المشاهد نت

مأرب.. نهضة عمرانية فاقمت من ارتفاع أسعار العقارات

مأرب -عارف الواقدي:

بات محمود (35 عاماً) مهدداً بالطرد من منزله الواقع في حي الروضة بأطراف مدينة مأرب، بعد عجزه عن دفع إيجاره المقدر بـ80 ألف ريال يمني (130 دولاراً أمريكياً)، بزيادة 20 ألف ريال عما يتقاضاه من راتب شهري من الجيش الوطني الذي يعمل جندياً فيه، والمقدر بـ60 ألف ريال، كما يقول، مضيفا أنه دفع عند استئجاره للشقة المكونة من غرفتين، قبل 8 أشهر، 480 ألف ريال لـ6 أشهر مقدماً، والآن عجز عن الوفاء بدفع الإيجار.
وتشهد مدينة مأرب، ازدحاماً سكانياً كبيرا،ً خصوصاً منذ بدء توافد موجات النزوح إليها في العام 2015، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع إيجار الشقق السكنية بنسبة 500%، بالذات في منطقة المجمع، مركز مدينة مأرب عاصمة المحافظة، وبنسبة 400% في أطرافها، نتيجة الاستغلال الكبير الذي يقوم به ملاك العقارات السكنية.
ونزح مليونا مواطن يمني إلى محافظة مأرب، وفقاً للتقديرات الرسمية، علماً أن السكان الأصليين للمحافظة لم يكونوا يتجاوزون 300 ألف قبل 3 سنوات، غير أن دراسة حديثة قامت بها 8 منظمات مجتمع مدني محلية في مأرب، تؤكد أن النازحين في 10 مديريات بالمحافظة لا يتجاوز عددهم 25 ألف أسرة نازحة، بمتوسط 7 أفراد للأسرة الواحدة، أي بما يناهز 175 ألف فرد نازح.
وأمضى الجندي في الجيش الوطني يوسف الخولاني، 4 أشهر، بحثاً عن شقة في المدينة ليتزوج إليها، لكنه لم يجد، وهو الأمر الذي أجبره على تأجيل الزواج.
ورغم ارتفاع إيجار الشقق في مدينة مأرب، إلا أن هناك إقبالاً كبيراً عليها، الأمر الذي استغله ملاك العقارات الذين باتوا يرفضون التأجير بالريال اليمني، وإنما بالريال السعودي.

أسعار مرتفعة للإيجارات

ومع ارتفاع إيجارات العقارات، ارتفعت إيجارات المحلات التجارية من مبلغ لا يتجاوز الـ25 ألفاً في العام 2015 إلى مبالغ تتراوح بين 150 و200 ألف اليوم، نتيجة للانتعاش الاستثماري في المحافظة، والذي برزت معه خلال السنوات الثلاث الماضية، عدد من المشاريع الاستثمارية الجديدة في المدينة منذ تحريرها في أواخر العام 2015م، تجاوزت تلك الاستثمارات الـ1000 مشروع تجاري، حيث بلغت المشاريع التجارية الجديدة حتى شهر يونيو 2017م، 800 مشروع، بحسب مصادر في السلطة بالمحلية.
وارتفعت عقارات الأراضي، بشكل جنوني، في المحافظة، ففي أحد أرصفة شوارع مدينة مأرب الرئيسية تتواجد قطعة أرض لا تتجاوز مساحتها 100 متر مربع، لم تكن قيمتها قبل 4 سنوات، 40 مليون ريال يمني، لكنها اليوم معروضة للبيع بمبلغ يتجاوز ملياراً و300 مليون ريال يمني، وفقاً لسكان محليين.
ويقول وكيل محافظة مأرب، الدكتور عبدربه مفتاح، لـ”المشاهد” إن هناك نشاطاً كبيراً في الجانب الاستثماري تشهده المحافظة في بناء المحلات التجارية والأسواق الكبيرة والفنادق والمطاعم وغيرها، لافتاً إلى أن محافظة مأرب أصبحت اليوم تشهد نهضة عمرانية وتجارية كبيرة في ظل تدفق مئات الآلاف من النازحين إليها من المحافظات التي تحتلها جماعة الحوثي.
ويؤكد الوكيل مفتاح، على أن السلطة المحلية تولي قطاع الاستثمار جل اهتمامها، مشيراً إلى حرص قيادة المحافظة والسلطة المحلية على تقديم كافة التسهيلات لرجال الأعمال، وتشجيعهم على استثمار أموالهم في محافظة مأرب وعاصمتها على وجه التحديد.

