المشاهد نت

نظرة قاصرة تجاه الصيدلانية في اليمن

مفاهيم مغلوطة وتمييز ضد عمل المرأة في الصيدلية-اليمن

عدن-معاذ العبيدي

“أنا اخاف عليك، لا يمكن أن تطبقي في صيدلية ما فيهاش بنت” هذه الجملة هي التي واجهت أبرار من والدها الذي شجعها على دراسة الصيدلة، فيما كان كثير من الذين يعرفون أنها تدرس تخصص الصيدلة يوجهون لها أسئلة كثيرة و بغرابة “ما حصلتي تخصص ثاني تدرسينه غير صيدلة؟ يعني ايش بتشتغلي؟ أهلك بيخلوكِ تشتغلي بصيدلية بين رجال؟ كيف بتتعاملي مع الناس؟

 تسكن أبرار، التي تكتفي بذكر اسمها الأول خوفا من المجتمع، في مدينة تعز حاليا وتعمل في احدى الصيدليات كفتاة واحدة بين العمال، حيث لاحظت أن بعض الزبائن يرفضون التعامل مع الصيدلانيات ويفضلون التعامل مع الصيادلة. 

 معاناة مجتمعية كبيرة تعاني منها الصيدلانيات في اليمن تبدأ منذ اختيار تخصص الصيدلة، حيث ترافقهن وصمة رفض القسم من الأسرة والمجتمع والجامعة كونه خاص بالرجال، وتستمر الوصمة لملاك الصيدليات والزبائن، فهن غير مرحب بهن في مهنة كانت خاصة بالرجال، ويتعرضن في العمل لمضايقات واساءة نفسية وحرمان من الحقوق، اضافة للتمييز بين الجنسين في اختيارهم للعمل وفي الأجور.  

نظرة قاصرة 

بنظرة ازدراء و استنقاص سألني زميل الدراسة “ايش بتشتغلي بعد التخرج؟ بتشتغلي بدكان وتكوني تبيعي، ايش نوعية أهلك اللي خلوك تشتغلي مع رجال لحالكم وتخطلتي بهم”، هذه القصة لن تغيب عن ذاكرة الصيدلانية “مها” اسم مستعار، مهما حدث كما تقول، ورغم أنها تعمل حاليًا في احدى الصيدليات في صنعاء، الا أن تلك القصة وقصص أخرى جعلتها تحس بعدم الراحة في العمل “لولا الحاجة لما عملت في صيدلية”.

يقول رئيس نقابة ملاك صيدليات المجتمع في اليمن، الدكتور محمد النزيلي أنه يوجد وصمة مجتمعية تمنع الدكتورة الصيدلانية من العمل في الصيدليات، وبالنظر لحجم تلك الوصمة يمكن أن ننظر الى جامعة صنعاء التي تخرجت منها أولى دفعات الصيدلة، حيث تحتوي أغلب الدفع على 40-55% إناث، وبينما تراخيص الصيدلانيات تصل لأكثر من 40%، قرابة 10% منهن يخرجن ليمارسن مهنة الصيدلة عموما ولا تجد إلا 1% منهن في الصيدليات. 

تقول الناشطة الحقوقية رشا عبدالكافي، أن وصم المهن بالنسبة للمرأة في اليمن لا تقتصر على مهنة الصيدلة فحسب، ويوجد كثير من المهن التي بإمكان الرجال ممارستها باريحية بينما تعتبر ممارستها للنساء من ضمن التابوهات المحظورة، لأن المجتمع يرى أن تلك المهن كثيرة الاختلاط بالرجال، وبسبب نظرته القاصرة للنساء بتعيب اختلاطها بشكل كبير مع الرجال. 

وتضيف عبد الكافي: هناك نظرة قاصرة تجاه المرأة في اليمن، لذلك تنعكس هذه النظرة على عملها، خصوصا الصيدلانيات، وهي نظرة جهل وتخلف ضمن التسلط الذكوري الذي حدث للنساء في الحياة، بالإضافة لعنصرية يمارسها الجميع ضد النساء ابتداء من المنزل والمجتمع المحيط ثم المجتمع بشكل عام، حتى على مستوى الدولة والقانون، وكذلك العكس فنجد قوانين تميزية ضد النساء، وهو انعكاس متبادل بين نظرة الدولة والمجتمع للمرأة. 

