المشاهد نت

مصير العائدين من المعتقل

المعتقل المفرج عنه، نجم الدين المخلافي، اعتقل تعسفيا في الحوبان من قبل مسلحي جماعة الحوثي وصالح، وأفرج عنه في 2020 ضمن صفقة تبادل الأسرى والمعتقلين

تعز- نجوى حسن

كان نجم الدين المخلافي عائدا من مدينة تعز إلى أسرته في ريف المحافظة عام 2017، وعندما وصل إلى منطقة السمن والصابون في منطقة الحوبان، تم اعتقاله من قبل جماعة أنصار الله ( الحوثيين ). في ذلك الحين، كانت جماعة الحوثي تعمل ضمن تحالف مع قوات الرئيس الأسبق على عبدالله صالح. بعد اعتقاله، قام مسلحون بنقله إلى سجون الصالح في الحوبان، ولم يكن آنذاك يعرف سبب اعتقاله. كانت لحظة دخوله السجن الخطوة الأولى نحو الجحيم.

منذ العام 2015، يتعرض العديد من المواطنين للاحتجاز والسجن والتعذيب من قبل أطراف الصراع في اليمن. خلال فترة الإعتقال، يتعرض الضحايا للانتهاكات المختلفة، بما في ذلك التعذيب البدني والنفسي، أو الموت في السجون.

يتذكر نجم الدين معاناته في السجن، ويقول: “تم تعذيبي لمدة ثلاث سنوات في سجون الحوثيين ، وأجبروني على الاعتراف بالقوة بالانتماء إلى المقاومة الشعبية، وقتل عناصر من أنصار الله. تعرضت لمختلف أنواع التعذيب، بما في ذلك الضرب المبرح، والصعق بالكهرباء، والحرق، والسجن الانفرادي”.

اضطرابات نفسية

في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، شهد اليمن أكبر عملية لتبادل الأسرى منذ بداية الصراع عام 2015، حيث شملت العملية التي تمت برعاية الصليب الأحمر والأمم المتحدة إطلاق سراح 1061 أسيرا، منهم 670 من جماعة الحوثي، و391 من القوات التابعة للحكومة اليمنية، بما في ذلك 15 جنديا سعوديا، و4 جنود سودانيين.

نجم الدين، أحد المفرج عنهم في صفقة تبادل الأسرى، عاد إلى أسرته، وحالته النفسية غير مستقرة بسبب المعاناة والانتهاكات التي تعرض لها أثناء احتجازه في السجن. اضطرت أسرة نجم الدين إلى نقله إلى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في مدينة النور بمحافظة تعز، بعد أن أقدم على الاعتداء على أولاد عمه بالسلاح.

يشير الممرض نبيل عبد الواحد، الذي يعمل في مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بمدينة النور بمحافظة تعز، أن نجم الدين يشكل خطرا على عائلته وأقاربه، إذا لم يتلق العلاج. يقول نبيل ل “المشاهد”: “يعاني نجم الدين من شكوك وأوهام حول قيام أولاد عمه بأخذ أمواله ويتصرف بطريقة عدوانية”.

ظل نجم الدين يتلقى العلاج في المستشفى لمدة شهرين، ثم سمح له بالخروج، لكنه لم يلتزم بتناول الأدوية والعلاجات اللازمة، مما أدى إلى انتكاس حالته النفسية مرة أخرى.

إقرأ أيضاً  الضالع.. إصابة أطفال بانفجار مقذوف ناري

خلال السنوات الأخيرة، يوضح نبيل أن مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في مدينة النور بمحافظة تعز استقبل 30 شخصا كانوا محتجزين في السجون، وكان جميعهم يعانون من اضطرابات نفسية، بسبب الانتهاكات التي تعرضوا لها أثناء احتجازهم.

بحسب نبيل، بعض المرضى النفسيين الذين تم الإفراج عنهم من سجون الحوثيين ، تلقوا الرعاية النفسية، وتحسنت حالتهم بشكل كبير، والبعض الآخر لا يزالون بحاجة إلى استمرار الرعاية لشهور أو سنوات، وآخرين فروا من المستشفى، ويظل مصيرهم مجهولا.

أساليب التعذيب

مصير العائدين من المعتقل
علامات التعذيب التي تعرض لها نجم الدين المخلافي في سجون الصالح بتعز على يد مسلحي جماعة الحوثي وصالح

تستخدم جماعة الحوثي طرقا وأساليب متعددة للتعذيب ضد الأسرى، منها التعذيب الجسدي والنفسي، مما يؤدي إلى إصابة المعتقلين بإصابات بدنية ونفسية خطيرة، منها الإعاقة الجسدية والنفسية، وتوفي بعض المعتقلين تحت التعذيب، فيما فقد آخرون توازنهم النفسي، وأصبحوا عالة على أسرهم والمجتمع بعد الإفراج عنهم. 

يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي ل “المشاهد” إن أطراف الحرب في اليمن تستخدم أساليب متعددة للتعذيب، أبرزها الإخفاء القسري، الحبس الانفرادي، التحقيقات طوال الليل، الحرمان من النوم، الضرب في جميع أنحاء الجسد، الصفع في الوجه، الإعدامات الوهمية،

الحرمان من ضوء الشمس، التعذيب بالمرض النفسي وحرق الجسم، والحرمان من المياه النظيفة والأكل النظيف، وكذلك الوقوف لساعات طويلة.”

سبعة آلالف معتقل

تسهم المنظمات الحقوقية في الكشف الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون والضغط على الجهات المنتهكة لوقف هذه الانتهاكات، والضغط على أطراف الصراع، لوقف الانتهاكات ضد المعتقلين تعسفيا، والالتزام بالمعايير القانونية.

يقول الحميدي: “هناك عدة أساليب للضغط على الحوثيين للإفراج عن المختطفين والمحتجزين، منها الحوار ضمن صفقة تبادل الأسرى، كما حدث في صفقة عامي 2020 و2023، بالإضافة إلى الوساطات المحلية التي ساهمت في الإفراج عما يقارب من 10 آلاف محتجز طوال السنوات الماضية. لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد المحتجزين في سجون (أطراف الصراع) في اليمن، حيث يزيد العدد بصورة يومية”.

يختم الحميدي حديثه، ويقول: “توجد سجون غير قانونية لا تخضع للرقابة في مناطق يمنية مختلفة، وغالبا لا يمكن حصر المحتجزين فيها. كان عدد المحتجزين كبيرا في بداية الحرب، وتجاوز عددهم 20 ألف محتجز، ثم تراجع العدد بسبب الوساطات المحلية التي ساهمت في الإفراج عن الكثير منهم، وهناك تقدير بأن عدد المحتجزين في اليمن ما بين 5 آلاف إلى 7 آلاف شخص”.

مقالات مشابهة