المشاهد نت

فتيات في العمل برواتب ضئيلة وساعات طويلة

استغلال الفتيات في العمل بإضافي دون مكافأة

صنعاء- إيمان عبد القوي

أنهت أشجان سمير دراستها الجامعية العام الماضي، وبدأت في البحث عن فرصة عمل في مجال تخصصها بصنعاء.  كان حلمها الحصول على فرصة عمل براتب جيد يحقق لها الاستقرار المادي، ويمكنها من مساعدة أسرتها لتوفير متطلبات المعيشة.

في إحدى المرات، ذهبت أشجان، 25 عاما، إلى مقابلة عمل، وشعرت أنها محظوظة لأن سيرتها الذاتية ساعدتها في الوصول إلى المقابلة الوظيفية. عادت من المقابلة محبطة، بسبب الشروط “المجحفة” التي طُرحت في اللقاء. 

تقول أشجان لـ “المشاهد”: “أخبرني صاحب العمل أن الدوام فترتان، وبمقابل ثلاثين ألف  في الشهر. لكن ذلك المبلغ لا يغطي تكاليف التنقل من البيت إلى العمل، ووجبة الغداء التي أتناولها في مكان العمل. وطلبوا مني أيضا ضمانةً تجارية، وتوقيع عقد لمدة عام”. 

اعترضت أشجان على تلك الشروط، وبدأت بالتفاوض مع الشخص الذي أجرى المقابلة معها. لكنه لم يغير رأيه، وقال لأشجان: “أنت المستفيدة من العمل، وستحصلين على خبرة كافية، وبإمكانك المغادرة عندما تحصلين على فرصة أفضل”. 

يجد خريجو الجامعات في اليمن صعوبة كبيرة في الحصول على فرص عمل، نظرا للظروف الاقتصادية والحرب التي تشهدها البلاد منذ تسع سنوات، وزيادة نسبة البطالة أوساط المجتمع. يلجأ بعض أرباب العمل إلى استغلال الخريجين، بخاصة الفتيات،  وتكليفهنْ بمهامٍ متعددة لا تتناسب مع العائد المادي لتلك الأعمال. 

في يوليو من العام الماضي، أكدت الحكومة اليمنية، ارتفاع نسبة الفقر في البلاد، إلى 80% وانكماش الاقتصاد بنسبة 50%، في ظل الصراع الذي تشهده اليمن منذ 9 سنوات. 

إضافي دون مكافأة 

تحكي ماريا، ٢٤ عاما، عن تجربتها في الحصول على فرصة عمل، وتقول: “بدأت رحلة البحث عن عمل في مختلف الشركات والمؤسسات. لقد كانت تجربة مخيبة للآمال. لم أستسلم، و استمررت في البحث حتى وجدت شركةً ناشئة، وتوظفت فيها بدوام كامل، دون ضمانة تجارية. برغم الراتب المتواضع الذي كنت أحصل عليه، إلا أنني واصلت العمل بنفس الشغف الذي بدأت به”.

إقرأ أيضاً  الهروب من البشرة السمراء.. تراجيديا لا تدركها النساء

مع مرور الوقت، بدأت ماريا تلاحظ أن مديرها يطالبها بأعمال خارج نطاق عملها المتفق عليه، ولم ترفض القيام بالمهام الإضافية كونها ترغب في تعلم المزيد من المهارات، وإثبات نفسها في مكان العمل. 

تقول ماريا لـ “المشاهد”:”لم أرفض أي عمل إضافي يكلفني به مدير العمل، وكنت أشعر أني جزء من الشركة، ولست موظفة فقط، وأن تلك المهام الإضافية تُعطى للأشخاص الذين يثبتون كفاءةً عالية في عملهم”.

لكن الوضع اختلف بعد أن طالبت ماريا المؤسسة بمكافأة اضافية، مقابل المهام الإضافية التي نفذتها. رفضت المؤسسة طلبها، وبدأت ماريا ترى أن مديرها في العمل بدأ يعاملها بطريقة مختلفة. 

تضيف: “الكثير من الفتيات أو الشباب لا يخضعون لتوجيهات بعض مديري العمل، بخاصة عندما يشعرون بالظلم، ما يدفعهم إلى مغادرة العمل، والبحث عن فرصة أخرى، وهذا من ضمن الأسباب التي تدفع الموظف إلى عدم الشعور بالأمان الوظيفي”. 

استغلال يهدد الفتيات 

 حسين السهيلي مؤسس مؤسسة تمدين شباب، وناشط في منظمات المجتمع المدني، يقول ل “المشاهد”: “إن إجبار الفتيات على العمل لساعات طويلة بأجر زهيد لا يتناسب مع نوع المهام المطلوبة، أو تكليفهن بمهام خارج إطار أعمالهن المنصوص عليها في العقد، أمر غير قانوني، وغير أخلاقي، ومن أسوأ أشكال الاستغلال، وهذه مشكلة خطيرة تُعيق تقدم الفتيات في الحياة المهنية”. 

يؤكد السهيلي على أهمية احترام حقوق العمال، وتوفير ظروف العمل الملائمة، وتوضيح حقوق العمال والتزامات أصحاب الشركات في عقود العمل. ويحث الفتيات اللائي يتوجهن إلى سوق العمل على معرفة أحكام قانون العمل، وحقوقهن كعاملات وموظفات، حتى لا يتم استغلالهن بسبب جهلهن بالقانون. 

 يختم السهيلي حديثه، ويقول: “على مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية التوعية بقانون العمل، وحقوق العمال من خلال حملات توعوية لمكافحة الاستغلال، وضمان حقوق المرأة، والعمال وتشجيع الشركات على احترام القوانين العمالية”.

مقالات مشابهة