المشاهد نت

الاقتصاد في مناطق الحوثي.. «ركود وابتزاز»

صنعاء – أحمد المقبلي

يظهر الحوثيون كممثلين متحكمين بالحياة الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم من اليمن، متسببين بانهيار شامل للاقتصاد، وتلاشي كل معالم الرخاء والاستقرار.

الممارسات التي تؤدي إلى كل هذا الانهيار الاقتصادي تتم تارةً بفرض إتاوات على التجار ورجال الأعمال، وتاراتٍ أخرى بالتسابق للحصول على البضائع المُصادرة المصنفة بأنها بضائع أمريكية وإسرائيلية يجب مقاطعتها.

وفي سبيل ذلك، يستخدم الحوثيون -ببراعة- سلطة المطالبة وعقوبة الاقتصاد بحجج وذرائع واهية، بحسب القائمين على الشركات والمؤسسات التجارية في مناطق سيطرة الجماعة.

أساليب النهب الحوثية

مصنع مياه صنعاء الشهير نموذج حي لممارسات فرض الجبايات من قبل جماعة الحوثي على الشركات والتجار، حيث تم نهب مبلغ 15 مليون ريال يمني من المصنع، بواسطة مسئول محلي بمحافظة صنعاء تابع للحوثيين، وفق ما أكده مدير إدارة الجودة بالمصنع، شهاب أبو لحوم.

ويضيف أبو لحوم لـ«المشاهد» أنه كان يفترض على المسئول الحوثي أن يحمي الشركات والمؤسسات، لا أن يقوم بنهب أموالها بحجج وذرائع واهية.

وما يزيد من الصدمة أنه تم أخذ الملبغ بعد أن تم دفع 500 مليون ريال في بداية شهر ديسمبر/كانون أول الماضي كضرائب، وهو مبلغ يفوق بكثير المبلغ المستحق، بحسب أبو لحوم.

ويشرح مدير إدارة الجودة بمصنع مياه صنعاء عملية دفع المبلغ، التي تمت عبر عملية اقتحام، حيث أقدم المسئول المحلي على اقتحام المصنع برفقة مسلحين تابعين لجماعة الحوثي بواسطة “أطقم عسكرية”.

ويشير إلى أن المسلحين قاموا بإيقاف الإنتاج، بذريعة أن المصنع يبيع المياه للمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، وأنهم يتعاملون مع “العدوان”، حد وصفه.

ويتابع: “المسئول المحلي طالب المصنع بدفع نسبة من عائدات إنتاج المصنع مقابل السماح لهم بالاستمرار بتوزيع وبيع المياه للمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية”.

ويختتم شهاب أبو لحوم تصريحه لـ«المشاهد» بالإشارة إلى اضطرار إدارة المصنع إلى إعطاء الحوثيين مبلغ 15 مليون ريال مقابل إستئناف العمل في خطوط الإنتاج، وذلك بعد أسبوع واحد فقط من دفع 500 مليون ريال كضرائب”.

ابتزاز البضائع المقاطَعة

كما قامت جماعة الحوثي بفرض مئات الملايين على شركات من كبرى المؤسسات التجارية في مجال واستيراد المواد الغذائية، من بينها شركة “ايكونز” التابعة لمجموعة هائل سعيد أنعم وشركاءه؛ بحجة أنها تستورد منتجات مقاطعة.

إقرأ أيضاً  حالات جديدة للكوليرا في اليمن في 2024

أحد الموظفين في شركة “أيكونز” -رفض الإفصاح عن اسمه لدواع أمنية- قال لـ«المشاهد» إن الحوثيين فرضوا على الشركة دفع 200 مليون ريال مقابل عدم سحب منتجات الشركة من الأسواق.

ويشير الموظف إلى أن الشركة دفعت المبلغ ومع ذلك ظلت منتجات الشركة ضمن المنتجات المقاطعة، حتى اللوحات الإعلانية الخاصة بالشركة في المولات والأسواق تم إزالتها وتغطية بعضها.

“والآن يتجه الحوثيون إلى القيام بتحديد تسعيرة جديدة لهذه المنتجات وبأقل من نصف التسعيرة المحددة من قبل الشركة، وهذه خسارة فادحة للشركة”، يقول الموظف.

ركود تضخمي

تؤثر الجبايات التي تفرضها جماعة الحوثي على التجار والمؤسسات والشركات على البيئة التجارية، كونها من القضايا الحيوية، بحسب أكاديميين ومختصين في الشأن الاقتصادي.

ويقول أستاذ علم الإقتصاد بجامعة تعز الدكتور محمد قحطان، لـ«المشاهد»: “لا شك بأنه كلما زادت أساليب ابتزاز التجار تحت مبررات مختلفة؛ يؤدي هذا إلى ارتفاع تكاليف السلع والخدمات التي يتعرض ملاكها للابتزاز.

ويرى الدكتور قحطان أن هذا الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار تلك السلع والخدمات، وبحكم التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد بسبب الحرب وآثارها المدمرة؛ فإن التضخم في ارتفاع مستمر هو أيضًا.

ولهذا فقد أصيب الاقتصاد اليمني حاليًا بحالة تسمى بـ”الركود التضخمي”؛ بمعنى زيادة الاختلالات بين العرض من السلع والخدمات والتراجع المستمر للطلب، بحسب الأستاذ الجامعي.

ويضيف: “استمرار هذا الوضع يعني تعرض التجار لخسائر كبيرة وبعضهم قد لا يستطيع الصمود فينهار ويخرج من السوق، وبالتالي المزيد من تراجع فرص العمل وارتفاع البطالة والفقر واشتداد المعاناة الإنسانية للمواطنين”.

عجز مجتمعي شامل

من جانبه، يعتقد أستاذ الإقتصاد في جامعة صنعاء الدكتور علي الزبيدي أن هذه الظروف القاسية تعكس مصير أعمال التجار، حيث يجدون أنفسهم عاجزين عن استمرار أعمالهم بشكل طبيعي؛ نتيجة التأثر بهذه الجبايات المتكررة.

ويقول الزبيدي لـ«المشاهد»: إن وضعًا كهذا يجعل الاستقرار في مجال الأعمال تحديًا صعبًا ويجبر التجار على البحث عن سبل أخرى للبقاء.

وعلى المستوى الاجتماعي، يعيش المواطنون تحت وطأة هذا النهج بفقدان قدراته الشرائية وتدهور الخدمات والفرص الاقتصادية، ويصبح الحصول على السلع الأساسية والخدمات أمرًا صعبًا؛ ما يؤثر على جودة حياة المواطنين بشكل سلبي ويعزز معاناتهم اليومية، يختم الزبيدي.

مقالات مشابهة