المشاهد نت

اليمن: فرص السلام تتضاءل مع رحيل أوباما

 ذكر المهتمون بالشأن اليمني أن فرص السلام تتضاءل بشكل كبير في اليمن مع بدء العد التنازلي لرحيل الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن البيت الأبيض مطلع العام المقبل، وعدم اقتناص الفرصة من قبل الأطراف اليمنية قبل مغادرته لتوقيع اتفاق سلام.

ويرجعون أسباب ذلك إلى تصلّب أطراف الصراع في اليمن وإصراراهم على مواقفهم التي يرفض كل طرف منهم التنازل ولو قليلاً عن مطالبه للتوصل إلى أي نقطة التقاء بينهم من أجل خلق أرضية مشتركة للتفاوض حول السلام ، بالإضافة إلى عدم تقديم الوسطاء الدوليين وفي مقدمهم الإدارة الأمريكية والأمم المتحدة أي حلول جذرية للأزمة اليمنية.

وقال مصدر سياسي يمني لـ”القدس العربي” ان :” الأزمة اليمنية كبيرة، أكبر من قدرات الأطراف اليمنية المتحاربة، وكلما تأخرت عملية السلام كلما ازدادت تبعاتها وكانت فاتورة خسائر الأطراف اليمنية عالية، ولن يحققوا المزيد من المكاسب، كما لا ينتظرون أن يجنوا المزيد من الأرباح مستقبلا إذا طال أمد الحرب في اليمن”.

وذكر أن لكل طرف مبرراته المنطقية في رفض التوصل لأي اتفاق سلام وفقاً للمبادرات الراهنة، لكن الأمر يزداد تعقيداً مع كل تأخر لإحلال السلام في البلاد، وما هو ممكن اليوم، قد يكون مستحيل غداً.

ويصر الطرف الحكومي على عدم التوقيع على أي اتفاقية سلام ما لم تكن مبنية على المرجعيات الثلاث وهي التي تم اعتمادها سلفاً لذلك، وتشمل قرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، والتي يرفضها الطرف الانقلابي المتمثل بجماعة الحوثي والرئيس السابق علي صالح.

وترى الحكومة اليمنية أن التوقيع على مبادرات السلام المطروحة حالياً وفي مقدمها خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وخريطة الطريق التي تبنتها الأمم المتحدة لليمن، تعتبر مغامرة كبيرة وخيانة كبيرة للقضية اليمنية، التي ضحّى من أجلها الآلاف من اليمنيين رجالا ونساء بدمائهم وأموالهم من أجل استعادة الدولة، ويعتقدون أن مشاريع السلام المطروحة حاليا لحل الأزمة اليمنية تهدف إلى تدمير المستقبل اليمني، وهي ما عبّر عنها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عبر وصفه لهذه المبادرات بأنها “تخلق مستقبلا مفخخا”.

ومن هذا المنطلق تصر الحكومة اليمنية على عدم توقيع أي اتفاق سلام إلا أن يكون اتفاقا حقيقيا لسلام متين يضمن سلاما دائما للمستقبل اليمني، لا أن يخلق سلاما هشّا يتعثر مع أول عثرة يواجها مستقبلا، وتعتقد أن السلام المزعوم عبر مشاريع السلام المطروحة حاليا ما هي إلا تأسيسا لدورات جديدة من الصراع الدموي الذي قد يكون لا نهاية له.

أما الطرف الانقلابي، الحوثي/صالح، فما زالت مواقفه ضبابية، رغم أن الكفة مرجحة لصالحه في الكثير من بنود اتفاقيات السلام المطروحة، والتي تأتي ضمن المخطط الأمريكي الكبير للمنطقة والذي يدفع نحو دعم التمدد الشيعي في المنطقة ولو على حساب حلفائه التقليديين في دول الخليج العربية.

إقرأ أيضاً  تعز .. مقتل مدني بلغم أرضي في عزلة الأحكوم

وإن كان البعض يرجع الضبابية في مواقف الطرف الانقلابي، إلى احتمالات الخلاف المتصاعد بين ميليشيا الحوثيين وقوات صالح على المصالح الحالية وعلى غنائم المستقبل، إلا أنهم يصفونها بـ(المناورة) “للإيقاع بالطرف الحكومي في (شراك) هذه المبادرات التي “تميل كفتها لصالح الانقلابيين، وتبدو أنها غير بريئة من مخطط القضاء على ما تبقى من شرعية في اليمن”، على حد تعبير أحد السياسيين.

وبين التكهنات إضاعة اليمنيين لفرصة السلام الأخيرة، يرى خبراء بالشأن اليمني أنه إما أن يتم التوصل إلى توقيع اتفاق لسلام حقيقي يضمن أمانا للمستقبل، أو استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه حتى ولو طال أمده حتى يأتي وقت مناسب لحسم الوضع والتأسيس لمستقبل جديد لليمن.

وعن أسباب فشل كل جهود السلام الأممية والأمريكية في إحلال السلام في اليمن، وأسباب التحوّل الغربي المفاجئ نحو دعم الطرف الانقلابي، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء الدكتور عبدالباقي شمسان :” ليس هناك تحول في الموقف الدولي من السلطة الشرعية، فقط أمام عامل الوقت وقرب انتهاء فترة رئاسة أوباما انكشف هذا الموقف بشكل واضح”.

وأوضح :” المتتبع للتدخلات الغربية وتحديدا الأمريكية في اليمن نجدها تهدف إلى المحافظة على الحوثيين في الحقل السياسي اليمني من خلال استنباتهم كطرف شيعي وليس زيدي مقابل الطرف السنّي وذلك في إطار إعادة ترتيب بلدان المنطقة التي مرسوم لها إعادتها إلى ما قبل الدولة الوطنية من حيث انتماءتها، ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل لا بد أن تكون الثنائيات المتقابلة مثخنة بالجراح بما يؤدي إلى إعادة إنتاج دورات الصراع والدم في فضاء غير مستقر يتم استنزاف موارده”.

وأضاف شمسان :”أعتقد ان هذا المخطط كان بالإمكان ومازال تعديله إذا ما توافقت بلدان التحالف اولاً في ما بينها على كيفية ترتيب البيت اليمني وكذا إذا عملت على تقوية السلطة الشرعية وموضعتها في مقدم المشهد السياسي والتنفيذي”.

واشار إلى أن هناك عوامل كثيرة لعبت دورا بارزا في إطالة أمد الحرب وانعكس ذلك مجتمعيا وفتح ثغرات للضغوط الدولية لتنفيذ استراتيجيته في اليمن وفي المنطقة.

و قال: “على التحالف وعلى الحكومة الشرعية الإسراع في تنفيذ العمليات العسكرية من خلال السرعة المحدثة تحولاً في معادلة الوجود والواقع والتي سوف تربك المشهد وتعيد التوصيف إلى ثنائية انقلاب وشرعية”، مشدداً على أن العمليات العسكرية في اليمن “ستكون كفيلة بالتعجيل في استعادة الدولة والشرعية على أن تتزامن مع العمليات العسكرية عمليات إعلامية وعمل إنساني”.

–          القدس العربي – خالد الحمادي

مقالات مشابهة