إقرأ أيضاً  عادات وتقاليد العيد في المحويت

نهضة عمرانية

شهدت مأرب قفزة نوعية في البناء والاستثمار، تحركت معها عجلة التنمية في كافة المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية، بحسب تأكيد مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل حسن مبخوت الشبواني، لـ”المشاهد”، لافتاً إلى أن المدينة التي كانت عبارة عن شارعين في السابق، هما الشارع العام وشارع 26 سبتمبر، اليوم أصبحت مترامية الأطراف، تتواجد فيها العديد من الشوارع التي تصطف على جنباتها العمارات الكبيرة والفنادق والمولات التجارية الكبيرة.
وتوزعت تلك المشاريع الاستثمارية، وفق ما يؤكد الشبواني، بين شركات ومؤسسات تجارية وصناعية، ومقاولات، وكسارات أحجار، ومصانع مياه صحية، ومحلات تجارية، ومطاعم، وفنادق، ومصانع طوب بناء وخرسانة، ومحلات صرافة، وأسواق تجارية، ومتنزهات، ومكاتب سفريات وسياحة.
ويؤكد الشبواني أن هذه القفزة النوعية في البناء والعمران، التي شهدتها مدينة مأرب، تأتي نتاجاً للنشاط التجاري والاستثماري المحموم من قبل المستثمرين الوافدين إلى المحافظة إبان الحرب الدائرة المندلعة منذ أواخر العام 2014م، مشيراً إلى أن هذا التطور في البناء والعمران لم يخلُ من مشاكل أعمال البناء العشوائي التي تتواجد بشكل كبير في المدينة وأطرافها، والتي تعمل الجهات المختصة في السلطة المحلية على متابعتها وضبطها.
ويتوافد المواطنون إلى مكتب الأشغال العامة بالمحافظة، لاستخراج تصاريح البناء، بشكل يومي، وفق إفادة المهندس صلاح التام، المختص في قطع تراخيص البناء بالمكتب، لـ”المشاهد”.
ويؤكد أن تصاريح وتراخيص البناء التي يقدمها المكتب تزايدت بشكل كبير جداً مع هذا النشاط الكبير في البناء، فقد وصلت في العام 2018 إلى قرابة 30 ترخيصاً يتم قطعها في الشهر الواحد، لافتاً إلى أن التراخيص المقدمة للمكتب تزايدت إلى الضعف خلال العام 2017، حيث يصدر المكتب ما بين 15 و20 ترخيصاً في الشهر الواحد.

64 مليوناً ضرائب العقارات

يؤكد تقرير مكتب الضرائب بالمحافظة، لشهري يوليو وأغسطس الماضيين، حصل “المشاهد” على نسخة منه، أن ضريبة المبيعات العقارية خلال الشهرين بلغت 64 مليوناً و958 ألفاً و603 ريالات (ما يعادل 92 ألف دولار أمريكي).
وبين التقرير أن ضريبة المبيعات العقارية في شهر أغسطس وحده بلغت 34 مليوناً و799 ألفاً و991 ريالاً، في حين بلغت في شهر يوليو الذي يسبقه 30 مليون ريال.
مأرب الغنية بالنفط، انتفضت من بين ركام غبار الصحراء، وأضحت تشهد حركة تجارية ونشاطاً عمرانياً كبيراً، تقول مصادر مهتمة بالانتقال النوعي الذي شهدته المدينة، إن هذه الحركة والنشاط تصل نسبته إلى 300%، مقارنة بما كانت عليه قبل التحرير، موضحة أن المدينة فتحت فيها خلال هذه النهضة النوعية مئات المحلات التجارية الصغيرة والمؤسسات التجارية الكبيرة، لافتة إلى أنه لا يزال هناك عدد كبير من رؤوس الأموال الكبيرة تجري حالياً دراسات حول إنشائها واستكمالها.

مقالات مشابهة