المشاهد نت

ما الذي تقدمه الإذاعات المحلية للسلام؟

صنعاء – حفصة عوبل:

بعد مرور أكثر من 100 عام على أول بث إذاعي، لايزال لجهاز الراديو أهميته ودوره كوسيلة إعلامية مهمة في أنحاء العالم.
لكن السؤال المتكرر لدى الكثيرين: هل ما تقدمه كل هذه المحطات الإذاعية حالياً، يخدم المواطن الذي يسعى دائماً إلى الاستقرار؟
يجيب عبدالرقيب السامعي، مدير عام إذاعة تعز: “هناك عديد من البرامج التي نرى أن لها دوراً مهماً في توعية المجتمع بمخاطر الحرب وإيجابيات السلام مثل برنامج “مطلبي” الذي يعبر من خلاله المواطن عن رأيه ومطلبه الذي يوجهه إلى الجهات المعنية بصوته، إضافة إلى برامج تستحضر الإنسان الراقي للتعايش بسلام في المجتمع، وبث المسلسلات المعنية بالسلام، ومعالجة مختلف القضايا الحياتية والوطنية.
ويقول السامعي إن إذاعة تعز، وانطلاقاً من رسالتها الوطنية وواجبها الإنساني، تحرص في كل خرائطها البرامجية على تجسيد مبادئ السلام والوئام، وغرس ثقافة السلام والتوعية بمخاطر الفرقة والشتات، ونبذ ثقافة العنف والكراهية بين أوساط المجتمع بداية من الأسرة.
وإذاعة تعز، واحدة من أهم هذه الإذاعات الوطنية التي تعمل جاهدة على رفع مستوى وعي المواطن بثقافة السلام وتمتين أواصره، والتكافل والتكامل المجتمعي، وتقوية روح الانتماء للوطن من خلال جملة من البرامج الإذاعية الموجهة لمختلف الشرائح على مدى عشر ساعات بث يومياً.
عامر علي سلام فوز، مدير إدارة البرامج في إذاعة بندر عدن fm 99,9، يتحدث عن عمل الإذاعة، قائلاً: “نهتم بقضايا المستمعين، ونشاركهم في نقاشاتها، وتسهم البرامج في نشر مفهوم ثقافة حقوق الإنسان، وكذا الإسهام الإعلامي بالتعرف على الثقافة اليمنية وموروثها الفني وتعدد مشاربه في اليمن”.
ويضيف فوز: “نعتمد كلياً على تطوير آلية العمل الإعلامي الإذاعي، والاستفادة القصوى من تقنيات البث والمتابعة الإلكترونية الحديثة عبر شبكات التواصل ، بحضور إعلامي جديد، محاولين كسر العزلة والقيود الرسمية للإعلام التقليدي وأنماطه السابقة، وخلق وعي عام يخدم الوطن وقضاياه، والدعوة إلى السلام والتنمية والاستقرار”.
أما عن إذاعة صنعاء، وهي الإذاعة الرسمية للحكومة والمعبرة عنها، فقد تمت إعادة بثها في 2015م، ويقول عادل شمسان، نائب رئيس قطاع إذاعة اليمن “البرنامج العام”: تقدم إذاعة اليمن 18 برنامجاً يومياً، إلى جانب نشرات الأخبار، تتميز برامجنا بالتنوع، منها السياسية، وبرامج تتسم بالتوعية والتثقيف، وحق الجميع بالمشاركة السياسية، وأن يكون للجميع الحق بالمشاركة السياسية وفقاً لما تم الاتفاق عليه بمخرجات الحوار الوطني”.

