المشاهد نت

«المولد النبوي».. احتفال بالإكراه في صنعاء

منذ سيطرتها على صنعاء، تحرص جماعة الحوثي على تنظيم حفل كبير باسم "المولد النبوي"

صنعاء – نبيل شايع

عبد الكريم، تاجر في شارع تعز بصنعاء، يبيع البهارات والحلويات والمكسرات، ويشكو من تراجع إقبال الناس على شراء المنتجات التي يعرضها في محله، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين بصنعاء.  

في الأسابيع الماضية، قام عبد الكريم  بإخفاء كميات من البضائع في المخزن التابع له، بهدف التخفيف من الجباية التي ستفرض عليه من قبل المسلحين الحوثيين مع دخول شهر ربيع الأول، حيث تبدأ الجماعة في الاستعداد للاحتفال بالمولد النبوي. 

يقول عبد الكريم إن مسلحين  تابعين لجماعة الحوثي تحت مسمى “اللجان المجتمعية”، أخذوا منه 30 كيلو من الحلوى والمكسرات بُحجة أنها ستقدم للناس عند الاحتفال بمناسبة المولد النبوي، لكنه يقول لـ”المشاهد”، إنه ليس راضيًا عن “تلك التصرفات التي تسىء للجماعة وللدين الإسلامي الذي يُحرم أخذ أموال الناس بالقوة”.

أصبحت مناسبة المولد فرصة لفرض الجبايات على التجار في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي،  وتصرف الجماعة إلى جانب الجبايات مبالغ هائلة  من الخزينة العامة للدولة اليمنية منذ إزاحة الحكومة اليمنية عن السلطة عام 2015. يقول الحوثيون إن إحياء هذه الذكرى هي “لتجديد الولاء للرسول والتذكر بسيرته وحياته وجهاده في مواجهة الكفر”.

جبايات بالإكراه  

تلزم قيادات الجماعة عقال الحارات بتنظيم سلسلة من الفعاليات بدءًا من إقامة مأدبة غداء، ومن ثم اجتماع للاحتفال بعد العصر، وتنظيم ندوات في مساجد الحارات، ثم إقامة أمسيات ومهرجانات ليلية بحضور حشود من المواطنين. 

يفرض الحوثيون على عقال الحارات والمشرفين توفير حافلات ووسائل مواصلات لنقل المواطنين لحضور احتفال المولد في ميدان السبعين يوم الثاني عشر من ربيع الأول.

قد يعتقد البعض أن القيادات الحوثية تقوم بتمويل تلك الفعاليات والأنشطة التي تقام في شوارع وحارات صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة، لكن ذلك ليس صحيحًا.

يقول عاقل حارة في صنعاء لـ “المشاهد” إن القيادات الحوثية تأمر عقال الحارات ومشرفيها بتحصيل جبايات من أصحاب المحال التجارية، وتنفيذ الفعاليات المتعلقة بالمولد النبوي.

تصل التكلفة الإجمالية لفعاليات الحوثيين على مستوى الحارة الواحدة في صنعاء إلى مبلغ يتراوح بين 150 إلى  400 ألف ريال يمني؛ يدفعها المواطنون  والتجار للعقال والمشرفين.  

يقول أحد العقال يؤكد قد يتعرض التجار الذين يرفضون دفع الجبايات الخاصة بالمولد النبوي إلى بالسجن أو غرامات تفرضها الضرائب والأوقاف والواجبات والبلديات. 

تسببت انتهاكات الحوثيين باسم المولد النبوي في العام الماضي والأعوام الماضية بسخط الكثير من المواطنين، الأمر الذي دفع زعيم الجماعة ،إلى القول في خطاب متلفز أنه يتبرأ من أتباعه الذين يجمعون من الناس تبرعات بالإكراه، قائلاً:” الشعب اليمني لا يحتاج إلى الإجبار على التعاون في الاهتمام بمناسبة المولد النبوي لأنه ينطلق بكل محبة ولهفة وشوق لهذا الإحياء”. 

إقرأ أيضاً  قتلى مدنيون بمسيرة حوثية بتعز

لكنه وصف من يرفضون المشاركة في هذه المناسبة  بالمشككين والمنافقين الذين يثبطون الناس عن الحضور الحاشد في المولد النبوي. 

«المولد النبوي».. احتفال بالإكراه في صنعاء
حشود للمشاركة في حفل المولد النبوي بصنعاء-27 سبتمبر 2023-وكالة سبأ-صنعاء

هذا العام اختلف أسلوب الجماعة في التعامل مع المواطنين. فقبل شهرين من موعد المولد النبوي،  ألزم الحوثيون رجال الأعمال والتجار وأصحاب المحال الصغيرة بتعليق القماش الأخضر في محلاتهم وإنارتها بالمصابيح الكهربائية ذات اللون الأخضر. 

 يقول محمد عباس، صاحب محل تجاري في صنعاء، إنه دفع عشرة آلاف ريال كغرامة مالية لعدم التزامه بتعليق القماش الأخضر أمام محله التجاري، وأضطر لشراء القماش الأخضر وتعليقها في المحل، بالإضافة إلى تقديم كميات من زجاجات المياه المعدنية التي يستهلكها الحاضرون في فعاليات المولد النبوي. 

حضور الفعاليات

يقول موظفون في القطاع الحكومي بصنعاء إنه تتم معاقبة من لم يشارك في تنظيم أو حضور الفعاليات التي تقيمها الوزارات والمؤسسات الحكومية بهدف الاحتفال بالمولد النبوي، حيث تبدأ الاحتفالات من مطلع شهر ربيع الأول .

الثلاثيني محمد مسعد، موظف حكومي، يقول لـ “المشاهد”: “المشكلة التي تتكرر مع كل احتفال بالمولد النبوي هي إجبار الموظفين على أداء الصرخة وتخوين كل من لم يؤدها من الموظفين ومعاقبته إما بعزله من منصبه الإداري أو تعنيفه نفسياً “،مؤكداً”، بأن” الكثير من الموظفين الحكوميين وجدوا أنفسهم مجبرين على الاحتفال بالمولد النبوي بالطريقة التي يريدها الحوثيون”.

هذا العام، فرضت قيادات حوثية في محافظة إب على أصحاب المطاعم والمواطنين دفع مبالغ معينة لتمويل وجبات يتم تقديمها للفقراء والمساكين. يشير مواطنون إلى أن تلك الموائد لم تكن للمساكين، بل لمقاتلي الجماعة. 

يفرض الحوثيون أيضًا على التجار إطلاق الألعاب النارية في سماء صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرتهم. في حديث لـ”المشاهد “،يقول التاجر سميح الرصاص أنه تم اجباره من مشرف حوثي على شراء  ألعاب نارية بما يعادل ثلاثون ألف ريال يمني للمشاركة في إطلاق الألعاب النارية ليلة الاحتفال بالمولد النبوي. 

الكثير من المواطنين يرون أن الجماعة تستغل مناسبة المولد النبوي لأهداف ودعايات سياسية، بجانب ما تقوم به من جبايات باسم حب النبي محمد. يزعم الحوثيون أنهم يحققون انتصارات بعد أن يحتفلوا بالمولد كل عام، و هذا العام يُسوق الحوثيون دعايتهم أنه بعد احتفالهم بالمولد هذا الشهر، سيتم إرغام الحكومة الشرعية على صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الجماعة، ولم يتسلم الآلاف من العاملين في القطاع الحكومي رواتبهم منذ عام 2016. 

مقالات مشابهة