تمييز على أساس النوع

تضيف “مها”: في الصيدلية التي أعمل بها لا تتوفر لي أبسط الحقوق، على أن اتشارك مع الرجال دورة المياه ذاتها، وأن أعمل وقت استراحتهم لتناول القات، ولا يكتفي صاحب الصيدلية من التذمر من عملي والاساءة النفسية لي، حيث يطلب مني تنظيف دورة المياه والصيدلية، مستغلا حاجتي للعمل، اضافة لتعرضي للإهانة أمام الزبائن، وليس الأمر مقتصر على مها وحدها حسب ما تقول “كل صديقاتي يعشن نفس المعاناة”. 

إقرأ أيضاً  الهروب من البشرة السمراء.. تراجيديا لا تدركها النساء

وحسب، عبدالكافي، لو لاحظنا وجود صيدلي وصيدلانية في العمل، لن يطلب رب العمل من الرجل أن ينظف ويرتب وبعض الأعمال الأخرى ويطلبها من المرأة، لأنه ينظر إلى أن وظيفة المرأة قبل كل شيء هي ربة بيت وعملها التنظيف ومكانها المطبخ، هذه اشياء عالقة في ذهنه وليس من السهل التخلص منها، لأنه تربى في منزل المرأة هي ربة البيت، وهي ثقافات مغلوطة لها علاقة بالتنشئة المجتمعية، يتم إسقاطها على كل عموم الحياة. 

فيما يرى النزيلي أنه لا يوجد قوانين حماية للممارسين الصيادلة من الاعتداء اللفظي والنفسي كما هو موجود في كثير من الدول، ومنها دول الجوار كتشريعات حماية لمقدمي الرعاية الأولية والخدمات الصيدلانية، ناهيك عن غياب قوانين الحماية في وجود مفاهيم مغلوطة من المجتمع الذكوري قد يصل للتحرش بالصيدلانية.”

مخالفة قانون العمل

تقول الصيدلانية نادية مكرم” عند البحث عن فرصة للعمل، بحثت كثيرا، كل مرة كنت اسمع عن فرصة في صيدلية معينة عندما كنت في تعز قبل 5 سنوات اتواصل مع المعلنين، وكان عندي خبرات بسيطة لكنني كنت ارفض لكوني امرأة وفقط، وأحيانا يقبل صيدلاني بدون أي خبرة، وعندما وجدت عمل هنا في عدن، كان الأجر بنصف راتب يقدم للصيدلاني، وبسبب الحاجة قبلت”.

ترى أبرار، أنه هناك تمييز بالأجور يرجع لحسب نوبات الدوام، وأن الصيادلة رواتبهم مميزة عن الصيدلانيات بسبب مناوبات الليل، الا أن بعض أرباب العمل مؤخرا أصبح يفضل الفتيات بسبب انهن يطلبن رواتب قليلة جدا “بشتغل بالحاصل” وخصوصا المندوبات في الشركات. 

في حديثها عن تفضيل الرجال والتمييز في الاجور تقول “عبدالكافي” أن فكرة التفضيل لا تقتصر على مهنة الصيدلة، وأن كثير من المهن يفضل الرجال أكثر لعدة أسباب مرتبطة بزواج المرأة والأطفال، لأنه يرى انها إذا صار لها اطفال ستأخذ اجازات كثيرة، للحمل، لمرض الاطفال، للرضاعة.”

بالرغم أن المادة 42 من قانون العمل اليمني تحظر التمييز في شروط العمل وحقوقه وواجباته على أساس النوع الاجتماعي إلا أن الواقع يخالف القانون في بعض المهن ومنها الصيدلة.

فقد نص قانون العمل اليمني المادة (42) :  تتساوى المرأة مع الرجل في كافة شروط العمل وحقوقه وواجباته وعلاقاته دون أي تمييز ، كما يجب تحقيق التكافؤ بينها وبين الرجل في الاستخدام والترقي والأجور والتدريب والتأهيل والتأمينات الاجتماعية ولا يعتبر في حكم التمييز ما تقتضيه مواصفات العمل أو المهنة. 

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

مقالات مشابهة