المشاهد نت

مركز الأورام الأكبر في اليمن بدون موازنة تشغيلية

يستقبل مركز الأورام بمستشفى الجمهوري نحو 600 حالة شهريا

تعز – مجاهد حمود

لبنى ذات الأربعين عامًا، من محافظة الحديدة، تعاني من سرطان الثدي. تقول: “لقد فعلنا كل ما نقدر عليه، وبعنا كل ما نملك لتحمل تكاليف العلاج والسفر من الحديدة إلى صنعاء، وهو يكلف ما لا يقل عن ١٥٠ ألف ريال يمني (حوالي 250 دولارًا أمريكيًا).

تقول لبنى: “لقد تعبنا، وأفضل الموت على هذا العناء. لقد استنفدنا كل شيء، وما نصرفه اليوم هو من متبرعين وفاعلي خير”.

يبقى المركز الوطني للأورام في المستشفى الجمهوري بصنعاء، هو قبلتهم الوحيدة التي يتجه إليها كل المرضى، والذي يستقبل أكثر من 600 مريض شهريًا.

“كل يوم نستقبل 25 حالة جديدة على الأقل”، يقول الدكتور عبدالله ثوابة، مدير عام المركز، لـ”المشاهد”، مضيفًا: “إنه لأمر مؤسف أن ترى المرضى يغادرون المركز والعجز يملأ عيونهم، وأمل ضئيل في العودة لمواصلة العلاج، لمجرد أنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف ذلك”.

وأردف قائلًا: “حتى أولئك المرضى الذين تمكنوا من السفر إلى المركز لتلقي العلاج، معرضون الآن للخطر، لأننا نعاني من نقص كبير في التمويل، ولا نتلقى أي تكاليف تشغيلية”.

“نحن نواجه نقصًا حادًا في الأدوية المضادة للسرطان، وقد ينخفض ​​عدد الأشخاص الذين يتلقون العلاج إذا اضطررنا إلى إبعاد الناس”.

وأضاف الدكتور ثوابة أن الاحتياجات هائلة، وسيواجه العديد من المرضى الموت الوشيك إذا أغلقت الأبواب في وجوه المرضى”.

جهاز تشخيص خارج الخدمة

يحرم الوضع الاقتصادي المتدهور جراء الصراع المستمر، مرضى السرطان، بمن في ذلك النساء، من فرص التشافي، حسب منظمة الصحة العالمية.

وتقول المنظمة: “في ظل غياب فرص التشخيص المبكر، فإن المرضى لا يخضعون للتشخيص إلا في مراحل متأخرة قد لا يكون فيها العلاج الشافي خيارًا متاحًا أمامهم بعد ذلك. بالأخص في الدول منخفضة الدخل مثل اليمن، حيث تشحّ الموارد ولا يتم تشخيص المرض إلا في المراحل المتأخّرة”.

تمكن أجهزة تصوير الثدي بالأشعة، من الكشف المبكر عن سرطان الثدي، ولكن التصوير الإشعاعي المتاح في المستشفى الجمهوري ومستشفى الكويت في صنعاء، لا يغطي الاحتياج، حسب المنظمة. موضحة أن “التصوير الإشعاعي للثدي في مستشفى الكويت خارج عن الخدمة، والآخر في مركز الأورام مزدحم بشكل كبير بسبب عدد الحالات التي تتم متابعتها”.

أحد العاملين الصحيين في صنعاء قال لـ”المشاهد” إن جهاز التصوير الإشعاعي للثدي في مركز الأورام بالمستشفى الجمهوري، هو الوحيد المتوفر حاليًا لدى الجهات الصحية الحكومية.

