المشاهد نت

نساء يكسرنّ احتكار الرجال ويمارسنّ «حياكة المعاوز»

ذمار – فهمي عبدالقابض

في قرية “شبر” التابعة لمديرية وصاب الأسفل بمحافظة ذمار، ومن منزل شعبي متواضع تعمل أم محمد في حياكة المعاوز التي تعد من الملابس الرجالية التقليدية في اليمن. 

يشتغل الآلاف من الرجال في هذه المهنة منذ عقود من الزمن، ويعتمدون عليها للحصول على الدخل المادي، وإعالة أسرهم.

لكن أم محمد بدأت العمل في حياكة المعاوز منذ ثماني سنوات، وتستطيع اليوم صنع هذا النوع من الملابس على ماكينة خشبية قديمة، وبيعها منتجاتها في الأسواق في العديد من المحافظات اليمنية. 

أم محمد، 26 عامًا، تقول لـ«المشاهد» إنها تعمل على مئات الخيوط الرقيقة التي يصل طولها إلى مئات الأمتار، وتقوم بترتيبها بإتقان لأن أي خطأ قد يكلفها خسارة المنتج (المعوز) الذي قد يصل سعره إلى 150 ألف ريال يمني، وقد تخسر معه جهد أسبوع كامل.

 تضيف: “حياكة هذا النوع من الملابس يتطلب إتقانًا وصبرًا، حيث ترص الخيوط بجانب بعضها بطريقة احترافية، ويبلغ عدد الخيوط في المعوز الواحد من 1200 إلى 2000 خيط”. 

تقضي أم محمد وقتًا كبيرًا وتبذل جهدًا مضاعفًا في الحياكة إلى جانب مسؤولياتها الأسرية والمنزلية، لكنها لا تشعر بالتعب عندما يطلب الزبائن المزيد من المعاوز وتحقق المزيد من الدخل المالي لتأمين متطلبات المعيشة. 

توضح أم محمد أن زوجها، جلال الوصابي، علّمها هذه الحرفة قبل ثماني سنوات، لكي تصبح الأسرة منتجة، ويسهم كل فرد في تحقيق الدخل المادي. 

في حديثه لـ«المشاهد»، يقول جلال: “‘أعمل في النهار خياطًا ومصممًا للأزياء النسائية في معمل الخياطة، وفي الليل أو أيام الإجازة، أعمل على مساعدة أسرتي وزوجتي في حياكة المعاوز”. 

عندما بدأ جلال الترويج للمعاوز التي تنتجها زوجته لأول مرة، لم يكن يسيرًا إقناع الزبائن بشراء تلك المنتجات، ومع مرور الوقت، استطاع أن يكسب بعض الزبائن.

يقول جلال: “بعد أشهر من العمل والتسويق، زاد الإقبال على المعاوز التي أنتجتها أم محمد، وتلقيت حجوزات مسبقة، بخاصة في مواسم الأعياد”.

إقرأ أيضاً  أسعار صرف العملات مقابل الريال

تختلف جودة المعاوز، وتتنوع الأشكال، وتتعدد المقاسات حسب الطلب وحسب اختلاف الأذواق في كل محافظة، وهذا يتطلب جهدًا وإتقانًا وإبداعًا، بحسب جلال. 

يضيف: “أسعار المعاوز تختلف باختلاف الجودة والعمل، إذ تبدأ الأسعار من 15 ألف ريال لأقل معوز و 150 ألف ريال لأفضل معوز، وكل معوز له ألوان معينة تبدأ بـ 3 ألوان وتنتهي ب 15 لونًا.

قدرة المرأة على الإنتاج 

مدربة المهن الحياتية والأسرية، إلهام الزريقي، تقول لـ«المشاهد» إن المعوز لباس رجالي، إلا أن بعض النساء، مثل أم محمد، استطعن إتقانه، ونسجّن خيوطه بجودة عالية، وهناك إقبال على هذا المنتج في عدة محافظات يمنية .

 تشير الزريقي إلى أن النساء أصبحن يعملن في حياكة المعاوز برغبتهنّ لمساعدة أرباب الأسر في مصاريف اليوم وأثبتنّ قدرتهنّ ونجاحهنّ في العمل والتوفيق بين التزامات البيت والعمل. 

تضيف: “في ظل الحرب والأوضاع التي تمر بها اليمن، تخوض المرأة اليمنية معركة البقاء باقتدار، فالحاجة جعلت من ظهورها اليوم أكبر وأكثر مما سبق، بل ومنافسة في سوق العمل”.

تخوف من اندثار المهنة

المعوز هو الزي الشعبي الذي يرتديه الرجال في مختلف محافظات اليمن، وله مسميات عدة، كاللحجي، والتعزي، والحضرمي، والشبواني، والبيضاني، والشحري والسلاطيني والتهامي وغيره. 

أنواع متعددة من الملابس الخارجية تتدفق باستمرار إلى اليمن، ومن ضمنها المعاوز، الأمر الذي يهدد باندثار مهنة حياكة هذا النوع من اللباس.

يقول جلال إنه متخوف من انتهاء مهنة حياكة المعاوز في اليمن سيما بعد وجود المعوز الصيني في السوق المحلية كمنافس رغم رداءة جودته. 

تقترح الزريقي إنشاء مصانع تتولى إنتاج المعاوز والترويج لها، لمنع المنتج الخارجي من استبدال المنتج المحلي، وضمان استمرار فرص عمل للرجال والنساء في هذه المهنة. 

مقالات مشابهة