المشاهد نت

التعليم الأهلي.. رواتب المعلمين ممنوعة من الرفع

التدهور الإقتصادي وانهيار العملة المحلية يجبر الأسر على بيع مجوهراتها لشراء مستلزمات مدرسية

تعز – فاطمة العنسي

تعمل لمياء العسلي (28 عامًا) كمدرسة في مدرسة زينب الأهلية في محافظة تعز (جنوب غربي البلاد)، دون أن تحصل على مردود مالي جيد، رغم الجهد الكبير الذي تبذله في تدريس مادتين، كما تقول لـ”المشاهد”، مضيفة أن بعض المدارس الأهلية باتت تستغل الوضع الاقتصادي الحالي وحاجة المعلمين للعمل من أجل الحصول على أدنى المتطلبات الحياتية، علمًا أن الرواتب لا تسد حاجته في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، التي تشهدها اليمن.

ويبلغ راتب المعلمين في بعض المدارس الأهلية 25 ألف ريال يمني (تساوي 20 دولارًا أمريكيًا)، بحسب لمياء، مشيرة إلى أن بعض مدراء المدارس يستغلون المعلم من خلال إضافة حصص إضافية له غير مقررة ضمن الجدول الأسبوعي، دون دفع أي مقابل مالي.

استغلال حاجة المعلمين

تؤيد المعلمة مروة العريقي (32 عامًا)، حديث زميلتها السابقة، حول هضم حقوق المعلمين في المدارس الأهلية، برغم الارتفاع الكبير لرسوم تعليم الطلاب في المدارس الأهلية سنويًا، والذي بات الطالب يدفع قرابة 100 ألف (تعادل 100 دولار) في السنة، دون احتساب تكاليف رسوم الزي المدرسي والكتب ورسوم اشتراك المواصلات في الحافلة.

وتقول مروة التي تعمل في المدرسة الوطنية الأهلية لـ”المشاهد” إن الكادر التعليمي يعاني من هضم لحقوقه، رغم أنه يتحمل تدريس أكثر من مادة، وأحيانًا في غير تخصصه. ويتضمن العقد الذي وقعت عليه مروة 20 حصة في الأسبوع، بالإضافة إلى الإشراف على الطابور ووقت الراحة، والإشراف على الحافلات المدرسية دون زيادة في الراتب، وتضيف أن دفاتر التحضير مُلزم المعلم أن يشتريها على حسابه الشخصي، رغم أن أسعارها تبدأ من 1500 إلى 3000 ريال يمني.

ومن الحقوق المسلوبة أيضًا، حصص التغطية في حال غياب أحد المعلمين، حيث تحصل المعلمة على 200 ريال مقابل الحصة، وفق مروة.

ويتقاضى المعلم في المدارس الأهلية أقل من نصف راتب المعلم في المدارس الحكومية، فكيف سيبذل قصارى جهده مقابل راتب هزيل لا يسمن ولا يغني من جوع، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، حد قول أستاذ علوم الاجتماع في جامعة تعز، الدكتور محمود البكاري، مؤكدًا لـ”المشاهد” أن مشكلة المدارس الأهلية قائمة على أساس أن ملاك المدارس يسيرون على نهج مادي ربحي فقط، دون الاكتراث بسير العملية التعليمية، أي أنها سلعة وليست خدمة، على حساب حقوق المعلم، الأمر الذي ينعكس سلبًا على سير العملية التعليمية ومخرجاتها.

ويقر مطهر الصراري، مدير مدارس رواد الإبداع في مدينة تعز، بأن المعلم يحصل على راتب في مدرسته لا يقل عن 35 ألف ريال، أما المعلمون القدماء فتصل رواتبهم إلى 60 ألفًا، لكنه يشير إلى أن عدد الحصص الأسبوعية لكل معلم 20 حصة. وبشأن ارتفاع الرسوم الدراسة، يقول الصراري لـ”المشاهد”: “لا يوجد ارتفاع رسوم إذا ما قارنا طباعة المنهج على حساب المدرسة، وارتفاع الإيجارات والمواصلات”.

