المشاهد نت

العقيق اليماني كنز دمرته الحرب

اغلقت بعض محلات العقيق في صنعاء أبوابها نتيجة ركود السوق

صنعاء – مجاهد حمود

بجماله الباهي وبريقه اللامع وجمال ألوانه الساحرة وشهرته التي بلغت العالم، ما يزال العقيق اليمني الجوهرة المفضلة لدى معظم الكثيرين من عشاق الأحجار الكريمة.

وأنت تحث الخطى  في أزقة صنعاء القديمة تستوقفك تلك الحوانيت في المباني القديمة المبنية من اللبن، تطرزها تلك الأساور بألوانها المختلفة التي تسر الناظرين, حيث تشتهر بعض الأسواق المتخصصة بصناعة العقيق وتتوزع حسب المحافظات لكن ( سوق العقيق) في صنعاء القديمة مستقلا بصناعته وتجارته منذ القدم يتوارثه الحرفيون جيل بعد آخر  كعمل فني متوارث.

“سماسرة النحاس” بهذا الاسم يعرف حرفيو وتجار العقيق الذين يعرضون بتباهي ما لديهم من عقيق باستخدامات مختلفة وأشكال متنوعة، حيث أن بعض “الفصوص” يصل سعرها آلاف الدولارات.

لكن الحرب  لم تدع شيئاً جميلا في بلد مزقته الصراعات منذ سبعة أعوام، وكان للعقيق نصيب كبير في ذلك حيث تركت أثرا بالغاً في انحساره وتراجع استخراجه ومبيعاته.

ركود العقيق بفعل الحرب 

عمر عبدالرحمن شرهان تاجر عقيق في محلات شرهان بصنعاء القديمة  يقول لـ”المشاهد ” :”أكثر اعتماد تجارة العقيق كان على السياحة  ولكن الحرب تسببت في توقف السياحة كليا مما أثر بشكل كبير على تجارة العقيق وتراجعه بشكل كبير”.

أحمد روضان يعمل في متجر العقيق اليماني  بصنعاء أوضح بأن شغل وتسويق العقيق  قد تأثر كثيرا بسبب الحرب.

ويضيف روضان في حديثه للمشاهد أن استخراج العقيق أصبح  اليوم  أكثر صعوبة من أي وقت مضى، يتم استخراج العقيق من داخل صخور جبلية وعرة من خلال تتبع خامات العقيق في صخور مساحاتها لا تتجاوز عشرات الأمتار  وعمق قد يصل إلى أكثر من 9 أمتار .

ويشير  روضان  إلى جملة من الأسباب التي تصعب عملية الاستخراج منها “التوتر في بعض المناطق، وصعوبة التنقل، وارتفاع سعر المحروقات وانعدامها أحيانا، وأيضا قلة الجدوى بسبب ركود الطلب.”

ويؤكد روضان أن حرفيي صناعة العقيق يعملون جاهدين بكل الوسائل للبقاء والصمود في وجه الحرب في ظروف صعبة وقاسية في بلد تشهد حربا منذ سبعة اعوام .

ويقول روضان أن استيراد الأحجار الكريمة المزيفة من الخارج كان له تأثير على تجارة العقيق اليماني رغم جودته .

بالرغم من شهرة العقيق اليماني وتميزه إلا أن هناك معوقات عملت على انحساره وتراجع صناعته ومبيعاته  لأسباب كثيرة منها تضاعف التكاليف في التنقيب لاستخراجه وصناعته، وتوقف السياحة التي أثرت بشكل كبير .

تدني الإنتاج بسبب ارتفاع تعرفة الكهرباء

 ويشكو روضان، بتأثر معامل شغل العقيق اليماني من قلة الإنتاج بسبب ارتفاع سعر الكهرباء وسعر أدوات الشغل وأحيانا لقلة الطلبات من الخارج بسبب الأوضاع العالمية.

من جهة أخرى أوضح شرهان أن العديد من محلات العقيق أغلقت أبوابها بسبب تردي الأوضاع في مختلف المجالات باليمن. 

وبعد أن كانت هذه المحلات، قبل سنوات، مزارا مهما للسياح من جميع أنحاء العالم، باتت اليوم تقتصر على المتسوقين المحليين، بحسب شهران، مضيفاً بأن هناك بما يقدر أكثر من 10 محلات أغلقت في صنعاء القديمة فقط، والتي تعد من أشهر الأماكن في تجارة العقيق اليماني.

تراجع المبيعات

يقول روضان ” بأن التسويق والبيع توقف لفترة في البداية ثم تم استئناف البيع بصورة محدودة  مؤكدا  بأن ما يتم شغله من عقيق يماني يتم بيع ٩٥% منه فقط  إلى خارج اليمن.

 وأضاف بأن إرسال العقيق إلى الخارج أصبح مكلف جدا بسبب توقف البريد وشركات الشحن السريع،  وأصبح الارسال مع باصات نقل الركاب عبارة عن مغامرة لضياع شحنات كثيرة واحيانا طول فترة الوصول.

E:\من سطح المكتب 8 يناير 2022\BaiduWifi\العقيق اليمني\نسبة تراجع المبيعات منذ بداية الحرب في اليمن-01.png

قلق أمني ومخاوف

وبيّن أحمد روضان بأن الكثير من الزبائن يعزفون  عن شراء العقيق اليماني في الخارج ويترددون  خوفا من ضياع الشحنة أو بسبب الوضع الأمني والسياسي في اليمن ، وهذا ما تسبب في تراجع تجارة العقيق بشكل كبير . كذلك الصراع والحرب في بعض مناطق الاستخراج وصعوبة الوصول إليها لذا قل الإنتاج والبيع، حيث أصبحت تجارته ضئيلة جدا ومحصورة داخليا . 

