المشاهد نت

اتفاق الرياض… هل توجد رغبة للتنفيذ؟

من حفل مراسيم توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي في الرياض - ارشيفية

عدن – أحمد عبدالله:

تبدو الأزمة بين الحكومة اليمنية وما يُعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، في طريقها للانفراج، مع حدوث حلحلة لملف اتفاق الرياض الذي ترعاه السعودية بين الطرفين.

وتظهر بوادر الحل، في ثنايا حديث السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، في تغريدة على حسابه في “تويتر”، عن قيام فريق التنسيق والارتباط السعودي، وبمشاركة قوات التحالف، بإخراج القوات العسكرية من عدن إلى خارجها، وفصل القوات في أبين وإعادتها إلى مواقعها السابقة، كجزء من آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض.

ورغم البدء بالعمل على بنود الاتفاق الذي تم توقيعه في نوفمبر 2019، عدة مرات، إلا أنه يتعثر بسبب عراقيل يضعها “الانتقالي”، منها رفضه عودة الحكومة اليمنية، والانسحاب من مواقع سيادية مختلفة، فضلاً عن اندلاع معارك بينه وبين القوات الحكومية، نتج عنها مواقف متشددة من قبل الحكومة تجاه المجلس الذي بدأت ترى أنه يستغل الاتفاق لصالحه.

مرحلة جديدة، أم استمرار للأزمة؟

تتسارع الخطى -كما يبدو- باتجاه تنفيذ بنود اتفاق الرياض وملحقاته، بخاصة مع الحديث عن البدء بالعمل على تشكيل حكومة جديدة ستكون برئاسة معين عبدالملك، رئيس الوزراء الحالي، لكن على الرغم من ذلك، لا توجد مؤشرات قوية، من وجهة نظر أستاذ إدارة الأزمات والصراعات بجامعة الحديدة نبيل الشرجبي، بشأن تنفيذ الاتفاق بالشكل الذي يحدث معه انتقال حقيقي لمرحلة جادة.

ويرى الشرجبي، في حديث له مع “المشاهد”، أن هناك تحركات ثلاثة في اتجاهات مضادة؛ الأول بدء المشاورات لتشكيل الحكومة، الثاني لقاءات قيادات “الانتقالي” بقيادات من حزب المؤتمر الشعبي العام، يعتقد أنها لتنسيق مواقفهم، وربما تشكيل فيتو ضد إخراج الحكومة في حال لم تتحقق مطالبهم، أما الثالث فهو بداية عمل اللجنة السعودية لإعادة إخراج القوات من عدن، ونقلها إلى أبين، وهو ما قد يعني صداماً آخر بين الطرفين في المستقبل.

وبناء على تلك النقاط وكيفية تحقيقها على أرض الواقع، يتم الحكم على مدى نجاح الاتفاق هذه المرة، أو استمرار الأزمة. وفي المجمل، لا يعتقد الشرجبي الآن أن الأزمة قد تنفرج، بل العكس، وخصوصاً بعد توجه الإمارات العربية المتحدة، للتطبيع مع إسرائيل، وهو ما قد يدخل عامل صراع آخر وجديد في الأزمة اليمنية، بسبب تداعيات تلك الخطوة.

ويقول إن سفر عبد ربه منصور هادي إلى أمريكا، ربما يتعلق باتفاق الرياض بشكل عام، والإخراج النهائي له، رغم أنه كان قد سافر أواخر العام 2018، من مقر إقامته المؤقت في الرياض، إلى واشنطن، بغرض استكمال علاجه هناك.

لبعض الأطراف طموحات وغايات استراتيجية، يتم التعامل مع مثل هذا الاتفاق كخطوة مرحلية لإعادة التموضع وكسب الوقت، والحصول على فرص جديدة للانتقال إلى مراحل أكثر تقدماً لتنفيذ مشروعاتها.

