المشاهد نت

في يوم المسرح العالمي .. المسرح اليمني محاولات للنهوض

المسرح اليمني .. محاولات للنهوض - المشاهد

تعز – نورا فهد

تزامنًا مع اليوم العالمي للمسرح الذي يوافق 27 مارس من كل عام، يتجدد الحديث عن الوضع الذي وصل له المسرح اليمني من تراجع في الإنتاج وزحم في الحضور المتواصل في الواقع، هي أسباب متعددة بعضها له علاقة بعدم الاهتمام الرسمي الحكومي، وأخرى لها علاقة بواقع الحرب في اليمن وتأثيرات ذلك في مختلف النواحي، منها المادية ومنها السياسية أيضًا.
المسرح اليمني له حضور قديم على المستوى العربي، يؤكد المخرج السينمائي، عمار الربصي، في حديثه لـ”المشاهد”، أن نواة المسرح اليمني كانت أوائل القرن العشرين.
ويضيف الربصي أن تشكيل أول فريق للتمثيل العربي من طلبة مدرسة الحكومة في محافظة عدن، عام 1910م، والتي قدمت أول عرض مسرحي بعنوان “يوليوس قيصر”، على مسرح صغير بميدان التنس في كريتر.
ويعتبر أن المسرح في اليمن شهد ازدهارًا كبيرًا بعد ثورة 1962م، وتركز العمل المسرحي حينها على قضايا المجتمع اليمني وتطوره.
وكان للمسرح حينها -حسب الربصي- دور كبير في نشر الوعي الثقافي والاجتماعي والسياسي لدى الناس حول مختلف القضايا التي قامت من أجلها الثورة. وقبل ذلك في جنوب اليمن، كان العمل المسرحي يقوم على ترجمة الأعمال العالمية وتأديتها.
ويشير الربصي إلى أن زخم العمل المسرحي تراجع في عقد التسعينيات من القرن الماضي، تراجعًا ملحوظًا، وكان حضوره بعدها مناسباتيًا، حسب تعبيره.
بعد فترة التسعينيات، ظلت الأعمال المسرحية بجهود فردية، وصفها كمحاولات لإنعاش الواقع المسرحي في اليمن، لكن سرعان ما خفتت هذه الجهود باندلاع الحرب عام 2015م، والتي دمرت البنية التحتية للمسرح التي كادت تكون متهالكةً في الأساس، حسب تعبيره.

معاناة وتحديات

يُعاني المسرح اليمني من غياب شبه تام، فما بين نقص الإمكانيات والدعم، وضعف الوعي بأهميته، يواجه هذا الفن العريق تحديات كبيرة.
وفي هذا السياق، يعزو المخرج المسرحي، أحمد جبارة، أسباب غياب أو ندرة العمل المسرحي في اليمن إلى غياب المسرح من خطة وبرنامج وزارة الثقافة اليمنية، وعدم وجود الفرق القومية والوطنية التابعة لوزارة الثقافة ومكاتبها. بالإضافة إلى غياب المعاهد والكليات التي تدرس الفنون المسرحية، وعدم ابتعاث الطلاب للدراسة في علوم المسرح من المواهب وخريجي الثانوية، أو للدراسات العليا في هذا المجال.
ويضيف جبارة في حديثه لـ”المشاهد” أن المسرح اليمني يعاني من نقص كبير وعدم وجود بنية تحتية متكاملة في اليمن.
ويستعرض ذلك من حيث عدم وجود صالات للعروض المسرحية في جميع المحافظات، ويتم أداء العروض المسرحية -إن وجدت_ في صالات الأعراس والهناجر غير المناسبة.
ويشير إلى أن الإنتاج المسرحي يحتاج إلى كوادر متخصصة في مجالات العرض المسرحي، كما يحتاج إلى إمكانات وتقنيات وأجهزة ومبانٍ مهيأة لاستقبال وإقامة العروض المسرحية.
ولا يقتصر غياب المسرح اليمني على الأسباب والتحديات السابقة فقط، “هناك أيضًا دور كبير لنظرة المجتمع السلبية تجاهه، حيث يرى البعض أن الفنون وبخاصة المسرح ترف لا يحتاج المجتمع إليه، بالإضافة إلى النظرة الدونية للممثلين على أنهم مهرجون وناقصون، ناهيك عن الفكرة المتجذرة لدى البعض بأن المسرح والثقافة المسرحية واردة من الخارج، وليست أصيلة في مجتمع القبيلة”.

الإنتاج المسرحي يحتاج إلى كوادر متخصصة في مجالات العرض المسرحي، كما يحتاج إلى إمكانات وتقنيات وأجهزة ومبانٍ مهيأة لاستقبال وإقامة العروض المسرحية.


