المشاهد نت

اتساع ظاهرة التسول الإلكتروني في زمن الحرب

التسول في الفضاء الالكتروني-اليمن

عدن-تسنيم العبسي

ينشط المتسولون الإلكترونيون على مواقع التواصل الاجتماعي، وينشرون قصصا وهمية عن حالات مزرية أو مأساوية، ويدعون أنهم يعيشونها أو يشهدونها، ويطلبون من الناس المساعدة المادية، مستغلين تعاطف الناس وحبهم في فعل الخير.

توسعت ظاهرة التسول الإلكتروني في اليمن خلال السنوات الماضية بسبب الحرب والأزمة الاقتصادية، وتزايد الفقر والبطالة، ويتزايد الباحثون عن المساعدات الإنسانية على مواقع التواصل باستمرار.

وعلى الرغم من من أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الحالات الإنسانية التي تستحق المساعدة والدعم، إلا أن هناك من يستغل هذه المواقع الإلكترونية لنشر قصص إنسانية غير حقيقية بهدف التسول وكسب المال لأهداف شخصية، دون جهد.

يلجأ المتسولون إلى إنشاء حسابات وهمية أو مزيفة على مواقع التواصل، وينشرون صورا أو فيديوهات معدلة أو مسروقة، والتواصل مع الناس بطرق مختلفة، بحثا عن المال والمعونات.

كان أحمد طالبا جامعيا، وكان معروفا بحبه للخير والعطاء، وكان ينشط في العمل الخيري والتطوعي، ويجمع التبرعات من زملائه وأصدقائه لمساعدة الفقراء والمساكين. وبعد أن تعرف على مجموعة من الأشخاص الذين جذبوه إلى عالم المخدرات، أصبح ينفق كل ما يملك على المخدرات، فتراكمت عليه الديون.

في حديثها لـ “المشاهد”، تقول والدته: “لاحظت تغيرا كبيرا في حياة أحمد في الآونة الأخيرة، فهو لا يعود إلى المنزل إلا متأخرا، ويبدو متوترا وعصبيا طوال الوقت، وعادة ما يشكو من الغثيان، حينها علمت أنه يتعاطى المخدرات”.

تضيف: “بعد أن أصبح مدمن للمخدرات، بدأ يكرس حياته للحصول على المال بأي طريقة لشراء ما يحتاجه من المخدرات”.

خداع الجمهور

تقول إحدى زميلاته: “بدأ أحمد بجمع التبرعات باسم شقيقته التي تريد الخضوع لعملية مكلفة تصل إلى 500 ألف، رغم أنه ليس لديه أختا مريضة كما أنه لا يحتاج إلى جمع مبلغ كهذا من الناس بحكم أنه من عائلة ليست فقيرة. وبدلا من أن يطلب المساعدة من أهله أو أصدقائه، قرر أن يلجأ إلى التسول الإلكتروني، كوسيلة للحصول على المال بطريقة سريعة وسهلة”.

تضيف لـ “المشاهد”: “بدأ بإنشاء حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلالها كان ينشر بعض القصص الوهمية عن حالات مزرية أو مأساوية، يدعي أنه يعرف عنها، ويطلب من الناس المساعدة المادية أو العينية، مستغلا تعاطف الناس ورحمتهم”.

إقرأ أيضاً  مواجهات عسكرية شمال لحج

بحسب زميلته، استطاع أحمد الحصول على تقارير طبية مزورة أو مسروقة، وكان يدعي أنه معاق جسديا ، ويحتاج إلى كرسي متحرك أو أطراف صناعية، وينشر صورا أو فيديوهات معدلة أو مسروقة، وأحيانا يدعي أنه يعول أسرة فقيرة، ويحتاج إلى مساعدة غذائية، وينشر صورا أو فيديوهات لأطفال جائعين أو مشردين.

تتابع: “كلما نشر أحمد قصة وهمية، تلق ردودا إيجابية من الناس، وأصدقائه يتفاعلون معه ويقدمون له المساعدة، وبكل سهولة، يحصل على ما يريد عبر صفحات وهمية حتى لا ينكشف أمره. وبهذه الأساليب، استطاع أحمد أن يجمع الأموال لتمويل إدمانه مستغلا طيبة البعض وإنسانيتهم”.

أسباب التسول

أشار تقرير صادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى أن خمسة ملايين عامل وعاملة فقدوا وظائفهم وأعمالهم فقدوا خلال سنوات الحرب، فيما يقدر اتحاد عمال اليمن نسبة من فقدوا أعمالهم بنحو 80 % من حجم القوى العاملة في البلاد.

يقول إخصائيون اجتماعيون إن أسباب الفقر متعددة، ومنها الفقر وغلاء المعيشة، وسهولة حصول الأموال دون جهد، وعدم تفعيل القوانين الخاصة بالتسول. يستغل المتسولون عاطفة المجتمع، وها يشجعهم على الاستمرار في هذا العمل ويصبح حرفة الكثير من الأشخاص.

ويشير الإخصائيون الاجتماعيون إلى وعدم وجود أجهزة إلكترونية متخصصة بمراقبة الأشخاص المتسولين، ومكافحة التسول الإلكتروني، في ظل ضعف الوازع الديني، وتزايد البطالة، ولهذه الأسباب يستمر التسول بالانتشار في الشوارع أو الأسواق وفي الفضاء الإلكتروني.

يعد التسول وفقا للقانون اليمني جريمة تستحق العقاب، حيث تنص المادة 203 من قانون الجرائم والعقوبات لسنة1994: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر من اعتاد ممارسة التسول في أي مكان إذا كان لديه أو بإمكانه الحصول على وسائل مشروعة للعيش وتكون العقوبة الحبس الذي لا يزيد على سنة إذا رافق الفعل التهديد أو ادعاء عاهة أو اصطحاب طفل صغير من غير فروعه…”.

ومع انشغال أطراف الصراع في اليمن بالحرب والمواجهات العسكرية منذ عام 2015، تتفاقم ظاهرة التسول في البلاد، ويلجأ المتسولون إلى العديد من الأساليب لإثارة تعاطف الناس، وتحقيق مكاسب مادية بطرق احتيالية.

مقالات مشابهة