إقرأ أيضاً  الهروب من البشرة السمراء.. تراجيديا لا تدركها النساء

مراحل استخراج العقيق

يمر العقيق بمراحل عدة للوصول إلى تجهيزه للزبون ويوضح  “شرهان”  لـ”المشاهد” مراحل استخراج العقيق  قائلاً : “يتم استخراج العقيق الخام عن طريق الحفر في الصخور البركانية والمتحولة وذلك في أعماق متفاوتة ويتم العثور عليه في شكل كتل تكون غير منتظمة الشكل تحتوي على العقيق و محاطة بطبقات من التربة والصخور الأخرى وهذا يستغرق وقتا وجهدا كبير”.

ويؤكد أن استخراج العقيق تراجع بشكل كبير لعدة أسباب منها غلاء وانعدام المشتقات النفطية والتوتر في بعض المناطق بسبب الحرب .

ويضيف :تمر صناعة العقيق بعدة مراحل وهي مرحلة الحفر والاستخراج، ثم مرحلة الفرز واختيار الحجر الأنسب للشغل، يليها مرحلة قطع الأحجار وتنظيفها من الأتربة والصخور الأخرى، ومرحلة تشكيل الحجر، ثم مرحلة التلميع، ومرحلة التراش أو التركين، ثم مرحلة التجمير لبعض الأحجار التي تحتاج إلى ذلك لتحسين لونها مثل العقيق الأحمر وهي المرحلة الأخيرة .

 روضان يشرح للمشاهد كيفية معرفة العقيق ونوعيته قائلاً ” بالإمكان التعرف على نوع العقيق أو مصدره بنسبة متوسطة من خلال فحص الحجر مخبريا لمعرفة طريقة انتشار اللون في الحجر وشكل العروق وألوانها.

أنواع العقيق اليماني

بحسب عمر، فإن أنواع  العقيق اليماني تصل إلى تصل إلى 31 صنفا لكن أشهرها العقيق الأحمر ويعتبر من أجود العقيق اليماني وأغلى أنواعه لما له من خصائص نادرة لا توجد في الأنواع الأخرى ، وهو أنواع مختلفة وعديدة منها الرماني بنوعيه الفاتح والغامق والكبدي والخوخي والتمري .

E:\من سطح المكتب 8 يناير 2022\BaiduWifi\العقيق اليمني\انواع العقيق اليماني-01.png

يليه العقيق المصور والمشجر وهذا النوع من العقيق اليماني يتضمن داخله كتابات مثل لفظ الجلالة وصور طبيعية منها صورة الكعبة المشرفة بالإضافة إلى تلك الأنواع يوجد أنواع أخرى بأسماء وألوان مختلفة .

وعن خصوصية العقيق اليماني وامتيازه يقول روضان يتميز العقيق اليماني عن غيره بنقائه من الشوائب ولذلك يعد من أغلى الأنواع سعراً خاصة اللونين الكبدي ودم الغزل من العقيق الأحمر .

مناطق استخراج العقيق

يستخرج العقيق اليماني من بعض المحافظات اليمنية مثل محافظة ذمار و محافظة صنعاء، و إب وتعز ومحافظة شبوة جنوب شرق البلاد.

ويشير روضان بأن العقيق اليماني يستخرج بشكل كبير من مناطق كثيرة في محافظة ذمار مثل  بلاد آنس  و جبل ألهان في حمير وبني خالد وجبل ضوران وأيضا في المنار وجبل الشرق ويستخرج أيضا من بعض المديريات الأخرى في محافظة ذمار مثل عنس وعتمة إضافة إلى محافظات أخرى مثل صنعاء في خولان وأيضا محافظات إب وتعز وشبوة.

E:\من سطح المكتب 8 يناير 2022\BaiduWifi\العقيق اليمني\المحافظات التي يستخرج منها العقيق-01.png

استخدامات العقيق

ويستخدم العقيق كل من الرجل والمرأة في عدة أشكال وأنواع مختلفة فهو يستخدم في المصوغات الذهبية والفضية فبالنسبة للرجال يستخذونه في الخواتم والمسابح والخناجر، أما النساء  فيستخدمونه في الأقراط  والأحزمة  والقلادات وغيرها من استخدامات الزينة.

E:\من سطح المكتب 8 يناير 2022\BaiduWifi\العقيق اليمني\استخدامات العقيق اليماني-01.png

يقول المواطن  فؤاد حمود لـ “المشاهد”  بعد أن تسببت الحرب في التدهور الاقتصاد وانهيار العملة المحلية  قلّت القدرة الشرائية لدى المواطن  وأصبح كل همه هو توفير الاحتياجات الأساسية من القوت الضروري اليومي، ولم يعد هناك أي اهتمام بالكماليات أو الجانب التراثي والفني وهذا نتاج الحرب . 

ويضيف “الكثير من اليمنيين لديه رغبة في اقتناء العديد من الخواتم الفضية وارتدائها لما لها من جمال وميزة في نفوسنا ولكن كما ترى الحال لا نستطيع شراءها، ولكن هناك آخرون ميسورون  يستطيعون شرائها”.

مقالات مشابهة