وفي السياق ذاته، يرى المخرج الربصي، أن أبرز التحديات التي تواجه العمل المسرحي في اليمن، هي سياسة الدولة التي تجعل من المسرح بوقًا لها فقط؛ ولا تسمح له بممارسة الفعل الحقيقي لخلق قاعدة جماهيرية.
ويلفت إلى أن التأسيس لنهضة مسرحية فنية في اليمن يحتاج تخصيص ميزانية حكومية تحقق عمل بنية تحتية مثل المسارح المخصصة للعروض وتجهيزها بما يواكب التقنيات الفنية الحديثة،

إقرأ أيضاً  شراء الملابس المستعملة للاحتفال بالعيد


بعيدًا عن المسارح الرئيسية، وتوفير موازنة تغطي تكاليف إنتاج أعمال مسرحية بشكل مستمر يضمن استمرار النشاط المسرحي في مختلف المحافظات اليمنية.
ويختتم الربصي حديثه بأن نجاح العمل المسرحي يعود إلى النص الجيد الذي يتضمن مقومات العناصر الدرامية، بالإضافة إلى الممثل الذي يمتلك الأسلوب والشكل واللغة، والمخرج الأكاديمي المتمكن من تقنياته.
وحول مشكلة المسرح اليمني كنص يقول المخرج جبارة إن أي عمل مسرحي يحتاج إلى اكتمال عناصره ومقومات نجاحه، وأن أي تقصير يحدث في أي عنصر يصيب العمل في مقتل، مضيفًا: هناك أعمال مسرحية يمنية فيها قصور من حيث النص واختيار الممثلين من ذوي المواهب القادرة على تجسيد النص وتدريبهم على الأداء الصوتي والحركي، وتصميم الديكور وتنفيذه ليعبر عن المكان الذي تعيش فيه الشخصيات والحدث، وتصميم وتجهيز المؤثرات السمعية والموسيقى التصويرية المناسبة والمعبرة عن جو وحالة الشخصيات، عامل مهم أيضًا في نجاح العمل المسرحي.

محاولات للنهوض

منذ اندلاع الحرب عام 2015 يمكن القول إن الأعمال المسرحية توقفت بشكل شبه كامل، وإن كانت من قبل قليلة، لكن في ظل الحرب لم يعد هناك إنتاج مسرحي ، لكن مؤخرًا، وتحديدًا الثلاث السنوات الماضية، ظهرت بعض الأعمال المسرحية من قبل شركات إنتاجية فنية في تعز وحضرموت.

نجاح العمل المسرحي يعود إلى النص الجيد الذي يتضمن مقومات العناصر الدرامية، بالإضافة إلى الممثل الذي يمتلك الأسلوب والشكل واللغة، والمخرج الأكاديمي المتمكن من تقنياته.


وهو ما يؤكده نائب مدير عام مكتب الثقافة بتعز، نور الدين الأصبحي، في حديثه لـ”لمشاهد”، قائلًا إنه تم إقامة الكثير من العروض المسرحية في الفعاليات الوطنية وأعياد الثورة وغيرها من المناسبات، وعروض مسرحية وعروض ستاند أب كوميدي في اليوم العالمي للمسرح من كل عام.
وإلى جانب أنشطة مكتب الثقافة في تعز، في جانب المسرح، برز في أكتوبر 2023م، مسرح الجند التابع لشركة الجند للإنتاج الإعلامي والتلفزيوني، بتقديم عروض مسرحية في منتزه التعاون بالمدينة، ويتم عرضها على قناة يمن شباب الفضائية، وقد كانت بدايتها من مسرحية المرحوم يعيش التي لاقت زخمًا كبيرًا، تلاها عدد من العروض المسرحية، كما سيشهد موسم العيد -حسب الأصبحي- عروضًا جديدة ضمن أنشطة مسرح الجند.
ولم تتغيب حضرموت عن المشهد، إذ أطلق قسم المسرح بمؤسسة حضرموت للثقافة، مطلع العام الجاري، مشروعي تطوير المسرح المدرسي والمسرح العام، لتأهيل عدد كبير من المسرحيين في المحافظة، وكان من ثمار هذه المشاريع مهرجان خشبة المسرح الذي يطوف مديريات حضرموت الكبرى، ويشهد منافسات في المسرح المدرسي والجامعي، وتنافسًا بين المديريات في المسرح العام.
ويهدف القسم بهذه الجهود، حسب حديث رئيس قسم المسرح بمؤسسة حضرموت، حسن محمد عرفان، لـ”المشاهد“، إلى إعادة وإحياء الحركة المسرحية، والحفاظ على ثقافة المسرح، والاهتمام به من خلال اكتشاف المواهب وتطويرها، ودعم إبداعات الموهبين.
ويعيد عرفان السبب وراء هذا الاهتمام إلى أهمية المسرح ودوره الفعال في نشر الثقافة، وتوصيل الرسائل، وتوعية المجتمع، وغيرها من الأهداف التي يحققها المسرح، والتي نحتاجها بشدة، خصوصًا في هذه الفترة الصعبة التي تمر بها البلاد.

مقالات مشابهة