المشاهد نت

سيطرة طالبان على كابول تذكر اليمنيين بمأساتهم في صنعاء

صورة تعبيرية

صنعاء ـ حنان سيف:

جولة سريعة في مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن، تشعرك أن “أفغانستان” إحدى المدن اليمنية الملتهبة، إذ نشر حولها بعض النشطاء في تلك المواقع، خلال اليومين الماضيين، ولا يبدو ذلك مستغربًا، إذ احتلت أحداث سيطرة طالبان على أفغانستان اهتمام العالم كله، لكن نظرة اليمنيين لهذا الحدث كانت مختلفة. كان تناول اليمنيين لها إسقاطًا واضحًا للأحداث على ما جرى ويجري في اليمن.

وتنوعت كتابات المغردين ونشطاء التواصل الاجتماعي، بين الغمز واللمز والطرافة، واستخدام تلك الأحداث إما للتذكير بما حدث في اليمن في 2014، أو لاستشراف ما قد يحصل في المستقبل.

الكثير من الكتاب تذكروا مأساتهم القديمة الجديدة، وكانت المشاهد القادمة من كابول لها بقايا في ذاكرة اليمنيين عندما كانوا يشاهدون سيارات الدفع الرباعي والآليات العسكرية يعتليها مسلحون بزي تقليدي، ويقتحمون صنعاء، في مشهد لا يختلف كثيرًا عما حدث في كابول. وهو الحدث الذي غير اليمن، وقلب حياة اليمنيين رأسًا على عقب.

الحائزة على جائزة نوبل، توكل كرمان، نشرت في صفحتها على “فيسبوك”، صورة لمسلحين من طالبان في مكتب الرئيس الأفغاني، وكتبت عليها: “فارس أبو بارعة”، في إشارة إلى ناشط حوثي كان يلتقط الصور في المكاتب الحكومية التي يقتحمها مسلحو الحوثي حينها، وصورة أخرى للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كتبت عليها: “أشرف غني”، تقارن فيها تشابه مصير الرجلين.

ووجد اليمنيون كثيرًا من الصور والإشارات التي جعلتهم يسقطون أحداث أفغانستان على اليمن.

وتقول الصحفية سامية الأغبري، في منشور لها على “فيسبوك”: “حتى طالبان طلع معها مقالح ودكاك وفرقة تبشيرية”، وهي إشارة إلى أسماء صحفيين ومثقفين روجوا لجماعة الحوثي أثناء اقتحامها صنعاء.

مشهد صنعاء يتكرر في كابول

أعادت الأحداث المتسارعة بسيطرة طالبان على أفغانستان، إلى أذهان اليمنيين أحداثًا شبيهة حصلت عندما سابقت جماعة الحوثي (,أنصار الله) الزمن، في سيطرتها على صعدة وعمران وصنعاء، وانتشرت إلى معظم المحافظات في غضون أيام معدودة. وقد كتب الصحفي محمد الظاهري: “أوجه الشبه بين ما يجري في أفغانستان وما يجري في اليمن منذ مدة، مردها أن السيناريست والمخرج واحد”.

ويفسر الدكتور عبد الباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، في تصريحه لـ”المشاهد”: “الربط الذي أحدثه اليمنيون بين أحداث أفغانستان واليمن، بأنه يعود إلى أن الجماعتين متطرفتان ولا تقبل الآخر إلا تحت مرجعيتها، ولهذا الحوثيون لا يقبلون إلا من يؤمنون بالحق الإلهي بالحكم، وبالمقابل حركة طالبان التي أعلنت عن الإمارة الإسلامية، وهذا يتقاطع مع العقد الاجتماعي الأفغاني”.

ويضيف شمسان: “صحيح أن إحداهما شيعية، والثانية سنية، لكن هناك واحدية في المرجعية، وهي التطرف وعدم قبول الآخر، كلاهما يمتلكان جماعات مسلحةً خارج الجيش الوطني، وولاؤها عقائدي لقياداتها، وسيجد الشعب الأفغاني قوى ثورية وجماعات مسلحة تابعة لطالبان ستُستخدم لفرض القوة”.

إقرأ أيضاً  تهريب القات إلى السعودية... خطوة نحو المال والموت

ويؤكد أن العنصر المشترك الثالث هو الدعم الخارجي، فهناك من أسهم في التواصل مع المؤسسات الرسمية للتسليم، ومنها القبائل التي سلمت، ومنها أيضا الأخطاء الأمريكية التي ارتكبت الكثير من الانتهاكات، ولم تسهم في بناء الدولة.

“سيناريو مشابه لجماعة الحوثي استخدمته طالبان عندما قالت إنها لن تدخل كابول، وإنما ستسعى للتفاوض السلمي، وهو ما حدث مع جماعة الحوثي التي كانت تقول إنها ستتوقف في عمران، وعندما كانت تجري المشاورات في الرئاسة بصنعاء، كانت عملية تسليم صنعاء تسير بالشكل الذي رأينا”، يقول الدكتور شمسان، ويضيف: “وهناك وجه آخر للتشابه من خلال تنسيقات وتوافقات دولية معينة تقف وراء ذلك”.

ويتوقع أن أفغانستان ستدخل نفس التجربة اليمنية، اذ إن إيران ستلعب دورًا كبيرًا إذا لم تحقق مصالحها من خلال قبائل هزارا ومنطقة هزت التي تعتبر إيران الصغرى، وستنتقل الصراعات الخليجية والعربية إلى أفغانستان، التي ستدخل حقل الصراع العربي.

ويشير إلى أن “تصدير الجماعات المتطرفة يسهم بالتواجد في مكان بإيجاد مبررات للسياسات الاستعمارية الجديدة”، موضحًا أن الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية لم تستفد من الإسلام المعتدل في إيجاد توافق، وهي الآن تعيد الجماعات المتطرفة إلى السلطة”.

وبدا قلق اليمنيون واضحًا وهم يشاهدون الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وترك الساحة لانتصار سهل تحققه طالبان.

“التعصب للجماعة والمذهب”

يقول الكاتب والباحث السياسي مصطفى ناجي، في تصريح لـ”المشاهد”: “قلق اليمنيين ناتج عن تشابه الظروف بين البلدين، بلدين فقيرين، وفيهما اضطرابات سياسية من فترة طويلة، جماعات متطرفة راديكالية قادمة من الماضي في تفكيرها وأسلوب حياتها، وتستخدم العنف، وتريد السيطرة، وتستند إلى إرث ديني قديم”.

وأوضح أن وجود تحالف دولي في أفغانستان يتشابه إلى حد كبير مع التحالف العربي الذي يتدخل في اليمن، والسعودية تتشابه مع الأمريكان، ويمكن أن تنسحب انسحابًا مفاجئًا دون اعتبار لما ستؤول إليه الأوضاع في البلد، وربما هذا يبعث على القلق، قد لا يكون ذلك وجيهًا، لكنه مفهوم.

ونشر الكاتب مصطفى راجح في صفحته على “فيسبوك”: “الجماعات المتطرفة الشيعية والوهابية السلفية وجهان لعملة واحدة”.

ويقول الصحفي شفيع العبد، في صفحته أيضًا: “لا فرق بين الحوثي وطالبان إلا من زاوية التعصب للجماعة والمذهب. معيار الدولة وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، تضع الجماعتين في خانة المليشيات المنقلبة على الدولة استجابة لأجندات غير وطنية”.

أما الصحفي أصيل سارية، فقد نشر في صفحته: “الهوية الأفغانية، بنسمع بها كثيرًا، على غرار الهوية الإيمانية في اليمن”.

مقالات مشابهة