المشاهد نت

التحالف والحوثيون.. دلالات التصعيد الأخير

تعز – محمد عبدالله

موجة تصعيد جديدة يشهدها اليمن منذ أيام بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي في ظل تعثر المساعي الأممية لإقناع طرفي الصراع بالتهدئة ووقف إطلاق النار.

ومنذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، كثف التحالف العربي الذي تقوده السعودية دعمًا للحكومة المعترف بها دوليًا، من ضرباته الجوية على مناطق خاضعة لجماعة الحوثي في العاصمة صنعاء، يقول إنها مواقع لتجميع الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة.

خلال الفترة من 20 إلى 26 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بلغ التصعيد في اليمن ذروته إذ أعلن التحالف في بيانات منفصلة، أنه نفذ خمس عمليات ضد ما سمّاها “أهداف عسكرية مشروعة” في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة منذ سبعة أعوام.

بالمقابل نفذ الحوثيون هجمات متكررة باتجاه مدن سعودية خلفت بعضها قتلى وجرحى.

أحدث هذه الهجمات وقعت مساء الجمعة (24 ديسمبر الجاري) عندما أعلنت سقوط مقذوف أطلقه الحوثيون على منطقة صامطة بمدينة جازان جنوبي المملكة، ما أسفر عن مقتل سعودي ومقيم يمني، وإصابة 7 آخرين بالإضافة إلى تضرر 12 سيارة ومتجرين، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).

وفي اليوم ذاته، شن التحالف هجوما للتعامل مع ما وصفه بأنه “مصدر التهديد” وقال إنه نفذ عملية عسكرية فورية ردًا على محاولات استهداف المدنيين بمدينة جازان.
وذكر في بيان له أن دمّر خلال العملية “أربعة مخازن للصواريخ الباليستية والمسيرات بمحافظة المحويت وكهفين لتخزين الصواريخ بمحافظة صعدة شمال اليمن”.

بدورها، أعلنت جماعة الحوثي، مقتل امرأة وإصابة 6 مدنيين بغارتين للتحالف على مبان تابعة للمؤسسة العامة للاتصالات في قرية علامة بضواحي المحويت.

ومساء السبت، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين أنه تم استهداف مواقع “حساسة” في جازان بثلاثة صواريخ باليستية.

ولاحقًا من اليوم نفسه، قال التحالف إنه نفّذ “ضربات جوية دقيقة لأهداف عسكرية مشروعة في ‎صنعاء استجابة للتهديد”.

وأمس الأحد، أعلن التحالف بدء شن ضربات جوية لمنع الحوثيين من نقل أسلحة في صنعاء، داعيًا في بيان له “المدنيين إلى عدم التجمع أو الاقتراب من مدرسة الدفاع الجوي”.

وذكر تلفزيون المسيرة الذي يديره الحوثيون أن الضربات استهدفت الحي الليبي في منطقة عصر وألحقت أضرار متفاوتة في بعض المنازل.

الأسباب
الباحث اليمني المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، علي الذهب يرى أن هناك مجموعة أسباب وراء تكثيف التحالف للغارات على صنعاء أبرزها “ارتباط الحرب في اليمن بقضايا إقليمية ذات طابع استراتيجي، وقضايا دولية من ضمنها المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة وأطراف الاتفاق النووي لعام 2015 دول خمسة زائد واحد”.

ووفق الذهب، فإن الحوثيين تستخدمهم إيران كورقة ضغط، مشيرًا إلى أن التقليل من قيمة هذه الورقة بالتأثير عليها وعلى قواتها وقدراتها معناه إضعاف قيمة هذه الورقة.

إقرأ أيضاً  لحج: «الكثبان الرملية» تودي بحياة مرتادي الطرق

ومن ضمن الأسباب – كذلك- اشتداد هجمات الحوثيين على مأرب، بحسب الذهب الذي يشير إلى أن غارات التحالف تهدف “للتأثير المباشر في قواتهم، ونقاط الإمداد والإسناد والدعم اللوجستي وأيضًا مراكز القوة الاستراتيجية، الطيران غير المأهول والصواريخ الباليستية، التي تدعم عمليتهم القتالية وتدعم وجودهم كقوة تفاوض بها إيران أو بواسطتها ومن خلالها مع مجموعة قوى عنيفة في المنطقة وهي طبعًا داخلة في الحوار”.

وقال لـ”المشاهد“، إن الولايات المتحدة تشترط على إيران التخلي عن هذه “القوى العنيفة” في المنطقة من “الحوثيين، وحزب الله وأيضًا جماعات في العراق”.

والسبب الثالث الذي يراه الذهب بأنه الأكثر ارتباطا بهذه الهجمات وهو أن “التحالف وقَع على بنك من المعلومات أخذ بيده إلى بنك من الأهداف”.

ولفت إلى وجود نشاط استخباراتي كبير للتحالف والسعودية أو حتى للحكومة المعترف بها دوليًا داخل صنعاء وفي مناطق أخرى؛ فضلًا عن عملية الاستطلاع المكثفة التي تقوم بها الولايات المتحدة عبر تقنيتها العالية في طائرة بدون طيار والتي لديها القدرة على الرصد.

مرحلة جديدة
ولأول مرة، منذ نحو ثلاثة أعوام، يشن التحالف غارات جوية بشكل مكثف على صنعاء، الأمر الذي يراه مراقبون بأن ضوء أخضر أمريكي قد مُنح للتحالف لا سيما بعد رفض الحوثيين التوقف عن مهاجمة محافظة مأرب الغنية بالنفط.

وكانت مجلة “إنتلجنس أونلاين” الفرنسية المعنية بشؤون الاستخبارات، قد كشفت في تقرير لها منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن الولايات المتحدة والسعودية بدأتا مؤخرًا مرحلة جديدة في تعاونهما بشأن اليمن في سياق المعركة الاستراتيجية في مأرب.

وقالت المجلة إن وكالة استخبارات الدفاع بالولايات المتحدة (دي آي إيه) قدمت للقوات الجوية السعودية الإحداثيات المتعلقة بالأهداف والمواقع الاستراتيجية التابعة لجماعة الحوثي، مثل مرابض الطائرات المُسيرة والصواريخ الباليستية في صنعاء، وكذلك محافظة صعدة، القريبة من الحدود السعودية، والتي تعد معقلًا رئيسًا للجماعة.

تأتي موجة التصعيد الجديدة بالتزامن مع تعثر المساعي الأمريكية والأممية في إقناع أطراف الصراع بالوقف القتال والتوجّه نحو الحل السياسي.

وفي أحدث إحاطة للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ لمجلس الأمن الدولي، وصف إطلاق عملية سياسية في اليمن بأنها “مهمة معقدة” في ظل اتساع الفجوة بين أطراف الصراع، والأزمة الاقتصادية وتسارع العمليات العسكرية.

ومنذ مارس 2015، يشهد اليمن حربًا مستمرة بين قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وجماعة الحوثي. وتقول الأمم المتحدة، إنه بنهاية العام 2021، ستكون الحرب في اليمن قد أسفرت عن مقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر.

مقالات مشابهة