المشاهد نت

السباق السعودي الإماراتي في المهرة وسقطرى 

تواجد عسكري سعودي وإماراتي في المهرة وسقطرى مقابل ضعف حضور الحكومة اليمنية

سقطرى – علي ناصر

في العام الماضي، كان عبد الله بدأهن مع مجموعة من رفاقه بملعب الفقيد سالمين بجزيرة سقطرى  يستعدون لاستكمال اللمسات النهائية لبدء حفل فني بمناسبة ذكرى ثورتي  26 سبتمبر و14 أكتوبر. بدأت الحشود تتوافد إلى الملعب لكن فرحتهم تحولت إلى لحظات من الحزن حينما أقدمت مجاميع مسلحة على إفشال الحفل واقتياد بدأهن ورفاقه إلى أحد السجون التابعة للسلطة المحلية التي تشرف عليها قيادات منتمية لدولة الإمارات، إحدى دول التحالف العربي الذي تدخل عسكريًا في اليمن عام 2015 لإنهاء انقلاب جماعة الحوثي. 

كانت التهمة الموجهة لبدأهن ورفاقه هي تنظيمهم الاحتفال بأعياد وطنية، وبسبب ذلك سُجن”بدأهن، ومحمد بن طعري ، ونوار شعبان، وفيصل الشواقي، وسعد الفرجهي” في زنزانة إماراتية في سقطرى، في الثالث عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2022. 

وبعد منعهم من تناول الطعام، حاول السجانون إجبار بدأهن ورفاقه التوقيع على تعهد بعدم تكرار تنظيم أي احتفال وطني لليمنيين، لكنهم رفضوا. يقول عبد الله: ” لقد حاولوا إرهابنا وتخويفنا والتأثير علينا نفسياً ومعنوياً في زنزانة ضيقة جدًا”. 

خرج عبد الله ورفاقه من السجن، لكن قضيتهم وقضية آلاف اليمنيين في استعادة سيادة دولتهم  ما تزال قائمة.  

انتهاك للسيادة 

كانت محافظتا المهرة وسقطرى في منأى عن النزاع المسلح في اليمن، ولم تصل إليهما جماعة الحوثي، ولم يوجد أي مبرر للتواجد العسكري السعودي والإماراتي فيهما. لكن السعوديين اتجهوا في العام 2017 إلى محافظة المهرة للسيطرة على مطار الغيضة المدني، ليتم  بعد ذلك تحويله إلى مطار عسكري. 

تم استقدام أعداد كبيرة من الجنود وتأسيس عدة معسكرات في مناطق مختلفة بالمحافظة. حتى اليوم، لم تتمكن السعودية من السيطرة على المهرة بشكل كلي بسبب وجود قبائل مهرية قوية ترفض التدخلات السعودية التي تشبه الاحتلال، إضافة إلى الدور الممانع لسلطنة عُمان في أن يسود توتر أمني على حدودها مع المهرة.

وفي سقطرى، حاول الإماراتيون فرض سيطرتهم بالقوة على الأرخبيل الواقع في بحر العرب في الثلاثين من إبريل/نيسان 2018، من خلال نشر أكثر من مائة جندي إماراتي عملوا على منع القوات اليمنية الحكومية من تأمين المطار والميناء و والمؤسسات الحكومية والنقاط الأمنية وطردهم خارج الأرخبيل، الأمر الذي اعتبرته الحكومة اليمنية احتلالًا. حينها رفع المسلحون الإماراتيون علم بلدهم  فوق المباني الرسمية للحكومة اليمنية في منطقة حديبو، عاصمة أرخبيل سقطرى.

عقب احتجاج الحكومة اليمنية على الاعتداءات الإماراتية تدخل السعوديون واستبدلوا القوات الإماراتية بقوات سعودية. استمر الحال هكذا لأشهر حتى عمل الإمارتين على استقدام مسلحين من الضالع ويافع تابعين للمجلس الانتقالي الجنوبي، المنادي بانفصال جنوب اليمن عن الشمال، وسيطروا عسكرياً على أرخبيل سقطرى، وعملوا على تنفيذ مخطط انقلابي ضد محافظ المهرة، رمزي محروس المعين من الحكومة اليمنية.  وتعززت تلك السيطرة العسكرية للموالين للإمارات عقب تعيين رأفت الثقلي محافظاً لسقطرى بقرار من مجلس القيادة الرئاسي. .

أطماع خارجية  

يرى علي بلحاف، ناشط سياسي في المهرة، أن للسعودية والإمارات أطماعًا في محافظتي المهرة وسقطرى يسعون لتحقيقها، وهو الأمر الذي يفسر افتعال مشكلات واختلالات في البوابة الشرقية لليمن. 

 فعلى سبيل المثال تطمح السعودية إلى استقطاع مساحة كبيرة من أراضي المهرة لمد أنبوب النفط السعودي من بداية الحدود السعودية مرورا بالأراضي اليمنية ووصولا إلى بحر العرب، بحسب بلحاف.

