتهم عملهم في عام 2018، (84) صحفياً ومصوراً ومنتجاً ميدانياً وفنياً قُتلوا نتيجة استهدافهم بشكل متعمد، أو بهجمات القنابل، أو بحوادث تبادل النيران.
ورصدت نقابة الصحفيين اليمنيين في تقريرها الخاص بالانتهاكات التي طالت الحريات الإعلامية في اليمن خلال الربع الأول من العام 2019، (28) حالة انتهاك تعرض لها الصحفيين.
وارتكب الحوثيون (17) حالة انتهاك من إجمالي الانتهاكات بنسبة 61%، فيما ارتكبت الحكومة بمختلف تشكيلاتها وهيئتها 10 حالات بنسبة 36%، وارتكبت جهة خاصة حالة واحدة بنسبة 3%.
وفي العام 2018، رصدت نقابة الصحفيين 226 حالة انتهاك منذ مطلع العام 2018 طالت صحفيين ومصورين وعشرات الصحف والمواقع الإلكترونية ومقار إعلامية وممتلكات صحفيين. ارتكبت جماعة الحوثي 136 حالة بنسبة 60%، فيما ارتكبت جهات وهيئات عسكرية وأمنية ومحلية تتبع حكومة الشرعية 68 حالة انتهاك بنسبة 30%، وارتكب التحالف العربي 11 حالة بنسبة 5%، فيما ارتكب مجهولين 9 حالات بنسبة 4%، والحراك الجنوبي حالتين بنسبة 1%. فيما وثق مرصد الحريات الإعلامية التابع لمركز الدراسات والإعلام الاقتصاد 144 انتهاكاً ضد الحريات الإعلامية في اليمن خلال العام 2018 منها 12 حالة قتل و43 حالة اختطاف تعرض لها إعلاميون لتصل عدد حالات القتل إلى 42 صحفياً وناشطاً إعلامياً، واختطاف 400 صحفيٍ منذ بداية الأحداث 2014.

أوضاع معيشية صعبة


بلغت الأوضاع الصعبة التي يعيشها الصحفيون منذ ثلاث سنوات حداً لا يطاق في ظل غياب الرواتب، فضلا عن الحرب التي خلقت بيئة قامعة ومتعسفة للصحافة والصحافيين بحسب نجيب العصار سكرتير تحرير صحيفة الوحدة الرسمية لـ “المشاهد”، والذي يشير إلى أن الحكومة حرمت الصحفيين من الراتب الذي يعد حقاً أساسياً وثابتاً، مما فاقم من صعوبة معيشتهم وصار البعض منهم وأسرهم بلا مأوى، ولا حياة كريمة.
ويتهم العصار نقابة الصحفيين بالتنصل عن مسؤولياتهم في الدفاع عن حقوق الصحفيين، والوقوف بسلبية أمام قضيتهم الإنسانية والحقوقية، إلا أن الأسيدي يقول أن النقابة ناشدت الحكومة مرات عديدة لصرف رواتب الصحفيين، لكنها لم تعير القضية اهتمام وخذلت الصحفيين بشكل كبير.
ويوضح الأسيدي أن الحكومة لم تفي بالتزاماتها حتى لأسر الصحفيين المعتقلين والشهداء الذين كانوا يعيلون أسر كبيرة ويمرون حالياً بظروف مأساوية، وتحتاج أسرهم إلى دعم لمساعدتهم في البحث والمتابعة في السجون.

مقالات مشابهة