مخالفة قانون العمل اليمني

يعلل محمد الرميم، عضو نقابة المعلمين في تعز، السبب في ذلك إلى طبيعة العمل والعقود التي تختلف من مدرسة إلى أخرى، فضلًا عن استغلال المدارس الأهلية لعدد الخريجين الكبير مقابل قلة فرص العمل. ويلفت الرميم في حديثه لـ”المشاهد”، إلى أن النقابة بالمحافظة، تعمل على إيجاد لوائح وضوابط تحدد وتنظم العملية المالية في المدارس الأهلية، بما لا يتعارض مع مصلحة الطرفين، بحيث يكون لا ضرر ولا ضرار للجميع.

إقرأ أيضاً  حرمان المرأة من الميراث بسبب هشاشة القضاء في اليمن 

ويقول المحامي والحقوقي هشام بازرعة، إن القانون الواجب تطبيقه في ما يتعلق بعلاقة المعلم والمدرسة، هو قانون العمل اليمني، وقانون التأمينات الاجتماعية، لكنها قوانين غير مفعلة، في انتهاك صارخ لحقوق العاملين في المدارس الأهلية.

ويضيف المحامي بازرعة الذي يعمل مديرًا تنفيذيًا للمكتب العربي للقانون، ومستشارًا بالتحكيم الدولي، لـ”المشاهد” إن هناك قانونًا خاصًا جائرًا تفرضه إدارات المدارس الأهلية، ولا علاقة له بقانون العمل اليمني، أو أي من القوانين النافذة، حيث يلجأ أصحاب المدارس لابتداع قانونهم الخاص، وتوقيع عقد عمل مع المدرس خلال السنة الدراسية، أما خلال فترة الإجازة الصيفية فإن العقد يكون منتهيًا بانتهاء مدته، ويعاد إبرامه مرة أخرى في العام الدراسي اللاحق، وهذا ما يتنافى مع مبادئ وأحكام قانون العمل اليمني، حيث حددت المادة ٢ من قانون العمل اليمني أن العمل الموسمي هو كل عمل ينفذ بطبيعته وبظروفه في مواسم محددة من السنة، ولا تزيد مدته عن ستة أشهر متواصلة.

ويتابع أن العمل الموسمي والمؤقت ينص عليه قانون العمل، ولكن لا ينطبق ذلك على مدرسي المدارس الأهلية، كون عملهم يتسم بالديمومة والاستمرار وتنفيذ العمل بذاته عامًا بعد عام، وبالتالي ما تقوم به إدارات المدارس الأهلية فيه تعسف وانتهاك للقانون وحقوق العامل، كما أن عقد العمل اعتبره القانون مفتوحًا وغير محدد المدة للعامل اليمني وفقًا لنص المادة ١/٢٩ من قانون العمل اليمني، مطالبًا بضرورة وضع ضوابط قانونية لتلك المدارس أثناء إبرامها عقودًا مع المدرسين، ومنحهم الحقوق القانونية الكاملة التي نص عليها القانون، ومنها الإجازات السنوية، ومكافأة نهاية الخدمة.

وصادق القانون اليمني رقم 11 لسنة 1999 المتعلق بتنظيم مؤسسات التعليم الأهلي والخاص، على إتاحة الفرصة أمام الأفراد والمؤسسات بإنشاء مدارس خاصة وأهلية بغرض إضافة إمكانية تعليمية جديدة تساعد إمكانيات الحكومة القائمة، ووصول التعليم إلى الجميع.

مقترحات لتخفيف معاناة المعلمين

“من الحلول الممكنة للحد من استغلال وهضم حقوق العاملين في المدارس الأهلية، هو قيام وزارة التربية والتعليم بوضع لائحة أو مصفوفة ضوابط لفتح وتشغيل المدارس الخاصة، بما في ذلك تحديد أجور ورواتب المدرسين في المدارس الأهلية أسوة بالمدارس الحكومية، مع الأخذ بعين الاعتبار رفع رواتب المعلمين في المدارس الأهلية بحكم ما تتقاضاه من رسوم تسجيل مرتفعة من الطلاب”؛ يقول الدكتور البكاري، مضيفًا أن من لديه القدرة على الالتزام الكلي بهذه الشروط واللوائح المنظمة والمعايير التي تحددها الوزارة، يمكنه الاستمرار في فتح مدارس أهلية، ويتابع: “أكاد أجزم بأنه في حال وضعت هكذا شروط، فإن معظم المدارس الأهلية سوف تغلق أبوابها، لأن الربح هنا لن يكون على المستوى المطلوب لديهم”.

مقالات مشابهة