تبدو الأزمة في طريقها إلى الحل ظاهرياً، وهناك توافقات حول الكثير من القضايا، وخصوصاً التعيينات وتشكيل الحكومة وانسحاب القوات من مختلف المناطق، بحسب الصحفي وضاح الجليل، لكنه يؤكد لـ”المشاهد” أن النوايا هي التي تحكم مسارات مثل هكذا اتفاقات بمثل هذه الحساسية؛ خصوصاً وأنها لا تحكمها وقائع شعبية واجتماعية يمكن أن تؤدي إلى حلحلة الأزمات، حيث أسباب الأزمة قائمة على الأرض، والتغذية الداخلية والخارجية ماتزال فاعلة.

إقرأ أيضاً  تهريب القات إلى السعودية... خطوة نحو المال والموت

ولبعض الأطراف طموحات وغايات استراتيجية، يتم التعامل مع مثل هذا الاتفاق كخطوة مرحلية لإعادة التموضع وكسب الوقت، والحصول على فرص جديدة للانتقال إلى مراحل أكثر تقدماً لتنفيذ مشروعاتها وتحقيق مكاسب أكثر، وجميع القوى ماتزال ترى أن لديها فرصاً في المستقبل لتحقيق مكاسب أكثر، وفق الجليل.

تعقيدات المشهد في الجنوب

منذ استعادة القوات الحكومية للمحافظات الجنوبية، خرجت الكثير من تلك المناطق من نطاق سيطرتها عملياً، وبدأت الإمارات بتشكيل جماعات مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، تعمل على التحكم بالمشهد هناك، ومعه قل نفوذ وتواجد الحكومة بشكل كبير، بخاصة بعد وضع محافظة عدن وأرخبيل سقطرى في قبضة قوات “الانتقالي”.

ورغم محاولة بسط “الانتقالي” سيطرته على الجنوب، إلا أن كثيراً من القوى هناك ترفض أن يكون ممثلاً لها، فضلاً عن تأييد بعضها للحكومة، كما ظهرت عدة أطراف، منها مجلس قيادة المقاومة الجنوبية، الذي شدد على ضرورة حصوله على استحقاقاته حسب اتفاق الرياض، وهي ذات مطالب حضرموت أيضاً.

وتستمر حتى الآن محافظة شبوة بتأييدها للسلطة اليمنية، فيما يظهر بعض الانقسام بشأن الموقف الموحد من ذلك في حضرموت وأبين.

سيناريو متوقع

مع تكرار المخاوف من تحول مسار حل الأزمة بشكل سلمي إلى عسكري كما حدث سابقاً، وفي حال فشل تنفيذ ذلك الاتفاق هذه المرة، يعتقد الشرجبي أن القرار أصبح بشكل كلي بيد الإمارات، وأصبحت هي صاحبة القرار الأول في الوضع اليمني، وعليه يتوقع أن تتجه الأزمة إلى أبعاد أخرى خطيرة عما هي عليه الآن.

ويفيد الجليل، أن هذا الاتفاق، وبرغم شموليته؛ يتجاوز الحاجات الملحة لتحقيق العدالة للمواطنين، وتوفير الخدمات، وصناعة الاستقرار وتوفير شروطه، وهذا يبدو غير ممكن حالياً، بسبب عوامل كثيرة تغذي المشاريع العصبية الصغيرة والتغذية الخارجية لها، وفوق كل هذا استمرار الانقلاب الحوثي، وبقاء مؤسسات الدولة رهينة لديه.

وظلت بعض بنود الاتفاق منذ توقيعه شبه مستحيلة، بخاصة ما يتعلق بمنصب محافظ عدن، وعودة الحكومة السابقة للعمل من عدن، إضافة إلى قضية دمج مسلحي “الانتقالي” بالقوات الحكومية، والمخاوف التي تثار حول ذلك، وتشكيل الحكومة الجديدة وحصة “الانتقالي” فيها.

مقالات مشابهة