دور البرامج الإذاعية في السلام

“يمن تايمز” إذاعة مجتمعية يمنية خاصة أنشئت العام 2012م، وتبث عبر الأثير من العاصمة صنعاء، بتردد 9’91، شعارها “كلامك يوصل”، وتبث مباشر عبر الإنترنت «مرئي ومسموع»، وتتواجد في كل المنصات الإلكترونية، ولها أنشطتها المجتمعية، وتتبنى قضايا المرأة والسلام.
ويقول علي إبراهيم الموشكي، رئيس مجلس إدارة راديو يمن تايمز، عن عمل الإذاعة: “حظيت يمن تايمز باهتمام كبير خلال الأعوام الثلاثة السابقة، حيث سلطت وسائل الإعلام الأضواء على دورها المجتمعي في اليمن، فهي صوت السلام وصوت المجتمع في صنعاء واليمن”.
وقد أطلق مختبر السلام الأمريكي Peace Tech Lab على “يمن تايمز”، لقب “صوت السلام في اليمن”، وأنها الإذاعة المجتمعية التي تواجه كل الصعاب في سبيل نشر رسالة السلام والتسامح.

ينتج راديو يمن تايمز خلال السنة ثلاث خرائط برامجية تحتوي على أكثر من 40 برنامجاً،  تتضمن برامج تفاعلية تستهدف  مختلف شرائح المجتمع، وبرامج تدعو للسلام والتسامح، وأخرى مخصصة لكبار السن. وتخصص الإذاعة برامج للمجتمع المدني “مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني سواء محلية أو دولية”.
وبالرغم من توسع رقعة وسائل التواصل الاجتماعي بين الأفراد، بعد انتشار الهواتف الذكية في معظم بقاع الأرض، لاتزال الإذاعة أكثر وسائل الإعلام إتاحة للناس في سهولة ويسر، وبأقل تكلفة، ولكن ما الذي تقدمه في السلام؟
إن هذه المرحلة تقتضي من الجميع أن يرصوا الصفوف لإخراج الوطن من بين براثن الاقتتال والانقلاب على الحكومة، والانتقال إلى النهج الديمقراطي السلمي الذي لن تقوم للوطن قائمة إلا بالاحتكام لصناديق الاقتراع الذي من شأنه أن يكفل جميع الحقوق والواجبات والمواطنة المتساوية للجميع.
ويقول السامعي، إن الإذاعات المحلية كغيرها من وسائل الإعلام المختلفة ذات الأهداف الوطنية السامية والرسائل الإنسانية المثلى، لها دور بارز في نشر قيم الخير والمحبة والسلام بين أوساط الجماهير عبر برامج متعددة وفنون إذاعية راقية، وأساليب إبداعية تفاعلية مباشرة مع الجمهور.
وتتفرد إذاعة “يمن تايمز” بعمل برامج خاصة بالسلام والتسامح بطرق مختلفة، يقول الموشكي: “أنتجت يمن تايمز أكثر من عشرة  برامج  خاصة بالسلام، وأكثر من 900 حلقة وفلاش خاص بنشر السلام والتسامح سواء حلقات خاصة أو برامج خاصة بنشر السلام والتسامح”.
ويضيف: “سنوياً ننتج أكثر من 30 فلاشاً صوتياً يدعو للسلام والتسامح، فيما خصصنا برنامجاً يومياً مسائياً لنشر التسامح والسلام، وهذا العام أنتجنا عدداً من الحلقات الخاصة بدور المرأة في السلام”.
ويقول فهمي اليوسفي، نائب وزير الإعلام في حكومة صنعاء: “قد لا نجد لديه إجابات لسؤالنا عن دور الإذاعات المحلية في السلام، لأن كل مشاريع السلام التي قد تم نقلها للتنفيذ أو التي هي قيد التنفيذ، تعد من وجهة نظره خيانة، وتصب نحو التطبيع مع إسرائيل”.
ويضيف اليوسفي: “من وجهة نظري، فإن السلام الذي يروج له الإعلام بمختلف ألوانه، يختلف عن مفهوم السلام من منظور إسلامي من واقع القرآن، ولكن من الممكن أن تكون الإذاعات مروجة للسلام الذي لا ينتقص من السيادة اليمنية”.
يقول فوز: “عملت إذاعة بندر عدن وفق خارطة برامجية فصلية تنفيذية، على إدراج البرامج النوعية، والتي يمكنها أن تستقطب المستمعين، وبث حلقات نقاشية هادفة بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني، وإسهاماتها في الدعوة للسلام ونبذ العنف والحرب والفساد والدمار في البلاد”.
ويضيف: “وانطلاقاً من مسؤوليتنا الإعلامية المحددة، نسعى يوماً بعد يوم إلى الاستمرارية، وفي ظروف اقتصادية صعبة، والتمسك بمبدأ السلام الشامل والدعوة إليه دون التطرف أو الغلو والدعوة إلى المناطقية والنزاع المستمر والاقتتال، والتمسك بالقيم والمبادئ الوطنية الشريفة، والإشادة بها”.
أما عن دور إذاعة اليمن التابعة للحكومة، في بناء السلام، فيقول شمسان: “تحرص الإذاعة على أن تكون صوت الحكومة المعبرة عن الشعب اليمني، ودورها في بناء السلام مهم جداً، كونها قادرة على الوصول إلى النسبة الأعلى من المجتمع غير المتعلم، والقاطن في المدينة والريف، حيث إذا ما قدمت دورها التعليمي والتثقيفي بحياد، وبدون آراء سياسية ودينية وثقافية منحازة لطرف متعصب، فسيكون التأثير قوياً في إعادة وحدة المجتمع ونزع فتيل العصبية والتفرقة”.

