المشاهد نت

مخاوف الإيداع في البنوك اليمنية

تعقيدات المعاملات المصرفية في البنوك التقليدية تدفع المواطنين للإيداع في محلات الصرافة

صنعاء-فردوس الكاملي

كان بلال قائد، 42 عامًا، لا يتردد لحظة في الذهاب إلى البنك، وتسليم الموظف هناك الملبغ الذي يود إضافته إلى حسابه البنكي. اليوم، لا يريد أن يفعل ذلك مهما كثرت أمواله. تغيرت قناعة قائد، الذي يسكن في محافظة ذمار، عن البنوك في اليمن، بعد اندلاع الحرب عام 2015.

بعد موجة من الاضطرابات السياسية والمواجهات المسلحة في 2014 و2015، انخفضت نسبة الودائع الادخارية في البنوك اليمنية. فقدان الثقة في البنوك وتدهور دخل الفرد تسببا في تراجع نسبة الودائع في اليمن.

أشار تقرير أصدرته وزارة التخطيط والتعاون الدولي قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، في 2016، إلى أن نسبة الودائع الادخارية في البنوك اليمنية تراجعت من 48.0% عام 2014 إلى 41.6% في 2015.

انخفضت مدخرات المواطنين اليمنيين من العملة الأجنبية من 37.1% في 2014 إلى 35.1% عام 2015، ونجم عن ذلك أزمة سيولة غير مسبوقة في القطاع المصرفي، بحسب التقرير.

بالرغم من أن قائد لا يمتلك الكثير من المال، لكنه لا يحبذ أن يودع أمواله في البنك، خوفًا من صعوبة سحبها عندما يريد. يقول لـ”المشاهد”: “منذ أن بدأت الحرب، صرفت كل مبلغ كنت قد وفرته نظرًا للأوضاع التي سادت. انقطاع الرواتب أجبرنا على صرف كل مبلغ حاولنا أن ندخره سابقًا، ولم يعد الادخار ممكنًا”.

تسبب استمرار الصراع العسكري بين الحوثيين والحكومة اليمنية، بتوقف رواتب موظفي القطاع منذ عام 2016، ونتيجة لذلك ساءت أوضاع ملايين الأسر، وتدهور الاقتصاد بشكل مريع.

لا يختلف حال قائد عن حال المواطنة في صنعاء، مروى العريقي، 35 عامًا، حيث كانت قادرة على توفير مبلغ من دخلها الشهري قبل الحرب، وادخاره بانتظام، لكنها اليوم لا تستطيع فعل ذلك. تقول العريقي لـ”المشاهد”: “أثرت الحرب عليّ، ولا أستطيع حاليًا أن أدخر أي مبلغ. فكل ما جمعته، أنفقته على السكن والأكل والعلاج.”

تضرر الاقتصاد اليمني بسبب سحب المدخرات من البنوك، إذ إن ٧٠% من مدخرات اليمنيين تم بيعها أو تسييلها خلال الفترة الماضية من قبل المواطنين لتوفير احتياجاتهم الأساسية، أو للقيام بالبحث عن مصادر دخل أخرى بعد انقطاع الرواتب، بحسب الخبير الاقتصادي رشيد الحداد.

يقول الحداد لـ”المشاهد”: “هناك علاقة متبادلة بين الادخار والتنمية، فكلما كانت المدخرات كبيرة، كان لها أثر على الاستثمار. المدخرات التي يمكن تحويلها إلى استثمارات، أو توظيفها في شركات مساهمة عامة تدر دخلًا تسهم إيجابًا في التنمية، أما المدخرات التي يتم اكتنازها وفقًا لقاعدة القرش الأبيض لليوم الأسود، فهي مدخرات جامدة، ولا تسهم في التنمية بشكل مباشر، ولكنها تعد بمثابة بديل عن غياب التأمين لدى المجتمع”.

إقرأ أيضاً  توجيهات قضائية بإيقاف شحنة دوائية في عدن

تعقيدات المعاملات في البنوك

في السنوات القليلة الماضية، يميل الكثير من المواطنين إلى إيداع أموالهم في محلات الصرافة بدلًا من البنوك. مصدر في البنك الأهلي بصنعاء يفسّر أسباب ذلك التوجه.

يقول المصدر لـ”المشاهد”: “نتيجة انعدام الثقة من قبل المواطنين في البنوك، والتعقيدات الحاصلة في المعاملات البنكية، توجه الكثير من المواطنين للإدخار في محلات الصرافة الصغيرة لإجراء معاملاتهم المالية بدلًا من البنوك، بسبب التسهيلات التي يقدمها الصرافوون، والثقة التي اكتسبتها تلك المحلات في الوسط المحلي، مما أدى إلى انخفاض كبير في ودائع المواطنين في البنوك، بخاصة بعد الأوضاع السياسية غير المستقرة”.

ويضيف المصدر قائلًا: “إن الافتقار للبنية التحتية وانقسام القطاع المصرفي إلى قسمين شمالًا وجنوبًا، أدى لعدم قدرة المواطنين على سحب أرصدتهم القديمة التي من قبل ٢٠١٦. باتت أرصدتهم في البنوك عبارة عن أرقام لا قيمة لها، ما دفع المواطنين إلى بيع أرصدتهم بأسعار خصم تصل إلى ٨٠% من قيمة الرصيد الفعلي. كل ذلك أدى إلى انعدام الثقة في البنوك، ما دفع الكثير ممن لديهم أموال إلى تجميدها وضمان قيمتها عن طريق شراء العقارات”.

يعتقد المسؤول المصرفي أن اعتماد المواطن على محلات الصرافة لحفظ المدخرات لا يخلو من المخاطرالتي قد يتعرض لها عند ادخار الأموال في مثل هذه المحلات بدلًا من البنوك، ومن هذه المخاطر خسارة جميع المدخرات عند إفلاس شركة الصرافة.

فؤاد قاسم، 40 عامًا، سمسار عقارات في صنعاء، يرى أن إيداع الأموال في البنوك أو محلات الصرافة لا يعني المخاطرة، لكن لا يجب أن يستمر الإيداع لفترة طويلة. يقول قاسم لـ”المشاهد”: “الطريقة الأمثل لحفظ الأموال بالنسبة للمواطن هي شراء عقارات كالأراضي والبيوت، لأن الوضع في اليمن ليس مستقرًا، وقد يأتي الوقت الذي يكون فيه من الصعب سحب الأموال من البنوك أو محلات الصرافة”.

مقالات مشابهة