المشاهد نت

شيخة ورفيقاتها بين أكوام الرمال يجمعن المحار على بحر العرب

سوالمة

عدن – رضوان فارع:

على أكوام الرمال والقواقع في ساحل البحر العربي المُطل على مدينة عدن اليمنية، تجلس شيخة وأحمد سوالمة ومعهما 3 نساء، بانتظار عملية مد للبحر، ليقذف بدفعة من القواقع، لجمعها واستخراج المحار وبيعه في الأسواق.
بابتسامة ممزوجة بالحذر يتحدث سوالمة لـ”المشاهد” عن رحلة البحث عن المحار، قائلاً: “نعمل 12 ساعة في اليوم وسط شمس حارقة، للحصول على ما يجود به البحر من محار، لمواصلة عيشنا بكرامة”.
سوالمة ( 65 عاماً) يعيل أسرة من 14 فرداً، فقد عمله كصياد في البحر العربي، منذ 5 أعوام، وتوجه إلى جمع القواقع على الساحل أثناء عمليات المد والجزر، كما يقول، متابعاً: “لست الصياد الوحيد الذي فقد عمله جراء الحرب في اليمن، فهناك مئات الصيادين فقدوا أعمالهم، ومنهم من انتقل إلى أعمال مختلفة، وبعضهم فضل البقاء في المنزل، بسبب صعوبة الحياة، وعدم قدرتهم على العمل في مهن اخرى”.

“نمضي أياماً دون الحصول على محار”

وفقد مئات الآلاف من اليمنيين، أعمالهم ووظائفهم خلال 6 سنوات من الحرب التي تعيشها البلاد، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية للبلد، وفقدت العملة اليمنية قيمتها مقابل الدولار بنسبة 300%، ويعيش معظم اليمنيين ظروفاً قاسية جراء ارتفاع السلع الغذائية وإيجارات المساكن وفقدان أعمالهم.


“لا يوجد معنا عمل، فاضطررنا أن نتوجه إلى السواحل لجمع المحار من الصدف، وتجميعها للحصول مقابلها على المال”، يقول سوالمة الذي يحصل على 3000 ريال (ما يعادل 3,5 دولاراً أمريكياً)، على كل رطل محار، بعد عملية استخراجه من الصدف وغليه بالماء وتجفيفه، ومن ثم حفظه للبيع. مضيفاً:” تمضي أياماً لا نحصل فيها على شيء”.
ويتابع: “نخرج من منازلنا باكراً، ونعود مساءً، وطوال اليوم لا نتناول الطعام إلَّا عندما نعود إلى المنازل، فنحن لا نستطيع شراء أكل أثناء عملنا، ما يضطرنا للبقاء على هذا الحال طوال فترة العمل التي تصل إلى 12 ساعة في اليوم”.
ويبيع سوالمة ورفيقاته المحار في شبوة أو حضرموت، حيث يستخدمه بعض اليمنيين مع اللخم (نوع من أسماك القرش المجفف) أو الدهن، أو يتم طبخه كوجبة لدى البعض من الزبائن.
يحصل سوالمة في الشهر على 50 دولاراً مقابل ما يجمع من محار، فيما تتحصل رفيقته شيخة على 40 دولاراً في الشهر، تنفقها على بناتها الأربع اللاتي توفي والدهن في وقت مبكر، بسبب المرض.

إقرأ أيضاً  المال مقابل الإجابة... تسهيل الغش في مراكز الامتحانات  

نسوة يعملن في جمع أصداف البحر

4 نسوة يعملن في جمع القواقع واستخراج المحار في ساحل بحر العرب في مدينة عدن (جنوب اليمن)، بعد أن كانت أعمال البحر حكراً على الرجال، لطبيعة وقساوة العمل في هذه المهن.
شيخة وصالحة ومريم ورقية، جميعهن يجمعن الأصداف، ويستخرجن المحار ويبعنه للحصول على المال؛ من أجل تغطية احتياجات أُسرهن.
شيخة (70 عاماً) تشكو قساوة المحار عليها، تبسط يديها لترينا التشققات والجروح التي تسبب فيها عمل جمع الأصداف البحرية واستخراج المحار منها.
وتقول لـ”المشاهد”: “أقف هنا بين الشمس الحارقة منذ الصباح إلى السابعة مساء، بحثاً عن الرزق، ومن أجل إطعام بناتي”.
تواصل شيخة حديثها عن جمع المحار قائلة: “من الذي يعطينا أنا وبناتي! لا أحد يلتفت إلينا، لا توجد حكومة ولا دولة، فتوجهنا إلى هذا البحر”.
وتضيف: “كنت أعمل على تربية الأغنام، وأعيش منها، ولكن بعد الحرب تغير كل شيء، أُجبرت على بيع الأغنام، والانتقال للسكن في عدن، والبحث عن عمل”.
تقلب كفيها اللتين نحتت الأصداف عليهما، متابعة: “حاولت أن أبحث عن عمل، لكن دون جدوى، حتى أتى الله بأحد الجيران، ووجهنا للعمل على جمع الأصداف، وهو يتكفل ببيعها في السوق في مدينة عدن أو شبوة، ويعود لنا بالمال”.
وتثني شيخة على فكرة جارهم سوالمة، بالقول: “لقد وجهنا إلى هذا العمل، وتعهد لنا بمساعدتنا والوقوف معنا أنا ورفيقاتي، وقيادة فريق جمع المحار”.

صالحة تحصل على 40 دولاراً في الشهر

وتقوم صالحة بجمع الأصداف واستخراج المحار منه منذُ 5 أعوام، وتحصل في الشهر على 35 ألف ريال (ما يُعادل 40 دولاراً أمريكياً) مقابل جمع الأصداف وفتحها وغلي المحار وتجفيفه ومن ثم بيعه.
صالحة أرملة تعيل أسرة من 7 أفراد، بينهم ولد مصاب بالشلل. امتهنت عمل الرجال لعدم وجود فرص أخرى تعمل فيها وتعيش من خلالها.
يدان مُضرجتان بالدماء جراء فتح الأصداف واستخراج المحار من داخلها، عملية صعبة على امرأة مسنة اقتحمت مهنة متعبة من أجل الحصول على المال لعلاج ولدها المشلول.
وتقول صالحة: “مضت 5 أعوام، وننتظر للقادم، ونأمل في الحصول على مصدر رزق أفضل يرفع عنا هذا الشقاء”، مضيفة: “لا خيار أمامنا إلَّا الوقوف أمام هذا البحر ليجود لنا مما فيه، وبعض الأيام تمر بدون شيء، وبعضها لا يقصر معنا، يعطينا لنستمر في العيش

مقالات مشابهة