المشاهد نت

جديده قديم: ولد الشيخ الباحث عن الثلج داخل قرص الشمس

المبعوث الاممى الي اليمن ولد الشيخ

المشاهد – معاذ الحيدري -خاص :
اقتصادي ودبلوماسي موريتاني، تعلم في كتاتيب ضواحي نواكشوط وجامعات فرنسا وبريطانيا وهولندا، فنقلته معارفه إلى منصات القرار بالأمم المتحدة، ليقفز إلى الواجهة مكلفا ببعض أهم الملفات الدولية. ونجاحه في اغلب الملفات والمهمات التي كلف بها قاده لان يكون مبعوثا امميا الى اليمن، ومكلفا بإحداث تقارب بين أطراف الصراع، على إثره تنتهي الحرب ويحل السلام الشامل. ولكن منذ تعيينه في ابريل من العام 2015، وحتى يومنا هذا لم يتمكن الرجل من احداث أي اختراق في جدار الازمة اليمنية، والجميع ربما محليا وإقليميا ودوليا يجمع على ان الرجل أخفق كثيرا، ووعد كثيرا، وتجول كثيرا، بل اقترح وبادر كثيرا، ولكنه فشل كثيرا، وكل المؤشرات والى جانبها معلومات تؤكد على ان الرجل سيتم تغييره نهاية هذا العام ان لم يكن خلال الأسابيع القادمة.
منذ بداية تعيينه ظل ولد الشيخ يتجول في عواصم دول عربية واوربية، من نيويورك، الى الرياض، الى مسقط، الى الكويت، الى صنعاء، الى عدن، يتنقل الرجل حاملا معه حزمة من المواقف والمبادرات والبيانات الداعية الى الالتزام بما يطرحه المجتمع الدولي، والمتعلق بإنهاء الحرب، والاتفاق السياسي، والحوار السلمي.
مبادرة تلو مبادرة وخارطة بعد أخرى، ومقترح بعد اخر، ظل يعلن عنها الرجل، من عواصم مختلفة، وخلال ذلك يطلق تصريحات عن اقتراب الحل وعن موافقات مبدئية من قبل الأطراف، لكثير من مقترحات الحل التي ظل يحملها، ولكن كل ذلك كان ينتهي بالفشل.
اليوم وفي التزامن مع حديث اقتراب قرار تغييره، عاد إسماعيل ولد الشيخ الى واجهة التحركات وبشكل ملفت، معلنا عن خطة حل جديدة، ستبدأ من ميناء الحديدة. الأمر الذي يمكن أن يفهم منه أن ولد الشيخ يجري آخر تحرك له في الوقت الضائع من مهمته التي استمرت أكثر من عامين دون تحقيق أي إنجاز.
ما يبدو واضحا، ووفقا للمعطيات السياسية وكثير من المؤشرات ان هذه الخطة لن تبدأ ولن تمر، وستلحق بكل الخطط السابقة التي كان مصيرها الفشل.
وقال إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إن المبادرة التي قُدمت بشأن محافظة وميناء الحديدة، غرب البلاد، جزء من خطة متماسكة هدفها التوصل إلى حلٍ سلمي ينهي الحرب بشكل كامل.
واعتبر المبعوث الاممي، في بيان صادر عنه، الجمعة الماضية أن ما يتم تناقله حول مقترح الحديدة “غير دقيق”.
وأشار إلى أن المقترح جزء أولي من خريطة عمل متماسكة تهدف للتوصل إلى حلٍ سلمي شامل ينهي الحرب ويسمح بتحسين الوضع الإنساني والاقتصادي والصحي، ويفسح المجال لمرحلة جديدة تضمن تمثيل مختلف المكونات السياسية في البلاد.
وفي وقت سابق، أعلن المبعوث الأممي، مبادرة تتعلق بمنطقة وميناء الحديدة، وتهدف إلى تأمين وصول المواد الأساسية والتجارية عبر الميناء، ووضع برنامج عمل لجباية الضرائب والعائدات، واستعمالها لدفع الرواتب وتأمين الخدمات الأساسية، بدلاً من تمويل الحرب.
خطة ولد الشيخ هذه ووفقا لحديثه، تهدف إلى معالجة الوضع بالحديدة ومينائها، وتتضمن شقين أحدهما عسكري يتعلق بتشكيل لجنة عسكرية من الطرفين (الشرعية والحوثيين وصالح)، للتوصل لحل شامل ووقف إطلاق النار، تمهيدا لإطلاق مفاوضات مباشرة بين الجانبين.
وأعلنت الحكومة الشرعية التعاطي الإيجابي مع خطة ولد الشيخ، بشأن ميناء الحديدة، لكن جماعة الحوثي أعلنت رفضها، والى جانبهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والذي اعتبر تسليم ميناء الحديدة بعيدا بعد الشمس.
من ناحية أخرى، أشار المبعوث الأممي، الذي اختتم الجمعة الماضية زيارة إلى القاهرة استمرت عدة أيام، إلى أن الجهود الحالية تسعى لإيجاد حلول سريعة لدفع رواتب الموظفين الحكوميين اليمنيين وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي للرحلات المدنية.