الكشف المبكر طريق النجاة

يقول الدكتور  أمين مزاحم، أخصائي علاج الأورام الصلبة بمركز الأمل لعلاج الأورام بتعز، إنه يمكن أن يكون علاج سرطان الثدي فعالًا للغاية، إذ يحقق احتمالات بقاء على قيد الحياة بنسبة 90% أو أعلى، ولاسيما عند الكشف عن المرض في وقت مبكر. وينطوي العلاج عمومًا على الجراحة والعلاج الإشعاعي من أجل السيطرة على المرض في الثدي والغدد الليمفاوية والمناطق المحيطة بها، والتحكم في الغدد الليمفاوية، والعلاج النظامي والأدوية المضادة للسرطان التي تُعطَى عن طريق الفم أو عن طريق الوريد للعلاج أو تقليل خطر انتشار السرطان في بقية الجسم. وتتضمن الأدوية المضادة للسرطان المعالجة الصماوية الهرمونية، والعلاج الكيميائي، وفي بعض الحالات العلاج البيولوجي الموجّه (الأجسام المضادة).

إقرأ أيضاً  المنخفض الجوي .. أضرار في البنية التحتية بـ المهرة وحضرموت

ويشير مزاحم إلى استقبال المركز في مدينة تعز حالات مصابة بسرطان الثدي حتى سبتمبر 2022، أكثر من 1500 حالة من الإناث و20 حالة من الذكور، والعدد مهيأ للارتفاع  في حال عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة مثل الكشف المبكر وتفعيل الدور التوعوي والتثقيفي لاتخاذ التدابير اللازمة للحد من انتشار المرض.

ويوضح أن سرطان الثدي يعد من أكثر الأورام انتشارًا ليس في اليمن فحسب، وإنما على مستوى العالم. مؤكدًا أن الأعداد بازدياد تراكمي. مشيرًا إلى أن الحالات تأتي بمراحل متأخرة بالرغم من جهود التوعية بمخاطر المرض ووسائل اكتشافه للتقليل من خطورته. وشهر أكتوبر هو شهر التوعية بسرطان الثدي  محليًا ودوليًا.

80% من العلاج دعم نفسي

وتقول أخصائية الدعم النفسي في المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان غدير الحسيني، لـ”المشاهد” إن الدعم النفسي مهم جدًا منذ البداية، حيث تكون صدمات التشخيص للمرض صادمة للحالة.

وتشير الحسيني إلى اختلاف أساليب التبليغ أو إخبار المريض بالمرض بحسب الفروق العمرية أو المستوى التعليمي، مؤكدة على الدور الأبرز والهام الذي تلعبه الأسره في دعم المريض نفسيًا، وهذا ما يجعله قويًا لأخذ العلاج في كل المراحل، مبينة أن المريض إذا كان محطمًا داخل الأسرة يصعب علاجه، لأن 80% من العلاج هو دعم نفسي.

عوامل الإصابة

حسب دراسة عن سرطان الثدي بين السيدات اليمنيات نشرت في 2012، معتمدة على حالات السرطان للسيدات المسجلة في المركز الوطني للأورام في اليمن، فإن سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان شيوعًا لدى حالات الإناث المسجلة في المركز. وقالت الدراسة نفسها: بالرغم من أن معدل الإصابة بسرطان الثدي أقل في البلدان النامية العربية منه في البلدان الغربية، إلا أن المرض يمكن تشخيصه لدى النساء العربيات في سن مبكرة بعكس السيدات في البلدان الغربية.

في دراسة طبية أخرى نشرت في 2019 عن عوامل الإصابة بسرطان الثدي في وادي وصحراء حضرموت، فإن معدل الإصابة بالمرض في ارتفاع في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، مع اضطراد تبني السكان لنمط الحياة الغربية.

وتقول الدراسة إن المطلقات أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، وأن عدم إرضاع طفل رضاعة طبيعية، وارتفاع ضغط الدم، والتاريخ العائلي من الأورام الخبيثة، وفترة ما بعد انقطاع الطمث، تمثل عوامل رئيسية للإصابة بالمرض بين النساء في اليمن.

ويعد سرطان الثدي هو السرطان الأكثر شيوعًا بين النساء، والسبب الرئيسي للوفاة في أوساط النساء في منتصف العمر، حسب دراسة وصفية نشرت في 2012 عن اتجاهات سرطان الثدي وإدارته في عدن والمحافظات الجنوبية الشرقية المجاورة.

مقالات مشابهة