 وبحسب “مركز هنا عدن للدراسات الاستراتيجية “،فإن الجيش السعودي كان يقول إن تدخله في المهرة يهدف إلى وقف تهريب الأسلحة للحوثيين، لكن ذلك لم يعُد مبررًا مقبولًا بعد أن أقامت السعودية قاعدة عسكرية في محمية حوف وسيطرت على منفذ شحن. 

إقرأ أيضاً  ما حقيقة صور تشييع جنازة الزنداني في تركيا؟

كان لتلك الانتهاكات التي مورست رفضًا شعبيًا، وخرجت العديد من المظاهرات الرافضة للتواجد السعودي في المهرة.

انقسام المجتمع

تسبب حضور الجيش السعودي في محافظة المهرة إلى نشوب خلافات بين أبناء المحافظة، فالبعض يؤيد والبعض يعارض التواجد السعودي. في العشرين من أكتوبر من العام الماضي، اشتبك مسلحون من  قبيلتي “رعفيت” و”زعبنوت”،  ما أسفر عن جرح شخص واحتراق سيارة عن تلك الحادثة.

 يتحدث عوشن الجدحي، مواطن من المهرة، عن تلك الحادثة، ويقول: “هناك من كانوا يؤججون الفتنة من الموالين والرافضين للتواجد السعودي في المهرة، وتطور الأمر من الجدال إلى اشتباكات بالأيدي ومن ثم بالأسلحة ولولا لطف الله لخلفت تلك الاشتباكات قتلى كُـثر”.

انقسمت قبائل محافظة  المهرة سياسيا عبر عدد من المكونات، وتحت عدد من المسميات منها الموالية مباشرة لدولة الإمارات العربية المتحدة وأخرى موالية للمملكة العربية السعودية، ا وقبائل موالية لسلطنة عُمان .

من بين تلك المكونات: “المجلس الجامع لأبناء محافظة المهرة” برئاسة الشيخ عيسى بن حزحيز، و”المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى”  برئاسة السلطان عبد الله بن عيسى آل عفرار، و “المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى” برئاسة الشيخ محمد عبد الله عفرار.

في السياق يرى سعيد عفري ،مدير الدائرة السياسية في لجنة اعتصام المهرة ،وهي كيان مناهض للتواجد السعودي في المهرة، يرى أن محافظة المهرة رفضت الاستسلام لتلك المشاريع الهدامة التي وسعت رقعتها في العديد من المناطق اليمنية بغرض السيطرة والاستحواذ على الأرض والإنسان وعلى كل الموانئ البحرية والمطارات الجوية والمنافذ البرية. 

يلفت عفري أن بعض تلك المكونات المحلية لديها مشروع  مناطقي  والبعض الآخر ينفذ الأوامر من هذه الدول، وهم جميعًا أتباع لقوى خارجية، ولا يأبهون بسمعة الوطن ومستقبله. 

نفوذ الإمارات في سقطرى 

تقول مصادر في سقطرى إن السلطات المحلية نفذت خلال العامين الماضيين حملات لتهجير المواطنين المنتمين للمناطق الشمالية بشتى الوسائل والطرق. يقول المواطن عادل السقطري لـ “المشاهد”: “المواطن السُقطري  لا يحصل على مناصب إدارية في مختلف المؤسسات الحكومية منذ  تولي الثقلي قيادة الأرخبيل الذي فرض قيادات تابعة له من محافظات أخرى في معظم المؤسسات الحكومية”.

قالت الإمارات عبر بيان رسمي كانت قد أصدرته وزارة خارجيتها  بأن لا مطامع عسكرية لديها  في اليمن وأنها تركز على التصدي للخطر الحوثي، لكن أفعالها تؤكد عكس ذلك ،بحسب ما يراه  الناشط محمد بلحاف، حيث يقول لـ”المشاهد”: ” أصدرت الإمارات العام الفائت تصاريح خاصة بدخول السياح الأجانب إلى سقطرى دون علم الحكومة اليمنية، إضافة إلى أنها تعمل على بث شبكات الاتصال الخاصة بها داخل سقطرى دون موافقة الحكومة اليمنية“. 

شركات اتصالات تعمل في المهرة بدون تراخيص

وخلال الثلاثة الأشهر من العام الجاري قامت سفن تجارية بنقل مئات الأطنان من أحجار الشعاب المرجانية من سواحل سقطرى إلى دولة الإمارات دون ترخيص من الحكومة اليمنية، بحسب تقارير.

يشير بدأهن إلى أن جماعات الانفصال تعمق سيطرتها على سقطرى، وتعمل تلك الجماعات على قمع أي تحرك شعبي ضد الفساد الإداري والمالي والسياسي الذي تعيشه سقطرى منذ الانقلاب على الحكومة الشرعية. 

يختم بدأهن حديثه، ويقول: “إن النضال بهدف استعادة الدولة وحقوق المواطن في سقطرى مستمر، والتفاؤل بانفراج وحلول حقيقية في أرخبيل سقطرى مرهون بالنتائج التي ستسفر عنها المفاوضات التي تجري بين جماعة الحوثي والمملكة العربية السعودية أو التي تجري بين اليمنيين في مختلف المناطق”. 

مقالات مشابهة