وبحسب البيان ذاته، التقى ولد الشيخ، خلال زيارته للقاهرة شخصيات مصرية ويمنية وإقليمية، من بينها الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، والمندوبون الدائمون في الجامعة.
ولفت البيان إلى أنه التقى وزير الخارجية الكويتي، صباح خالد الحمد الصباح، الذي كان يزور القاهرة، وبحث معه آخر مستجدات الشأن اليمني.
جديد ولد الشيخ قديم. هذا ما تؤكده التحركات، وتؤكده بيانات وتصريحات الرجل المتشابهة والتي تبدو كما لو انها عائدة من الأرشيف، الى جانب ذلك المواقف المعلنة للأطراف اليمنية المعنية بالحوار، خصوصا تلك الرافضة لكل المقترحات الجديدة والسابقة.
ويرى مراقبون أن مساعي المجتمع الدولي لن تثمر، لوجود كثير من التعقيدات المتصلة بالإرادة الدولية، ونتيجة لعدم جدية شريكي الانقلاب في السلام، وعدم استعدادهم للالتزام باي اتفاقات وعدم موافقتهم على الخوض في أي حديث مع إسماعيل ولد الشيخ أساسا.
وبحسب المراقبون فأن رفض أطراف صنعاء التعاطي مع المبعوث الدولي أعاق مهمته وأصاب تحركاته بالشلل وهو ما خلق قناعة لدى الأمم المتحدة بصعوبة استمراره بهذه الوضعية.
كثيرون هم المحللون السياسيون والمراقبون، والى جانبهم دبلوماسيون محليون ودوليون، الذين يحملون ولد الشيخ الجزء الأكبر من فشل السلام اليمني، والأسباب التي يطرحها بعض هؤلاء المحللون والمراقبون تبدو متعددة.
بهذا الصدد، يقول المحلل السياسي محمد الصبري: “مشكلة ولد الشيخ تكمن في مسائل كثيرة وفي أدائه الوظيفي قبل أن يصبح مبعوثا خاصا لمهمة أكبر بكثير من تجربته وليس في ذلك عيب، فيمكن له ببساطة أن يقرأ ويستفيد من تجربة المبعوث السابق له إلى اليمن جمال بن عمر، والغريب أن ولد الشيخ يقلل من مهمته من مشرف على تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي إلى ميسر للنقاشات وورش العمل أو مسؤول عن وضع لمسات وإجراءات التشريفات لما تريد الأطراف الدولية تحقيقه، ولا أحد ينكر أن الأطراف اليمنية وخصوصا الانقلابيين تصعب من مهامه لكنه أيضا قليل الشجاعة في الإشارة إلى من يعطل مهامه”.
والمشكلة الرئيسية ومن وجهة نظر الصبري، هي في أنشطة الدبلوماسية الدولية والاقليمية والأممية البائسة وغير المنطقية التي تبحث عن تسوية وسلام بين أشخاص وكيانات وقبائل ما قبل الدولة والسياسة وتتجاهل الأحزاب الوطنية، معتبرا ان ذلك مسعى فاشل وتخريبي للتسوية والسلام، ويتم عن عمد أو سوء تقدير للأوضاع في اليمن.
بعض المراقبين كانوا قد توقعوا ومنذ وقت مبكر، بان ولد الشيخ احمد سيفشل في مهمته لسبب بسيط، انه بدا من حيث انتهى جمال بن عمر، وتجريب المجرب خطاء.
أكثر من عامين من التحركات والجهود والمبادرات والمقترحات ظل فيهما البحث عن حلول سياسية مع الأطراف المتحاربة في اليمن، كمن يبحث عن “الثلج” داخل قرص الشمس.
وتشتهر الأطراف السياسية اليمنية بنكثها لكل اتفاقات السلام ولكل الحوارات، منذ عشرات السنين، والعائد الى ذاكرة اليمن السياسية سيجد ان اتفاقات كثيرة وقعت بين الأطراف اليمنية ولم يتم الالتزام بها، اذ ان كل اتفاق سياسي كان يتم يتبعه جولة من الاحتراب. حيث يذكر ان الأطراف اليمنية وقعت على ما سمي بوثيقة العهد والاتفاق في العام 94 في الأردن، وبعد عودتها الى اليمن انفجرت حرب شرسة راح ضحيتها أكثر من خمسة ألف قتيل.
خلال الحروب الستة بين النظام اليمني وبين جماعة الحوثي، كانت توقع اتفاقات ولم يتم الالتزام بها. وها هي الحرب الشرسة الان والتي يمر عليها أكثر من عامين ونصف، كانت قد جاءت بعد ان وقعت الأطراف على اتفاق سياسي عرف بالمبادرة الخليجية وعقد اليمنيون مؤتمر حوار وطني شامل انتهي بالتوقيع على وثيقة شاملة، ليتضح ان ما كان يتم في مؤتمر الحوار شيء وما يتم التحضير له شيء اخر؛ الا وهو الحرب.
من هذا المنطلق، تكون جهود ولد الشيخ فشلت ربما بحكم عدم التزام اليمنيين وعدم جديتهم المستمرة في أي اتفاقات، لدرجة ان هناك من يقول لو قام “غاندي” من قبره لن يكون هناك حل مع أطراف الصراع اليمني حاليا، فكيف بولد الشيخ؟!

مقالات مشابهة