المشاهد نت

سعادة عبدالله قصة شابة يمنية تعيش المجهول بكل تفاصيله

المشاهد – آية خالد-خاص:
سعادة عبده عبدالله – طالبة جامعية تخرجت من كلية الإعلام بجامعة صنعاء قبل شهر فقط ، لكنها لم تتخرج من آلام الحياة ، سعادة لم تنل من إسمها سوى أحرفه فقط ، تنتمي لأسرة عفيفة جدًا مكونة من شابين أكبر منها ، وفتاة أصغر منها بخمسة أعوام ، وأم وأب ، وجدها لأمها
بصعوبة شديدة وافقت سعادة على هذا اللقاء بعد أن وعدناها بإستبدال إسمها الأول باسم مستعار ، بدأت معها سائلة عن أسرتها ردت بسرعة وبدمعة حبيسة ” أنا ليس لدي أسرة أسرتي فقط أمي وأختي وجدي حفظهم الله ، أبي هاجر لأمي من 22 سنة ، وإخواني معه في القرية ، وواحد منهم فقط من يسأل عنا ويتواصل معنا ، ونحن هنا في تعز بمفردنا ولا نملك غير الله “.
وتضيف على حديثها ” من قبل كانت ظروفنا لا بأس كان معانا معاش جدي هو متقاعد ومعانا الضمان الإجتماعي ، لمن فكرت أطلع أدرس صنعاء قدمت على منحة تبع أحد الجمعيات وكنت من هذه المنحة اصرف على دراسة أختي رغم أنها كانت لا تتجاوز ال20 ألف ريال يمني ، لكن الحمد لله أفضل من الآن ، لكن مع بداية الحرب أتت الرياح بما لا نشتهي وأسرتي ، وتتالع “توقفت منحتي بسبب الأوضاع في تعز خاصة وأُقفلت الجمعية وأُضطررت للعودة لتعز فترة تراكمت علينا إيجارات البيت حتى طُردنا منه ،”وبحسرة تقول سعادة “لم نلقى مأوى آخر يقبلنا دون مقابل ، تبرع لنا أحد سكان المنطقة التي نعيش فيها بغرفة قديمة مبنية من التراب كانوا يضعون فيها مخلفات البناء ، حاولنا ترقيعها بسيقان الأشجار وقطع قماش وحجار ؛ لأنها كانت مكشوفة من كل الجهات وحتى اليوم نسكن فيها ” كانت هذة الغرفة المأوى لتشرد هذة الاسرة بالرغم انها بدورن دورة مياة .

تسرد سعادة حديثها عن بداية سكنهم تقول “اخذنا جانب من شجرة التى جنب الغرفة ورممناه فيما بعد وربطناه بالمجاري ، وأصبح لدينا حمام على الهواء الطلق ، ولا نستطيع الخروج له ليلًا ؛ كون المنطقة التي نسكنها ليست آمنة ، الأمر الذي جعلنا نعاني من مشاكل كلوية نتيجة لحبس البول ” .
سعادة وأسرتها يسكنون حاليًا في منطقة مواجهات شديدة شرقي تعز ، وهنا تسرد لنا معاناتهم مع ضرب الطيران والاشتباكات الدائرة موضحة ” طبعًا بيتنا كلها تراب يعني مش طوب واسمنت مجرد ما تضرب الطائرة التراب ينزل لفوقنا خاصة في الليل، ومرة قصفوا جنبنا اختلع الباب اللي هو مركب على جنب واحد ” .

إقرأ أيضاً  العنف ضد المرأة في اليمن بعد وفاة الزوج 

سرحت قليلًا وتكمل يومياتها المكلومة اثناء الحرب ” مواقف كثيرة كانت مرعبة لنا خاصة أمي تعبانة وجدي كبير بالسن وما يشوف ، وصلنا لمرحلة من الرعب نغفي بالبوالط علشان نكون مساتير .. أمي عانت كثير حتى إن المليشيا بدأت تضايقنا لمن عرفت إنه ما معانا حد ، نسمع كلام في الطالع والنازل ، بس مش إحنا اللي أخترنا ظروفنا ولا أهالينا ولا أبي اللي ناسي بناته .. بقينا نخزى لو حد فكر يتقدم لنا لفين نجيبه يتقدم لبيتنا اللي من كل فتحة يدخل قط وإلا من التراب اللي يسقط علينا .. حياتنا مسدودة والموت لم يقرر يزورنا بعد ”
أم سعادة وجدها يعانيان من مرض الربو ، وعلاجات الربو لها علاجات دائمة هم ليس بمقدورهم شرائها وهذا وجع آخر تتحدث عنه ” تخيل انت فقط إنك تشوف أهلك يختنقوا من ضيق التنفس وما فيش معك فلوس تروح تجيب لهم بخاخ يعني يموتوا وانت تتفرج لهم ، أختي أيضًا مصابة برعاف دائم ، وأمي مصابة بأكياس دهنية بفقرات العمود الفقري استأصلنا واحد قبل ثلاثة أعوام ، ولم نستطع على تكاليف العملية الأخرى ” .
تعود وتبتسم بألم ” جدي هو الآخر قبل أسبوع أُصيب بجلطة دماغية بقي في العناية المركزة أربعة أيام ، ومقرر له عملية قسطرة قلب بعد يومين ، ونحن لم نسدد للجيران حتى اليوم تكاليف بقاءه في العناية المركزة التي دفعوها عنا ” وبتنهيدة مرة تقول ” أيش أحكي لك بالضبط أقلك إنحنا نموت بس ببطئ”
وتضيف “دعتني إحدى صديقاتي المقربات لوجبة بسيطة ، أو لو ذهبت بيت أحد الأقارب ويعطوني في كل جمعة ألف ريال أصرفه طيلة الأسبوع للضروريات فقط ، وإن مرضت أتحمل حتى يُغمى عليا وتسعفني صديقاتي ، فترات كنت أظل سنة كاملة لا أعود لتعز ؛ بسبب سعر تذكرة النزول ، وحتى لا أرى وضع أهلي وأتألم وأنا ليس بيدي شيء ، أبكي حين أرى أختي تمشي حوالي ساعتين لتصل للمدرسة فنحن في منطقة أشبه بقرية ، ولا نملك قيمة مواصلات ” .
قصة سعادة واسرتها هى عنوان كبير لواقع الحال الذىوصلت له البلاد فى ظل الحرب من الفاقة والعوز والتشرد والخوف.
آخر جملة قالتها ظلت ترن في رأسي كساعة منبه تقول ” أما آن لك أن تشكر الله على نعمتك ؟” فسعادة وأسرتها سكنهم الحزن وأحزنتهم الحياة ومع ذلك يتبسموا.

مقالات مشابهة