المشاهد نت

الصيادون اليمنيون أول ضحايا عسكرة البحر

سوق السمك_الحديدة- ديسمبر 2021-صورة خاصة بالمشاهد

الحديدة- محمد النمر

أثارت العمليات العسكرية المستمرة في البحر الأحمر مخاوف الصيادين، وأصبحت تحركاتهم محدودة مع تزايد التحشيد العسكري باتجاه البحر. كان إعلان التحالف الدولي في ديسمبر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في البحر الأحمر مصدر قلق جديد لآلاف الصيادين. وتسبب تصاعد العمليات العسكرية إلى توقف العديد من الصيادين عن ممارسة أعمالهم، وأصبحوا في خوف من الحرب والجوع.

منذ نوفمبر العام الماضي، نفذت جماعة أنصار الله ( الحوثيين ) نحو  28 هجوما ضد سفنا حربية وتجارية في البحر الأحمر. ونشرت الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الدول الكثير من المعدات العسكرية، ويتنامى التصعيد العسكري باستمرار في ظل فشل الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة. ومع استمرار التصعيد العسكري، يقف صيادو الأسماك في اليمن كأول الضحايا.

يوفر قطاع الصيد في اليمن فرص عمل  في أنشطة الصيد، والأنشطة ذات الصلة، لنحو 500 ألف شخص يعيلون قرابة 1.7 مليون نسمة،حسب  الأمم المتحدة. وصل حجم الإنتاج السمكي نحو 200 ألف طن قبل اندلاع الصراع، لكنه انخفض إلى النصف نتيجة نزوح الصيادين والعاملين في القطاع السمكي، حسب ورقة بحثية لمركز صنعاء للدراسات.

البحر غير آمن

فؤاد دوبلة ، صياد من مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة، يقول ل “المشاهد”: “اليوم يبدو البحر غريبا بالنسبة للصيادين. كنا نمارس الصيد، مصدر رزقنا الوحيد، بصورة اعتيادية، لكن اليوم بالكاد يحصل الصياد على قوت يومه. نتحرك باستعجال لوقت محدود لجلب القليل من السمك، ونعود إلى البيوت خوفا من الصواريخ”.

يعاني اليمن صراعا مسلحا منذ مطلع 2015 بين جماعة الحوثي والقوات الحكومية. وقد أثر الصراع المستمر 2015 على ما يقارب 70% من صغار الصيادين، الذين هم عمود القطاع السمكي، حسب تقرير للأمم المتحدة.

يقول دوبلة: “بدأ الشعور بالهلع منذ أن بدأ التصعيد من قبل الحوثيين ، وشعرنا أن مصدر رزقنا في خطر، حيث منعت العديد الأسر أبناءها من الخروج في رحلة الصيد خوفا من استهداف طائش يغرقهم وسط البحر”.

بحسب دوبلة ، بعد وصول القوات الأجنبية إلى البحر الأحمر، تضاعف الشعور بالقلق لدى الصيادين، وتزايدت أعداد أولئك الذين يتجنبون العمل في الصيد.

أعلن البنك الدولي منتصف 2022 عن تقديم منحة مالية بقيمة 45 مليون ريال لتطوير كفاءة إنتاج مصايد الأسماك في اليمن، وتدعيم آليات الإدارة التعاونية الإقليمية لمصايد الأسماك في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن. لكن الاضطرابات التي تشهدها المياه اليمنية في البحر الأحمر ستؤثر على إنتاج القطاع السمكي في البلاد.

إقرأ أيضاً  الهروب من البشرة السمراء.. تراجيديا لا تدركها النساء

حاليا، يذهب عبد الجليل فخري، مواطن من الحديدة، إلى العمل في صيد الأسماك، ويعتبر ذلك مغامرة، لكنه مضطر للعمل نظرا لندرة فرص العمل. يقول عبد الجليل ل “المشاهد” “نشر البارجات الحربية الغربية كان خبرا مفزعا، وتسبب بحرماننا من اصطياد الأسماك من أجل لقمة العيش”.

يضيف: “نحن الآن نواجه واقعا مؤلما ومخيفا، حيث يتجنب الصيادون اليوم الاصطياد خوفا من الحرب المشتعلة في البحر وخوفا من القرصنة المتزايدة. ظهرت العصابات المسلحة مجهولة الهوية التي تهاجم القوارب وتسلب كل ما وجد مع الصيادين دون رحمة الأمر الذي جعل من البحر الأحمر نقطة للنهب دون وجه والاختطافات التي طالت عددا من الصيادين”.

مصير مجهول

مع تزايد التحديات التي يواجهها الصيادون، تراجع نشاط الصيادين إلى ما يقارب 60 %، بحسب مدير الإنزال السمكي في الخوخة سعيد مساوي .

في حديثه ل “المشاهد”: “تشكل العمليات القتالية في البحر الأحمر أكبر خطرا على الصيد والصيادين. وصل عدد المفقودين منذ بداية التصعيد في البحر الأحمر إلى 63 صيادا، ولا زال مصيرهم مجهولا حتى اللحظة، والبعض من هؤلاء الصيادين فقدوا في جزيرة حنيش القريبة من باب المندب، واحتجزت القوات الارتيرية العشرات من الصيادين اليمنيين في الأسابيع الماضية”.

يوضح مساوي أن تصاعد الأحداث العسكرية الأخيرة في الممرات المائية بالحر الأحمر سيكون له تأثير كبير على جرف الأسماك وتهجيرها عن السواحل ومناطق الإصطياد في المياه اليمنية.

الأعمال القتالية في البحر الأحمر لا تهدد حياة الصيادين فقط، بل تخلق تحديات بيئية ناجمة عن رمي مخلفات السفن الحربية المنتشرة في الممرات المائية، بحسب الخبير البيئي فواز المنيفي.

يقول المنيفي ل “المشاهد”: “التلوث الناجم عن السفن الحربية الراسية في المياه اليمنية قد يتسبب بقتل الأسماك البحرية وابتعادها بعيدا عن السواحل وهلاك الأنواع الفريدة منها، بالإضافة إلى تلوث البحر مع استمرار الصراع، وسقوط مخلفات الصواريخ في مياه البحر في ظل الاعتراضات المستمرة”.

قالت الولايات المتحدة الأمريكية الإثنين 15 يناير 2024، أنها أسقطت صباح الأحد، صاروخ كروز مضاد للسفن أطلق من مناطق سيطرة مسلحي جماعة الحوثي باتجاه البارجة الأمريكية، يو اس اس لبون، جنوب البحر الأحمر.

يبلغ طول الساحل اليمني 2520 كيلومترا، ويعد صيد الأسماك مصدر دخل لآلاف المواطنين في المناطق الساحلية. اليوم، لم يعد العمل في هذا المجال آمن بعد أن أصبح البحر الأحمر محطة للبوارج والقوارب الحربية مع استعداد أطراف الحرب لمزيد من التصعيد.

مقالات مشابهة