المشاهد نت

“أكل طُعِيم”… خدمة المجتمع بقالب صحي

تعز – منال شرف:

لم تكن وفاء عبده الظافري، تملك راس مال كافي ؛ لتنفيذ مشروعها الخاص، عندما طرأت في رأسها فكرة مشروعها الخاص “أكل طعيم”. ومع ذلك راحت تبتكر شعاراً خاصاً به على شاشة حاسوبها المحمول، بعزيمة وشغف؛ لتعلن لمتابعيها على السوشيال ميديا، عن البدء ببيع 5 مأكولات وحسب.
ركزت وفاء جهودها منذ انطلاق المشروع، قبل شهرين، على إعداد أنواع مختلفة من السلطات غير المألوفة على أبناء تعز؛ والتي تتميز بكونها غنية بقيمة غذائية عالية، كسلطات المعكرونة، والتوست، والمقليات، والفتوش، والصينية.
“ويحتوي طبق زينة على مكسرات، ورمان، وجرجير، اختارتها أختي بعد قراءة مطولة من الإنترنت؛ لكي تتأكد من احتوائها على العناصر اللازمة للجسم، وعلى سعرات حرارية كافية”، كما تقول وفاء.
وما يميز “أكل طعيم” عن غيره من المشاريع المنزلية، هو أن جميع وجباته صحية، ويمكن اعتباره المشروع الأول من نوعه في تعز، بحسب محمد مهيوب، وهو أحد المترددين على أطباقها باستمرار.

الصحة أولاً

وتولي وفاء اهتماماً كبيراً للجوانب الصحية، في مشروعها؛ فهي تقضي وقتاً في حساب السعرات الحرارية للسلطات التي تنال إعجابها، قبل إضافتها لقائمتها الخاصة بالمبيعات، أو للسلطات التي تخلط مكوناتها بنفسها، كما تقول، مضيفة أن أطباقها تتناسب مع من يُخضعون أجسادهم للدايت أو لنظام غذائي خاص بالتخسيس.
وتحرص، صباح كل يوم، على شراء الخضار قبل أن تباشر العمل؛ للحصول عليها طازجة، ثم تتجه لغسلها وتنظيفها جيداً؛ لتصفيتها من أية شوائب، وفق قولها، متابعة: “البعض لما يشوف الأطباق يقول: هي إلا قطعت خضار وجرجير، مش عارفين إن تصفية الجرجير، بحد ذاته، تأخذ مني وقت، في التنظيف لعدة مرات؛ عشان أضمن خلوه من الأتربة، والمواد الضارة بالجسم”.
وعلى الرغم من اهتمام وفاء بمدلولات الألوان ومعانيها؛ باعتبارها طالبة في مجال الجرافيكس؛ إلا أنها فضلت أن تركز على معيار الصحة والجودة في اختيارها لمواد التعليب بغض النظر عن شكلها الجمالي، حيث تقول: “بعد بحث طويل في السوق، تمكنت من إيجاد علب بلاستيكية رقم 5؛ يعني حاجة صحية لحفظ الطعام، وممكن تستخدم لأكثر من مرة، وسعتها كافية لكمية طعام مشبعة لفرد. المشكلة الوحيدة كانت في أن العلب لونها أسود، وليس برتقالياً كما أريد، بحكم أن لونها فاتح للشهية، أما الأسود لا علاقة له بالجانب الصحي، لكني في النهاية قررت أن أتغاضى عن اهتمامي بالألوان؛ لكي أحافظ على شغلي صحياً”.

تغلب على الصعوبات

البحث عن هذه النوعية من علب البلاستيك كلف وفاء وقتاً وجهداً طويلين، قبل أن تجدها عند تاجر أدوات بلاستيكية بشارع العواضي في مدينة تعز، وإلى جانب ما عانته مسبقاً، هي الآن قلقة بشأن نفاد العلب المتبقية لديها، بعد أن أخبرها التاجر بعجزه عن توفيرها في الوقت المناسب. “الموضوع سيؤثر على شغلي فعلاً! سأضطر، بسببه، أن أبحث عن علب أخرى صحية، وبالطبع، لن تكون بنفس جودة الأولى، حتى الطابع الخاص بعلبي السابقة سيختلف”.
الحصول على أدوات التعليب، ليس وحده، التحدي الأصعب أمام وفاء؛ بل إن افتقارها لرأس مال يمكنها من افتتاح محل خاص بمشروعها، أجبرها، حتى اليوم، على العمل في منزلها؛ حيث يأتي زبائنها إلى أسفل المنزل؛ ليستلموا طلباتهم التي سبق لهم حجزها، بعد أن يكونوا قد أخطأوا العنوان لمرات عدة؛ وهو ما دفعها للاعتماد على شركات التوصيل مؤخراً.
وترفض وفاء رفع أسعار ما تقدمه من سلطات متنوعة؛ نتيجة للتضارب الحاصل في أسعار الصرف، والارتفاع المفاجئ لثمن ما تجلبه من خضار ومنتجات؛ فهي تفضل الوقوف مع “البسطاء” على مضاعفة ربحها من المشروع، والذي لا يتجاوز الـ20% لحوالي 25 طبقاً تبيعها، يومياً، بعد أن كانت بداية المشروع مقتصرة على 15 طبقاً فقط، بحسب قولها، مؤكدة أن الشعور بالفخر والسعادة هو أثمن ما تحصل عليه من مشروعها الذي تمكنت، من خلاله، من إثبات شخصيتها، وحقها بالمشاركة المجتمعية، ومدى فاعليتها، مثلها مثل أي فرد منتج يسعى لتقديم ما يخدم به مجتمعه، بغض النظر عن كل العوائق والتحديات.
ولوحظ، مؤخراً، تزايد عدد المشاريع الصغيرة المنشأة من قبل النساء في محافظة تعز؛ كصنع الحلويات، وتغليف الهدايا، وعمل العطور والبخور، وصناعة منتجات البشرة، والإكسسوارات، والثياب، إضافة للمشاريع المدارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تقول مها عون، وهي ناشطة مجتمعية: “بعد انقطاع الرواتب، وارتفاع الأسعار، وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد؛ نتيجة للحرب وويلاتها، وجدت المرأة، نفسها، مجبرة على القيام بدور الرجل، والبحث عن مصادر رزق بديلة لعائلتها؛ كفتح مشاريع صغيرة، والعمل في الميدان؛ لتوفير دخل ثابت يعينها، هي وأسرتها، على الاستمرار بالحياة المعيشية”.
وتفيد عون أن تحول المرأة إلى عاملة وصاحبة مشاريع، له أهمية كبيرة؛ فهو يؤكد على حضورها ودورها في المجتمع، ويسهم في إزالة الصورة النمطية عنها.
وتضيف: “تعزز المرأة، بالمشاريع الصغيرة، من رفد بقية النساء، وتشجيعهن على العمل، وإتاحة الفرصة أمامهن، على الرغم من تواجدهن في بيئة متشددة بعاداتها وتقاليدها، تترك مثل هذه الأعمال حكراً على الرجال وحسب”.

مقالات مشابهة