المشاهد نت

عمالة الأطفال في رمضان

اليونيسف: نحو مليوني طفل يمني خارج أسوار المدارس

تعز- فخر العزب

منذ اليوم الأول في رمضان، يؤدي حسام محمد، 11 عاما، صلاة الظهر في مسجد حارته بالنسيرية وسط تعز، ويعود للبيت ليحمل ما أعدته أمه من اللحوح (نوع من الخبز الرقيق)، ثم يذهب إلى سوق باب موسى بمدينة تعز ليبيعه حتى أذان المغرب.

حسام، واحد من عشرات آلاف الأطفال اليمنيين الذين يضطرون للخروج إلى سوق العمل لمواجهة أعباء شهر رمضان، حيث تدفع العديد من الأسر بأطفالها للعمل في رمضان للمساهمة في توفير المال لمواجهة التزامات شهر رمضان، وعيد الفطر، وهي التكاليف التي تعجز الملايين من الأسر اليمنية عن توفيرها في ظل انقطاع الرواتب، وانهيار العملة الوطنية، وغلاء الأسعار، وزيادة المتطلبات والالتزامات.

يقول حسام لـ “المشاهد”: “تعودت أنا وإخواني أن نشتغل برمضان لكي نجمع بعض المال، وندعم أبي وأمي في المصاريف اليومية، وتوفير كسوة العيد. أبيع يوميا بحوالي 20 ألفا، والربع من هذا المبلغ يعتبر ربحا صافيا، وأخي يشتغل أيضا في بيع السنبوسة”.

ويضيف حسام: “الظروف المادية أجبرتنا على العمل. أبي وأمي غير قادرين على توفير احتياجات الأسرة بخاصة في شهر رمضان والعيد. يأتي رمضان في وقت الإجازة الصيفية، ونجد ذلك فرصة للعمل ومساعدة أبي وأمي”. 

عمالة الأطفال في زمن الحرب

إياد المشولي، (14 عاما) ، يعمل في بسطة لبيع الملابس الداخلية بمدينة تعز، حيث يعمل من الظهر حتى منتصف الليل. يقول إياد لـ”المشاهد”: “تعودت أن أعمل في رمضان في بيع الملابس، ورمضان يعتبر موسما للبيع، ونكسب فيه مبالغ لا بأس بها، لكن رمضان هذا العام أسوأ من الأعوام السابقة من حيث إقبال الناس على الشراء”.

وتتضاعف أعداد الأطفال الذين يلجؤون إلى العمل في شهر رمضان، حيث يعمل معظمهم في بيع اللحوح والزبادي والحقين والسنبوسة والحلويات أو في البسطات الخاصة في بيع الملابس.

ضاعفت الحرب في اليمن التي اندلعت عام 2015 من عمالة الأطفال، وتزايدت نسبة الفقر، حيث دفعت الأوضاع الاقتصادية المتردية الأسر إلى إرسال الأطفال إلى سوق العمل من أجل مواجهة الالتزامات اليومية، وتوفير متطلبات العيش. 

وحسب مسح ميداني عن عمالة الاطفال في اليمن أجرته منظمة العمل الدولية مع الجهاز المركزي للإحصاء في 2010،قبل الحرب،  فإن 21% من الأطفال في اليمن في عمر الخامسة إلى 17 عاما منخرطون في العمل. 

إقرأ أيضاً  الإفراج عن مبيدات سامة في صنعاء

وقد ضاعف  غياب دور الجهات الحكومية والمنظمات الدولية الخاصة بحماية حقوق الطفل من اتساع ظاهرة عمالة الأطفال بشكل كبير، في ظل غياب البرامج التي تحمي الطفل وتوفر له جميع حقوقه، بما في ذلك حق التعليم. وتعد عمالة الأطفال من أهم الأسباب التي تساهم في عملية التسرب من التعليم، والتي تزايدت في زمن الحرب وفقا للإحصائيات الصادرة عن منظمات دولية.

ودفعت الحرب في البلاد أكثر من مليوني طفل إلى الخروج من المدارس بشكل مباشر، وتضررت نحو ثلاثة آلاف مدرسة، بحسب تقرير اليونيسف في يوليو 2021.

وذكر التقرير أن “أكثر من 8 ملايين طفل يمني بحاجة إلى دعم تعليمي طارئ ومجموعة من المشاريع التي تضمن استمرار التعلّم المنظّم في حالات الطوارئ أو الأزمات أو الاستقرار الطويل الأمد”.

 قوانين معطلة

على الرغم من وجود قوانين خاصة بحقوق الطفل، إلا أن حقوقيين يرون أن هذه القوانين معطلة، ولا يتم العمل بها. وبحسب المادة 133 من القانون 45 لحقوق الطفل اليمني لسنة 2002، يُحظر عمل الطفل الذي لم يبلغ الرابعة عشرة من العمر بالإضافة لحظر تشغيل الأطفال في الأعمال الصناعية قبل بلوغهم سن الخامسة عشرة.

الباحث الاجتماعي فاروق عبده، يقول لـ”المشاهد” إن عمالة الأطفال تعد بمثابة انتهاك لحقوق الطفل، وهناك قوانين لحماية الطفولة، تحدد السن المسموح للعمل، لكن هذه القوانين معطلة في اليمن، ولهذا السبب نشهد تزايدا كبيرا في عدد الأطفال الملتحقين بسوق العمل في اليمن. 

يؤكد فاروق أن عمالة الأطفال تعد من أبرز مسببات التسرب من التعليم، كما أن الطفل الذي يخرج لسوق العمل يكون أكثر عرضة للاستغلال بكافة أنواعه، فيمكن أن يتعرض للاستغلال الجنسي، أو يتم تجنيده أو يتعرض للعنف الجسدي،وغيرها من صور الاستغلال”.

يختم حديثه، ويقول: “يجب على الجهات المعنية تحمل مسؤولية حماية الطفولة في اليمن، وفي مقدمتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة التربية والتعليم، من خلال مكافحة عمالة الأطفال وتوفير بيئة آمنة للطفل، تكفل حقوقه وتوفر الحماية اللازمة له حتى لا يكون عرضة لأي نوع من أنواع الاستغلال”.

مقالات مشابهة