إقرأ أيضاً  دور النساء في تحسين جودة الدراما اليمنية

هل الإذاعات هادفة؟

ويقول شمسان: “من يرى أن الإذاعات غير هادفة، ربما ينظر لها من حيث استغلال جماعة الحوثي وسيطرتها على الإذاعات الرسمية والخاصة، وتسخيرها للعنف والطائفية والطبقية المقيتة والتعبئة للحرب وخلق جيل منقسم ومشوه فكرياً وعقائدياً”.
ويوضح فوز دور إذاعة “بندر عدن” في ذلك: “نستطيع القول وبكل فخر بأن إذاعة بندر عدن نأت وبشكل واضح وبكل شفافية عن أن تكون إذاعة مسيسة لأية جهة كانت، واختطت لنفسها منهج الحيادية بالقول والعمل بالحقيقة بما يخدم الوطن أولاً وأخيراً”.
أما “يمن تايمز” فيقول الموشكي: ليست كل الإذاعات تحريضية وغير هادفة، فهناك عشرات الإذاعات المجتمعية المستقلة الهادفة، وتدعو للسلام والتسامح، أما الإذاعات الأخرى التي هي تحريضية أو غير هادفة، فالأسباب التي أدت إلى ذلك كالتالي: توجهها السياسي، وتبعيتها للمالك مثل التي تتبع الأحزاب والمكونات السياسية، فهي أصبحت تحريضية هدفها التحريض والانتصار لهدف السياسة التي تتبعها.
أيضاً عدم توفر الإمكانيات المادية، فلجأت بعض الإذاعات إلى بعض الجهات السياسية لتمويلها مقابل أنها تبث برامج تتبنى سياسة الممول. كذلك من الأسباب المنطقة الجغرافية، فهناك إذاعات تبث لصالح القوة المسيطرة على البقعة الجغرافية التي تبث فيها، وذلك خوفاً من أن يتم إغلاقها.
ويقول السامعي: “من الخطأ تماماً القول إن الإذاعات أصبحت غير هادفة. صحيح أن الإذاعات تأثرت إلى حد ما على مستوى العالم، بوجود القنوات الفضائية ووسائط التواصل الاجتماعي، كما أن الإذاعة على المستوى الوطني تضررت إلى حد كبير نتيجة الحرب وتدمير البنى الأساسية، بالإضافة إلى الوضع المالي، ونزوح أو توقف الكثير من الكوادر الإذاعية المتميزة، لكن الإذاعة، رغم ذلك، مازالت وسيلة مهمة، ولها حضور واسع بين أوساط الجمهور، أما قول البعض بأن الإذاعة أصبحت تحريضية أكثر من كونها وسيلة توعية وإرشاد للتصالح والسلام، فهذا مرده في حال وجوده – وبشكل محدود للغاية- إلى غياب الهدف الأسمى، والتخندق السياسي الضيق للمالك أو المشرف أو الممول.

مقالات مشابهة