المشاهد نت

ذمار: الحوادث المرورية تحصد أرواح 150 شخصاً وماتزال

ذمار – ضياء حسن:

لم يسعفه الأجل حتى يعود إلى أسرته حاملاً دجاجة اشتراها للتو، بعد أن فقد حياته وهو يقود دراجته النارية، في حادث أدخله في غيبوبة استمرت 3 أيام، قبل أن تصعد روحه إلى بارئها. عبدالله الشاب الذي دفعته ظروف الحياة إلى بيع كل ما هو ثمين، حتى ذهب زوجته، ليشتري “موتر” (دراجة النارية)، يستطيع من خلالها أن ينفق على أطفاله الثلاثة واثنين من إخوانه الصغار، قبل نحو 3 أعوام.
“عبدالله شاب مكافح، ويعمل ليل نهار، من أجل عياله وإخوانه”، يقول أحد أصدقائه، ويضيف لـ”المشاهد”: كان قبل الحرب يعمل لدى تاجر، لكن التاجر أغلق بعض محلاته، وسرح عدداً من العمال، منهم عبدالله, والأشهر التي تبعت تسريحه من العمل، عمل في مزيج من الأعمال الحرة المتعددة، ليستقر على العمل بالدراجة النارية، ومات وهو فوق “الموتر”.
توفي والد عبدالله قبل 6 سنوات، بمرض السرطان، ليترك له 5 أشقاء، 4 بنات وولداً، منهم ولد وبنت صغيران، فيما 3 من شقيقاته تزوجن، إحداهن تزوجت بعد وفاة والدها، ليكون الحمل ثقيلاً، زاد منه متطلبات أسرته التي تتكون من 3 أطفال ووالدتهم، بالإضافة إلى والدته التي تعاني من مرض السكر.
هموم تراكمت في حياة ذلك الشاب العصامي، لينضم إلى عالم “سائقي الدراجات النارية” في شوارع مدينة ذمار، كفرصة أخيرة لتحسين وضعه المعيشي. مات عبدالله تاركاً كل شيء خلفه.
انتهت القضية “وفاة عبدالله”، بشكل قبلي، بعد أن دفع سائق الشاحنة التي صدمت الشاب، مبالغ مالية كـ”دية”، وتعهد بشراء دراجة نارية أخرى بدلاً من الدراجة التي كان يقودها الشاب.

150 ضحية

كان عبدالله الشاب المفعم بالحياة، واحداً من 150 شخصاً لقوا حتفهم في حوادث مرورية خلال العام المنصرم 2019، في 205 حوادث مرورية، وفق إحصائية صادرة عن الإدارة العامة للمرور بمحافظة ذمار، والتي أكدت أن الوفيات جراء الحوادث المرورية توزعت بين 114 ذكراً بالغاً، و16 أنثى بالغة، و20 طفلاً وطفلة.
وبينت الإحصائية أن الإصابات البليغة وصلت إلى 286 إصابة، في وقت تجاوزت الخسائر المادية جراء تلك الحوادث المرورية، 129 مليون ريال. وترجع ارتفاع عدد الحوادث المرورية في محافظة ذمار (كونها حلقة وصل بين عدة محافظات، ويمر منها الآلاف من المسافرين يومياً)، وفق نائب مدير عام إدارة مرور ذمار العقيد أحمد الشاوري.
وأوضح في حديث مقتضب لـ”المشاهد”، أن أبشع الحوادث التي شهدتها ذمار، خلال العام المنصرم، كان حادث احتراق باص يقل ركاباً، توفي إثر ذلك الحادث 12 شخصاً، بينهم 8 رجال و4 نساء. مضيفاً أن إهمال السائقين والسرعة الزائدة تقف خلف المئات من الحوادث المرورية، التي تؤدي في الغالب إلى كوارث.

إقرأ أيضاً  سماهر.. الإبداع في الرسم لمواجهة تحديات المعيشة

إسطبل عتيقة

تشكل الخطوط الطويلة المصيدة التي تلتهم أرواح السائقين والركاب على حد سواء، وفي محافظة ذمار، تمثل بعض المنحدرات والمنعطفات على طريق صنعاء -تعز، خطراً قائماً يحصد سنوياً العشرات من الضحايا.
“إسطبل عتيقة”، وهي منطقة فاصلة بين قريتي “قباتل” و”الدرب” في “قاع جهران”، والقريبة من مدينة ذمار، واحدة من أخطر المناطق التي يتخوف منها السائقون، حتى المتمرسون منهم، لضيق الطريق الإسفلتي وانحناءاته الخطرة، في المنعطف إذا لم تهدئ السرعة، ستقفز إلى الجانب الآخر من الطريق، ليكون مصيرك إما صداماً مع مركبة أخرى تمر في الجانب الآخر، أو الاتجاه إلى المزارع المحاذية للطريق، وفي كلتا الحالتين سيكون هناك أضرار. ذلك ما حاول ماجد النجحي (سائق باص) أن يشرحه لـ”المشاهد”.
وأضاف: في الطرقات يوجد المئات من المطبات والآلاف من الحفر، كلها تسبب حوادث، وتعجل من تهالك المركبات، بخاصة تلك المركبات التي تنقل الركاب بشكل شبه يومي، سواء من ذمار أو من مدن أخرى.

سائقو الدراجات النارية

عقب كل حادث، تستقبل أقسام الطوارئ المصابين، وأغلب تلك الحوادث يذهب ضحاياها إلى مستشفى الوحدة الجامعي التعليمي بمدينة معبر، ومستشفى ذمار العام بمدينة ذمار، بالإضافة إلى أقسام الطوارئ في مشافٍ أهلية.
مستشفى ذمار العام، استقبل خلال العام المنصرم، 381 حادثاً مرورياً، جزء كبير منهم لديهم إصابات بالغة. ويشير د. محمد القوباني، رئيس قسم الطوارئ في المستشفى، لـ”المشاهد”، إلى أن الطوارئ يستقبل يومياً الحوادث المرورية التي تصل إلى 10 حالات، وبعض الأيام ضعف هذا الرقم، ويقدم الإسعافات الضرورية للمصابين قبل نقلهم للأقسام الأخرى.
وبحسب القوباني، فأغلب الحوادث المرورية تسبب كسوراً في العظام، خصوصاً حوادث الصدام. مؤكداً أن سائقي الدراجات النارية أغلب من يتضررون خلال الحوادث التي يتعرضون لها، على عكس سائقي السيارات، فالحادث البسيط يسبب أضراراً بالغة بسائق الدراجة النارية، بخلاف سائق المركبة.

مقالات مشابهة